مستقبل تخصصات الذكاء الاصطناعي في العالم العربي: فرص وتحديات


دورات ذكاء اصطناعي في دبي

نُشِر في Apr 15, 2025 at 08:04 PM


تلقى تخصصات الذكاء الاصطناعي المزيد من الاهتمام عربيًا في الآونة الأخيرة، خاصةً في ظل التحول الرقمي الشامل الذي تعيشه دول المنطقة، إذ لم يعد هذا التخصص حكرًا على الدول المتقدمة، بل أصبح جزءًا أساسيًا من البرنامج الوطني والاستراتيجيات الهادفة للتنمية الوطنية، لا سيما في دول متقدمة مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. 

في هذا المقال سنناقش مستقبل تخصصات الذكاء الاصطناعي في العالم العربي وما هي أبرز فرص وتحديات هذا المجال المتطور والمتغير في كل ثانية.   

ما أهمية تخصصات الذكاء الاصطناعي في بناء الاقتصاد العربي الجديد؟     

تسعى معظم اقتصادات الدول العربية اليوم إلى فكّ ارتباطها بالموارد التقليدية مثل النفط والغاز والتصنيع، وبدأت بالبحث جديًا عن مصادر أخرى بديلة ومستدامة لضمان نموها ومواكبتها للمتطلبات العالمية الحالية، ومن هنا تأتي أهمية الذكاء الاصطناعي (Artificial Intelligence) بتخصصاته المختلفة كأداة فاعلة لإعادة هيكلة مختلف أنواع القطاعات الحيوية من خلال أتمتة العمليات وتحسين الخدمات وتقديم حلول مبتكرة قائمة على تحليل البيانات الضخمة.

كذلك تظهر استخدامات تخصصات الذكاء الاصطناعي في قطاعات الصحة والطاقة والتعليم وحتى الأمن السيبراني، إذ تتوجه جميع مساعي الحكومات لتحسين الكفاءة وتقديم خدمات أكثر ذكاء وفعالية. 

وتتنوع تخصصات الذكاء الاصطناعي لتشمل:ي:             

  • التعلم الآلي (Machine Learning): يختص فرع التعلم الآلي من بين تخصصات الذكاء الاصطناعي بكل ما يتعلق بإعداد وتصميم وبرمجة الخوارزميات البرمجية ذاتية التعلم من المعلومات والبيانات المتوفرة لديها، وبناءً عليه تعمل على تقديم تنبؤات دقيقة من دون الحاجة لأي برمجة صريحة.
  • التعلم العميق (Deep Learning): يتخصص هذا الفرع بالشبكات العصبية العميقة ويعتمد عليها في كل عملياته، ومن استخداماته دراسة الصور والفيديوهات وفي التعرف على الأنماط.
  • معالجة اللغة الطبيعية (NLP): تهتم هذه المعالجة بإنشاء أنظمة تستطيع فهم اللغة البشرية واستخدامها في تطبيقات مختلفة، بما في ذلك روبوتات الدردشة والترجمة الآلية.
  • علم البيانات (Data Science): هو تخصص من تخصصات الذكاء الاصطناعي التي يتم فيها دراسة الطرق الأمثل لجمع كميات ضخمة من المعلومات ومعالجتها وتحليلها لاستخلاص رؤى تنبؤية تدعم الرؤية والقرارات الاستراتيجية.
  • الروبوتات والأنظمة الذكية (Robotic & Intelligent Systems): يركّز هذا الفرع على أسس وخوازميات تطوير وتصميم وهندسة الروبوتات القادرة على التفاعل مع البيئات المحيطة وتنفيذ مهام معقدة في مجالات متعددة بدقة وفعالية.
  • رؤية الحاسوب (Computer Vision): يسمح هذا الاختصاص للأجهزة والآلات رؤية وتحليل الصور والفيديوهات والشبكات بشكل دقيق للغاية، وهو يُستخدم في الأمن والمجال الطبي.
  • الذكاء الاصطناعي العام (AGI): يشير  هذا التخصص إلى بناء أنظمة تستطيع القيام بجميع المهام البشرية من قبل الحاسب دون الحاجة لأي تدخل بشري بشكل عام.
  • أخلاقيات الذكاء الاصطناعي (AI Ethics): يضم هذا التخصص كافة القضايا المتعلقة بالخصوصية والتحيز والمسؤولية الأخلاقية من استخدامات الذكاء الاصطناعي والتطبيقات العملية لها من الجانب البشري والتقني.
  • هندسة الذكاء الاصطناعي (AI Engineering): تجمع هذه الهندسة ما بين البرمجة في اللغات البرمجية المختلفة وبين هندسة النظم لإنشاء تطبيقات قابلة للتطوير والتعلم والدمج في أعقد بيئات العمل.

     

وبهذا التنوع، تتيح تخصصات الذكاء الاصطناعي فرصًا حقيقيةً لبناء اقتصاد عربي جديد قائم على الكفاءة والابتكار والتنافسية العالمية.   

