
نشر في :11/19/2025, 8:52:06 PM
يشهد عالمنا اليوم تغيير غير مسبوق في طبيعة الوظائف والعمل، إذ أنّ تسارع التطور التكنولوجي يجعل الوظائف المستقبلية مختلفة جذريًا عمّا نعرفه اليوم، فقد شهدنا خلال العقد الأخير ظهور وظائف لم نكن نسمع عنها مسبقًا، هذا التحول لم يأتِ من فراغ، بل بفضل التقنيات الذكية والذكاء الاصطناعي والروبوتات والأتمتة التي فرضت على سوق العمل إعادة تشكيل نفسه بشكل كامل لملائكة المشهد، ومع تزايد التوقعات بأنّ أكثر من 75% من الوظائف لعام 2030 لم تُخترع بعد، هنا يبرز السؤال المُلح: كيف تستعد لهذه اللحظة وتُسابق تحول الأسواق بدلًا من أن تُفاجأ به؟
هدمت التطورات التكنولوجية مع الزمن الكثير من الوظائف، لكن في نفس الوقت خلقت وظائف أخرى كثيرة، فقد أزال دمج الروبوتات والذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي في العمليات المهنية والتشغيلية بعض أنواع الوظائف التقليدية، لكنه خلق أيضًا وظائف أخرى جديدة، على سبيل المثال ساهمت روبوتات شركة أمازون المُستخدمة في الولايات المتحدة الأمريكية في تنفيذ مهام بشرية وحلّت مكانهم، لكنها في نفس الوقت فتحت الباب أمام وظائف حديثة، مثل الميكانيكيين المتخصصين في صيانة وإصلاح تلك الروبوتات.
كذلك، ساهم ظهور تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي مثل، ChatGPT و DeepSeek وغيرها، في تحسين جودة الحياة اليومية، لكنه بالمقابل شكّل تهديد واضح لبعض الوظائف التقليدية في العديد من القطاعات،مثل وظائف التسويق وخدمة العملاء والكتابة والتحرير والتدقيق وغيرها الكثير.
دقّ المنتدى الاقتصادي العالمي وشركة ماكينزي الأمريكية للاستشارات الإدارية ناقوس الخطر بشأن التغيرات القادمة على الفرص الوظيفية والسوق، فقد أشار المنتدى إلى أنّ 50% من الموظفين في عام 2025 هم بحاجة إلى إعادة التأهيل المهني في القريب العاجل، في حين أشار تقرير لشركة ماكينزي إلى أنّ 30% من ساعات العمل في أمريكا سيتم أتمتتها بحلول 2030 و27% في أوروبا، في ظل زيادة الاعتماد على الذكاء الاصطناعي التوليدي، وحتى من دونه، سيظل خُمس ساعات العمل معرضًا للأتمتة.
السؤال الأهم هنا: ما هي أحدث القدرات والمهارات التي يتوجب على المؤسسات تجهيز موظفيها بها؟ فهي تنقسم إلى ثلاث فئات رئيسية، وهي:
في السابق كانت فقط أقسام تكنولوجيا المعلومات هي المعنية بالاهتمام بالتكنولوجيا والتقنيات الحديثة، لكن اليوم نجد أنّ الأمر مختلف تمامًا، فقد أصبح الإلمام بها أمرًا محتومًا للكثير من الأدوار الوظيفية، وبالتأكيد الوظائف المستقبلية تحتاج للمزيد من الخبرة والمعرفة في هذا الجانب.
إذ تحتاج وظائف الغد إلى مهارات التفكير التحليلي للتمكن من قراءة البيانات المتوفرة وتحليلها واتخاذ القرارات بناءً على النتائج، مع ضرورة إتقان أدوات الأتمتة والذكاء الاصطناعي لفهم كيفية عملها واستخدامها بكفاءة وذكاء، ليس المطلوب تصميم نماذج معقدة، إلى جانب الإلمام في أساسيات الأمن السيبراني والعمل في بيئات تقنية متنوعة.
في وقت يمكن للآلة تنفيذ المهام الروتينية بسهولة وسرعة أكبر، لماذا لا يزال يُحافظ أصحاب العمل على الإنسان؟ ببساطة لأنّه قادر على تقديم مهارات لا يمكن للآلة في يوم تنفيذها، مهما بلغت من تطور، بما فيها الإبداع البشري الذي لا تستطيع أي خوارزمية محاكاته والخيال والمرونة والتكيف السريع مع المتغيرات والقيادة وإدارة الموارد البشرية داخل المؤسسات، هذه المهارات تضمن حصانة مهنية للمهنيين ليجدوا لهم أماكن في مهن المستقبل.
