التحديات والابتكارات في عملية تكرير النفط: نحو مستقبل أكثر استدامة


تكرير النفط

نُشِر في Feb 10, 2024 at 11:02 PM


تشهد عملية تكرير النفط تطورات وتغيرات كبيرة مؤخرًا في ظل الابتكارات الحديثة والسعي إلى رقمنة هذا القطاع الرابح جدًا، لكنها بالمقابل تمتلك مجموعة من التحديات الهامة والتي تعمل على مواجهتها والخروج بأقل الخسائر منها، في مقالنا التالي سوف نتعرف على أهم تلك التحديات والابتكارات المرتبطة بعملية تكرير النفط للوصول إلى مستقبل أكثر استدامة.

 

ما هي التحديات التي تعترض صناعة تكرير النفط؟

تعتبر صناعة النفط والغاز من أهم الصناعات الرائدة حول العالم اليوم، لكنها تمتلك عددًا من المخاطر والتحديات التي تحد من توسيع الأعمال، فيما يلي أهم التحديات التي تواجه عملية التكرير التي تعد أهم مراحل هذه الصناعة:

  • خفض الانبعاث:

عدد سكان العالم في تزايد يوميًا وهو ما يفرض زيادة الطلب على الطاقة، لكن ذلك محكوم بمعايير السلامة أيضًا، حيث يسعى العالم اليوم للوصول إلى طاقة كافية لكن بشرط أن تكون نظيفة قدر الإمكان من خلال خفض الانبعاثات الكربونية التي تنتج عن عمليات تكرير النفط.

 هذه المهمة ليست بالمهمة السهلة، ولكن استطاعت بعض الشركات المستثمرة في قطاع النفط والغاز من تحقيق ذلك، حتى لو جزئيًا، في يومنا هذا تبحث الكثير من الحكومات والشركات ومعاهد الأبحاث جاهدةً في سبل خفض الانبعاثات لإنتاج طاقة أنظف، قد يكون ذلك بحاجة لبعض الوقت، لكن من المتوقع تحقيق ذلك بحلول العام 2050 في حال استمرت تلك القطاعات بما تعمل عليه.

 

  • التقلب في سعر النفط الخام والمنتجات البترولية:

تؤثر أسعار النفط الخام ومشتقاته على عمل مصافي النفط فهي تؤثر على هوامش الربح لديها، إذ لا يمكن التنبؤ بالسوق فهو قائم على عدد من العوامل الخارجية مثل الأحداث السياسية والاجتماعية والاقتصادية والمتطلبات الموسمية وغيرها.

  • جودة النفط الخام:

جودة النفط الخام المتوفر حاليًا ليست مثل جودته سابقًا ولذلك تأثير كبير على عملية التكرير، حيث تفرض الجودة السيئة للنفط الخام المستخدم ضمن المصفاة تحديات على فريق العمل بشأن المعالجة الأمثل له للحصول على منتجات تتوافق مع المواصفات العالمية، من الممكن أن تحدث عمليات تكرير غير فعالة وأن تتحمل المصفاة تكاليف هائلة دون أي عائد.

  • التغير في الطلب:

قد يكون الطلب على نوع محدد من المشتقات البترولية خلال فترة ما منخفض جدًا، ذلك يسبب فائض في الإنتاج مما قد يهدد بإيقاف كامل عملية التكرير، لذا يجب أن تكون المصافي مزودة بمساحات واسعة للتخزين.

  • عدم توفر القوى العاملة:

العمال المهرة وذوي الخبرة عنصر هام في ضمان التشغيل الموثوق لمنشآت التكرير، لكن صناعة النفط والغاز تواجه تحدً كبير بهذا الشأن، فالعمال الخبراء يتقاعدون دون وجود بديل ذو خبرة مماثلة ليحل مكانهم، الأمر الذي يفرض على الشركات وضع برامج تدريب قوية لتدريب القوى العاملة لديهم، ننصحك بالاطلاع على دورات تدريب في مجال النفط والغاز التي يوفرها مركز لندن بريمير سنتر فهي طوق النجاة الذي يحول دون الوقوع في هذه المشكلة.

  • التحديات التكنولوجية:

كل يوم يظهر ابتكار جديد في الصناعة ويتطلب من المصافي التعديل على سلسلة التشغيل لديها لتبني التقنية الجديدة، وهو ما قد يسبب تعطيل في عملية التكرير لبضع الوقت، كما يتطلب تحليل كل تقنية جيدًا قبل تبنيها لضمان المحافظة على هوامش الربح وتحسينها وإلا فقد تتكبد خسائر وحسب.