ما هي التحديات التي تواجه تخصصات الذكاء الاصطناعي في المنطقة؟     

رغم التقدم الملحوظ في اعتماد الذكاء الاصطناعي في المنطقة، إلا أنّه يوجد بعض التحديات التي تعيق انتشار تخصصات الذكاء الاصطناعي بالشكل الأمثل، ومنها:     

نقص الكفاءات والمهارات المتخصصة:    

تعاني الدول العربية من نقص كبير في مهندسي واخصائيِّ الذكاء الاصطناعي من علوم بيانات وتعلم آلي، إذ لا تزال الجامعات والمؤسسات الأكاديمية في مرحلة بناء المناهج وتطوير الكوادر وقد تحتاج إلى سنوات لانتهائها، في حين يزداد الطلب على هذه المهارات في السوق، لذا لا بدّ من التحرك سريعًا.

غياب الأطر التنظيمية والتشريعية:     

تفتقر معظم الدول العربية إلى قوانين وتشريعات واضحة تضبط تطبيق تخصصات الذكاء الاصطناعي، الأمر الذي يثير موجة من الغموض القانوني في مجالات مثل خصوصية البيانات وأخلاقيات الاستخدام والمساءلة القانونية للمخالفين.     

ضعف البنية التحتية الرقمية:     

لا يزال التحول الرقمي في بعض الدول العربية مقيد بعض الشيء نتيجة مجموعة من التحديات المتعلقة بالبنى التحتية التكنولوجية، مما يؤثر على قدرة المؤسسات على تبني حلول الذكاء الاصطناعي بشكل واسع وفعّال، وهذا يتطلب منهم تحسين البنية الرقمية ليكونوا قادرين على استيعاب وتطبيق أنظمة الذكاء الاصطناعي المتقدمة.     

نقص الوعي المجتمعي:     

لا تزال الكثير من تخصصات الذكاء الاصطناعي غير معروفة لدى شريحة واسعة من المجتمع ولا يعرفون مدى أهميتها، مما يحد من الإقبال عليها أكاديميًا واعتمادها في الحياة اليومية أو المهنية.

مستقبل تخصصات الذكاء الاصطناعي في العالم العربي: فرص وتحديات

ما هي أهم الفرص الاستراتيجية أمام الذكاء الاصطناعي في المنطقة؟     

في المقابل، يزخر العالم العربي بمجموعة كبيرة من الفرص التي يمكنها أن تجعل من الدول التي تعمل على استغلالها لاعبًا رئيسيًا على الساحة العالمية في مجال الذكاء الاصطناعي، ومنها:     

استثمارات هائلة في البحث والتطوير:

تُخصص بعض الحكومات العربية ميزانيات هائلة للاستثمار في مجال الذكاء الاصطناعي وتطوير القدرات الرقمية وتمويل مراكز الأبحاث ودعم الشركات الناشئة، على سبيل المثال حكومة المملكة العربية السعودية التي تسعى جاهدة لتقديم مبادرات متعددة مدعومة بمليارات الدولارات لتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي، من أبرزها استراتيجية سدايا.     

شراكات دولية مع كبرى شركات التكنولوجيا:     

تتعاون الحكومات مع مؤسسات وشركات عالمية مثل Google و Microsoft و IBM لنقل الخبرات والتقنيات الحديثة، مما يتيح بناء منظومة محلية متقدمة وقادرة على الابتكار.     

بناء جيل رقمي متمكن:     

أكثر من نصف سكان الدول العربية دون سن الثلاثين، وغالبيتهم يتمتعون بمهارات تقنية عالية، إن تم استثمارهم بالشكل الصحيح فهذه فرصة ذهبية لبناء طاقات بشرية متمكنة وقادرة على قيادة مستقبل الذكاء الاصطناعي في المنطقة.     

سوق ضخم وغير مشبع:     

لم تكمل الكثير من الصناعات العربية مراحل التحول الرقمي لعملياتها، وهذا يعني وجود فرص كبيرة لتطبيق الذكاء الاصطناعي وحل المشكلات الخاصة بالظروف المحلية بطريقة ذكية ومبتكرة، مثل الزراعة الذكية وإدارة المياه.   

ما هي أبرز الدول العربية التي تسير نحو الريادة العالمية في الذكاء الاصطناعي؟     

تُعد السعودية من أكثر البلدان استثمارًا في إعداد بنية تحتية قوية للذكاء الاصطناعي، سواء من خلال جامعات تقدم برامج بكالوريوس ودراسات عليا متقدمة في العلوم الحاسوبية والذكاء الاصطناعي وأحدث البرمجيات، أو من خلال المبادرات الحكومية مثل رؤية 2030 ومشروع نيوم وهيئة سدايا، على الصعيد الأكاديمي تم إطلاق الكثير من برامج البكالوريوس وبرامج التعليم العالي والتي تشمل:        

  • جامعة الملك سعود: تقدم ماجستير في الذكاء الاصطناعي للطلبة يشمل التعلم الآلي وتحليل البيانات.     
  • جامعة الملك عبد العزيز: تقدم أيضًا ماجستير في الذكاء الاصطناعي وتهتم بحصول الطالب على المعرفة الكافية في كيفية استثمار هذا العلم في قطاعات الأعمال التجارية والأمن.     
  • جامعة الأميرة نورة: تُعزز دور المرأة في التقنية والتكنولوجيا من خلال برنامج تخصصي يهتم بتطوير الحلول الذكية وتحليل البيانات وتعلم أخلاقيات الذكاء الاصطناعي.        


