نُشِر في Mar 09, 2024 at 12:03 PM
في وقتنا الحالي، ونظرًا للطلب المتزايد يومًا بعد يوم للطاقة بأنواعها المختلفة والتناقص التدريجي القائم في احتياطات النفط الخام حول العالم، فإنّ البحث عن موارد أخرى غير تقليدية أصبح ضرورة قصوى لا يمكن تجاهلها، لذلك اجتذب النفط الثقيل ومياه القطران اهتمام شركات النفط والطاقة كمصدر موثوق يمكن الاعتماد عليه في هذه الحالة.
نقدم مقالنا التالي الذي يشرح أكثر عن النفط الثقيل وأسراره، مع الإشارة إلى أبرز التحديات والفرص المستقبلية المرتبطة به.
تختلف أنواع النفط الخام الموجودة حول العالم إذ يوجد ما يزيد عن 150 نوع، ويتم تصنيفها وفقًا لمقياس الجاذبية الذي وضعه معهد البترول الأمريكي (API)، وهو عبارة عن معيار يشير إلى الكثافة أو الجاذبية النوعية للنفط بتدرجات تتراوح بين 10 إلى 50، حيث يدل الرقم المرتفع على نفط أخف وزنًا وأكثر سيولة والعكس صحيح.
بالنسبة للنفط الثقيل فإنّه يحصل على رقم جاذبية أقل من 20 وبالتالي فإنّه سائل كثيف وسميك ويتدفق بصعوبة، وذلك بسبب تكوينه الكيميائي فهو يتكون من سلاسل طويلة من جزيئات الكربون والهيدروجين، لمعلومات أكثر سجل في دورات نفط وغاز في دبي واطلع على المزيد من التفاصيل حول أنواع الوقود الأحفوري المختلفة وخصائصها.
يتميز هذا النوع من النفط بتكاليفه المنخفضة بالنسبة لمصافي التكرير، لكن عملية المعالجة والتكرير تتطلب تكاليف مرتفعة مقارنةً بالنفط الخام المعروف الذي ينتج عنه أنواع الوقود المختلفة مثل الديزل والبنزين والكيروسين، بينما ينتج عن النفط الثقيل مشتقات تدخل في الصناعات البلاستيكية والبتروكيماويات وفي تزفيت الطرق، ويمكن معالجته أيضًا ليصبح وقودًا يستخدم في وسائل النقل والتطبيقات الأخرى.
يرتبط استغلال مكامن النفط الثقيل بمجموعة من القيود والمخاطر التي تحد بعض الشيء من الانتشار الكبير لهذا الاستغلال، على سبيل المثال تعتبر تكاليف استخراج رمال القطران التي يستخرج منها النفط الثقيل ذات تكلفة عالية إذا ما تم مقارنتها مع مصادر النفط التقليدي، علاوةً على الضرر الذي تلحقه تلك الرمال بالمعدات والآلات كونها تسبب تأكل سريع فيها بسبب خواصها الكيميائية.
من ناحية أخرى، تبرر الرغبة المنخفضة لاستخدام النفط الثقيل كمصدر للطاقة نتيجة تكاليف الاستخراج والمعالجة المرتفعين مقارنةً بالنفط التقليدي الخفيف، إذ يُحرق ما يعادل برميل من النفط للحصول على الحرارة اللازمة لإنتاج برميلين من النفط الثقيل المسترد، وهذا يعني خفض كمية النفط القابل للاستخراج من البئر بنسبة ثلث الكمية.
ناهيك عن الآثار البيئية السلبية الناتجة عن عمليات الاستخراج والإنتاج، خاصةً تلك المتعلقة بكميات المياه المستخدمة والتي قد تكون موردًا نادرًا في بعض الأماكن، وكذلك الانبعاثات الكربونية الناتجة عن حرق الوقود الأحفوري للحصول على الطاقة المطلوبة للقيام بعمليات الإنتاج، تحتاج عملية نقل النفط الثقيل بواسطة الأنابيب إلى طاقة إضافية لتسخينه ليصبح قابلًا للإسالة بالمعدل المطلوب، وهذا يعني حرق كميات إضافية من الوقود الإحفوري.
معدلات الاسترداد من حقول النفط الثقيل منخفضة جدًا مقارنةً بمعدلات الاسترداد من الحقول التقليدية، إذ يُنتج كل بئر حوالي 5 إلى 100 برميل نفط ثقيل يوميًا مقابل 10 آلاف برميل تقريبًا نفط خفيف لكل بئر يوميًا، لذا لسد الطلب يتعين على الشركات المشغلة البحث واستثمار المزيد من الآبار، وهذا يزيد بدوره تكاليف التطوير بشكل كبير.
بالرغم من جميع التحديات المرتبطة بإنتاج واستخراج النفط الثقيل، إلا أنّ الحاجة لسد الطلب العالمي على الطاقة سيفرض على الشركات العاملة بقطاع النفط والغاز البحث عن حلول وتقنيات جديدة لمعالجة تلك المشاكل واستخدامها بشكل مستدام.
يتوقع نمو سوق النفط الثقيل عالميًا نموًا قويًا بين عام 2024 وعام 2031 وبمعدل ثابت في ظل استراتيجيات التسويق التي تضعها الدول اللاعبة الرئيسية في هذا المجال، حيث ستبقى الولايات المتحدة الأمريكية بشكل خاص، ودول أمريكا الشمالية بشكل عام، ذات دور مؤثر وهام لا يمكن تجاهله، كذلك الدول الأوروبية لها دور هام في السوق العالمية
كذلك من المتوقع أن يزيد استخدام التكنولوجيا وتطبيقات الذكاء الصنعي والتعلم الآلي من خلق فرص مميزة للسوق للنمو والازدهار أكثر وتحسين المنتجات النهائية، مما يوسع من مجالات استخدام هذا النوع من النفط، مما يدفع الدول والشركات للمزيد من الاستثمار في هذا المجال لدعم مستقبل النفط والغاز العالمي.
ختامًا،
قطاع النفط الثقيل مثله مثل بقية قطاعات النفط والغاز الأخرى، تمر في مراحل ركود تارةً وطلب زائد تارةً أخرى، لكن تبقى مساعي الدول للتخلص من مصادر الوقود الأحفوري بأنواعه المختلفة الشغل الشاغل لهم للبحث عن طاقة أنظف وأكثر أمانًا.