في ظل انتشار أساليب العمل الهجينة والافتراضية، أصبح موضوع القدرة على العمل المرن غير المُتزامن ضرورة استراتيجية للاستمرار، إذ تفرض وظائف المستقبل التمتع بمهارة التواصل غير المُتزامن، أي القدرة على إرسال رسائل تُغني عن الاجتماعات المتكررة بشكل واضح وموجز، كذلك مهارة إدارة الوقت وتنظيم الأولويات وإتقان أدوات العمل عن بُعد، مثل Slack وAsana وMiro وGoogle Workspace، بما يضمن سير العمل بسرعة ومرونة.

الوظائف المستقبلية ستكون لمن يطوّر نفسه قبل أن يتغيّر السوق، لذا سواء كنت مهني يرغب بأن يجد له مكانًا في المستقبل أو صاحب عمل يتوجب عليه تطوير مهارات موارده البشرية للاستعداد للمستقبل، فإنّ ثقافة إعادة التأهيل والتدريب لا بدّ أن تكون جزء رئيسي من استراتيجياتك، والتي يمكن بناؤها عبر:
في البداية عليك إجراء تقييم واقعي للمهارات التي تمتلكها، أو يمتلكها أعضاء فريقك، لتحديد القدرات الحالية، ومن ثمّ مقارنتها مع القدرات والمهارات التي تتطلبها خطط المؤسسة على المدى البعيد، خصيصًا في مجال الأتمتة والذكاء الاصطناعي والعمل غير المُتزامن، كذلك جمع ملاحظات المدراء والموظفين وتحليل بيانات الأداء لتحديد الاحتياجات الفعلية ووضع خطة لتلبيتها.
من خلال توفير برامج التدريب والإرشاد يمكن المساعدة في تنفيذ الخطة وضمان نجاحها، وذلك يتطلب الانتقال من اتباع الدورات المتفرقة إلى وضع مخطط استراتيجي يوفر برامج التعليم المستمر والمرن، كذلك تساعد بعض الممارسات في هذه المهمة، مثل دمج برامج التدريب الرسمية مع التوجيه والإرشاد وتوفير التعلّم من الأقران ودعم عمليات التنقل الداخلية ضمن المؤسسة لفتح مسارات داخلية للنمو.
نحن في مركز لندن بريمير سنتر نقدم لك مجموعة كبيرة من الدورات التدريبية في عدد من التخصصات المتنوعة لنضمن لك أبواب النجاح في أي مهنة أو تخصص ترغب به، اكتشف دوراتنا الصفية المتوفرة مثل دورات تدريبية احترافية في دبي ولندن وبرشلونة وباريس وأمستردام وإسطنبول والقاهرة وكوالالمبور، إضافةً إلى توفر جميع الدورات والتخصصات أونلاين.
عندما تعتبر التعلم جزءًا أساسيًا من يوم العمل، ليس مهمة خارجية، فإنّك بذلك تستثمر في نفسك والآخرين بدون أي مجهود إضافي يُطبق لفترة قصيرة فقط، لذا حاول توفير برامج تدريب مجانية واستثمر في برامج تدريب شاملة لضمان النجاح، مبادرة أمازون "تطوير المهارات 2025" خير مثال على ذلك، فقد خصصت أمازون 1.2 مليار دولار لإعادة تأهيل مائة ألف موظف من فريقها.
اعتماد مقاييس ومؤشرات واضحة للتعلم وتحديد أهداف قابلة للقياس والاحتفاء بإنجازات الموظفين وتحفيزهم من خلال الحوافز والمكافآت وربط الالتزام بالتطوير المهني بالتقييمات السنوية والترقيات، جميعها ممارسات تساعد في هذه الخطوة لدفع عجلة الابتكار والإبداع.
من خلال توفير مصادر متاحة للجميع للتعلم، مثل المكتبات والمؤتمرات، ومشاركة الخبرات والمعارف وتوثيق العمليات باستمرار، وكذلك تعزيز التعلم الذاتي والاجتماعي وتطوير القيادة بما يتلائم مع قيم المؤسسة.
حتى ولو كانت التكنولوجيا هي من تتحكم في شكل سوق العمل، يبقى الاستعداد الجيد لذلك الاضطراب هو من يصنع الفرق ويحدد من سينجو ومن سيزدهر، الوظائف المستقبلية ليس بالبعيدة، فهي تُخلق الآن، فمن يطوّر نفسه ويستثمر في ذاته ويحتضن التحولات قبل أن تبدأ، هو من سيكون قادرًا على الاستفادة من العالم الجديد ويجعل التغيير يصب في مصلحته.