 

ما هي أهم الابتكارات في عملية تكرير النفط؟ 

يتم تطوير مختلف مراحل إنتاج وتكرير النفط من الحقول إلى مصافي التكرير والإنتاج انتقالًا إلى مرحلة النقل والتوزيع إلى المستهلكين النهائيين، فيما يلي أهم الابتكارات التي تستخدم اليوم في مرحلة تكرير النفط لإنتاج مشتقات ذات جودة عالية والاستفادة من كل نقطة نفط، وهي:

تكرير النفط

  • استخدام التقنيات الرقمية المتقدمة:

تدخل التقنيات الرقمية الحديثة، بما فيها الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات والتعلم الآلي والتحليل التنبؤي، في التكنولوجيا النووية وصناعة النفط والغاز في سبيل تحسين الإنتاجية والتقليل من تكاليف الاستثمار والإنتاج، وقد أثبتت تلك التقنيات فاعليتها في ذلك.

  • استخدام تقنيات استخلاص النفط المعزز:

تُستخدم تقنية الاستخلاص المعزز للنفط في استخراج الاحتياطات التي يصعب الحصول عليها بالطرق التقليدية، ويعتبر استخدامها ضرورة مُلحة في وقتنا الحالي لكونها تزيد من إنتاج النفط فهي تسمح بزيادة نسبة الاسترداد بنحو 30% إلى 60% من النفط الموجود في البئر، وبالتالي تطوير عملية التكرير.

تقوم التقنية على ضخ بعض الغازات (ثاني أكسيد الكربون على سبيل المثال) إلى الخزان مما يزيد من ضغط تلك الخزانات وبالتالي يتدفق النفط باتجاه آبار الإنتاج نتيجةً لتغير خصائصه، تُستخدم تقنية أخرى كائنات دقيقة مصممة خصيصُا لتوليد مواد كيميائية ضمن الخزان مما يساعد في تسهيل حركة السائل ضمنها وتُعرف باسم الاستخلاص المعزز للنفط الميكروبي.

  • إدارة المياه:

ينتج عن عملية تكرير النفط كميات كبيرة من المياه التي يجب التعامل معها بطريقة خاصة للتخلص منها دون إلحاق أي ضرر بالبيئة المحيطة بالموقع، لذا يمكن تطبيق بعض الممارسات الفعالة في إدارة المياه أن يساعد من تطوير عملية تكرير النفط ودعم الابتكارات في صناعة النفط.

  • الاستثمار في احتجاز الكربون وتخزينه:

لطالما كان خفض الكربون الشغل الشاغل لشركات النفط للتخفيف من الاتهامات الكبيرة التي تواجهها بشأن التغير المناخي وثقب الأوزون، انتشرت مؤخرًا تقنية حديثة تتعلق بالأمر وهي تقنية احتجاز الكربون واستخدامه وتخزينه (CCUS) وحظيت بشعبية كبيرة، تقوم هذه الآلية على التقاط ذرات ثاني أكسيد الكربون التي تنتج عن عمليات التكرير ليتم حبسها ضمن الهيدروكربونات ونقلها عبر خطوط الأنابيب. 

  • تطوير مواد متقدمة:

تعمل الشركات المشغلة لمصافي التكرير وحقول الحفر والإنتاج على تطوير مواد ومعدات متقدمة لدعم الابتكار في هذه الصناعة، وهي تشمل أنظمة التحكم ومعدات التشغيل والإنتاج، بما فيها الصمامات والمقاييس والمتحكمات وخطوط الأنابيب وغيرها، بحيث تكون أكثر مقاومة للتآكل وأكثر استقرارًا في درجات الحرارة العالية.

علاوةً على ذلك ظهرت تقنية جديدة كليًا وهي طباعة أجزاء المعدات باستخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد، مما يسمح بطباعة أي جزء من المعدات والآلات اللازمة لعملية التشغيل بشكل متطابق تمامًا وموثوق، خاصةً في الأماكن البعيدة والنائية، يساعد ذلك في خفض وقت توقفها بنسب تصل إلى 15%.

 

ختامًا،

 

سيبقى العالم بحالة طلب مستمر للمشتقات النفطية حتى عقود كثيرة قادمة، لن يكون ذلك الطلب مجابًا بمجرد التزويد بالمشتقات بل بأنّ تكون عملية الحصول عليها أنظف وبأسعار مقبولة، لذا لا بدّ من إيجاد حلول للتحديات التي سبق لنا ذكرها، سيكون ذلك ممكنًا من خلال دعم الابتكار والتطور في عملية التكرير للوصول إلى مستقبل أكثر استدامة.