في المقابل، أطلقت دولة الإمارات استراتيجيتها الوطنية الخاصة بالذكاء الاصطناعي 2031، وتُعتبر الإمارات من أوائل الدول التي أنشأت وزارة خاصة بالذكاء الاصطناعي.

بالإضافة إلى ذلك، يبرز اسم العديد من المراكز التدريبية المعتمدة التي تقدم دورات متقدمة في مجال الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته، من بينها مركز لندن بريمير سنتر للتدريب المهني الذي يتشرف بتقديم دورات ذكاء اصطناعي في دبي للأشخاص المتواجدين في الإمارات العربية المتحدة وفي فروع المركز الأخرى المنتشرة حول العالم، ويمكن لأي شخص متواجد خارج حدود الإمارات ويرغب بتطوير مهارات الذكاء الاصطناعي لديه بالوصول إلى البرامج عبر دورات أونلاين، يُقدم المركز أيضًا دورات تعليم ذاتي عبر منصة (Self-learning)، يمكنك التسجيل فيها إن كنت تبحث عن الاستقلالية بعيدًا عن نظام الساعات التقليدي.       


ما هي أفضل وظائف الذكاء الاصطناعي في السوق السعودي؟     

تعمل حكومة المملكة العربية السعودية لتوفير عدة فرص عمل لخريجي تخصصات الذكاء الاصطناعي، من بين المجالات الوظيفية التي  ما يلي:

  • عالم بيانات  (Data Scientist) : ويُعد المسؤول عن جمع ومعالجة البيانات وتنظيمها لوضع نماذج تحليلية بالاعتماد على خوارزمية التعلم الآلي، وتقديم نصائح وتو],صيات مبنية على التحليلات الدقيقة لتلك البيانات.
  • مهندس ذكاء صنعي (AI Engineer) : من مهامه بناء وتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي وتحسين أداء الأنظمة الذكية ودمج تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في التطبيقات والمهام اليومية.
  • متخصص تعلم آلي (Machine Learning Specialist): يشترط عليه أن يكون خبيرًا في تصميم خوارزميات تعلم الآلة وتحسين دقة نتائج النماذج، بالاعتماد على أدوات وتقنيات التعلم العميق، والعمل على تطبيق تلك النماذج في مختلف القطاعات التي تتطلب ذلك.
  • محلل بيانات (Data Analyst): هو الشخص المسؤول عن تحليل كل البيانات باستخدام أدوات متقدمة مثل Python وR، وإنشاء تقارير يومية ولوحات معلومات وتقديم نصائح وتوصيات لتحسين الأعمال.
  • مطور روبوتات وبرمجيات ذكية (Robotics & Smart Software Developer): يجب أن يكون على معرفة في كيفية تطوير برمجيات التحكم بالروبوتات والآلات، وتصميم نظم ذكية تحاكي الواقع للتعرف على تفاصيل البيئة واتخاذ القرارات في الوقت الفعلي، كنا عليه أن يعلم كيفية استخدام تلك الآلات والروبوتات في القطاعات الصناعية والخدمية المختلفة.

هل يمكن للعالم العربي أن يقود مستقبل الذكاء الاصطناعي؟     

تكمن الإجابة الحقيقية في مدى التزام كل دولة بمعالجة التحديات الخاصة بها وتعزيز الاستثمار في التدريب  والبحث وتطوير قوانين وتشريعيات متقدمة تُنظم مستقبل العمل وتدعم الابتكار، فالمؤشرات الاقتصادية والتقنية تؤكد أن مستقبل تخصصات الذكاء الاصطناعي في العالم العربي مشرق، وفي ظل التوجهات الإقليمية الحالية، لا يبدو هذا الطموح بعيد المنال، خاصة مع تنامي رغبة الدول في التحول من دول مستهلكة للتكنولوجيا إلى مُنتجة ومطوّرة لها بقدرات شبابها الواعد.

ختامًا،      

الاستثمار في تطوير تخصصات الذكاء الاصطناعي هو فرصة استراتيجية للعالم العربي لإعادة هيكلة اقتصاده وتوفير وظائف نوعية وتعزيز قدرته التنافسية عالميًا، ولكن للوصول لهذه المرحلة لا بدّ من الاستثمار في التعليم وتحديث القوانين وزيادة الوعي المجتمعي وبناء منظومة وطنية متكاملة قادرة على دعم هذه التخصصات المتقدمة.