النمذجة المالية في صناعة النفط والغاز


النمذجة المالية للنفط والغاز

نُشِر في Dec 14, 2022 at 06:12 PM


إن كنت ترغب في الحصول على وظيفة مالية في مجال صناعة النفط والغاز لا بدّ لك من اكتساب خبرة ومعرفة مقبولة نوعًا ما حول كيفية إعداد وتطوير النمذجة المالية للشركات ومراجعتها وتحليلها.

 

تابع معنا لتتعرف أكثر حول النمذجة المالية بشكل عام وبِمَ تختلف في صناعة النفط والغاز عن باقي الصناعات، ابدأ بعدها في الاستثمار الناجح في النفط والغاز.



 

ما هي النمذجة المالية (Financial Modeling)؟

 

النمذجة المالية عبارة عن مجموعة من العمليات الفعالة والتي تقوم على إنشاء مُلخص يضم مصاريف ونفقات الشركة والأرباح المحققة على شكل جداول بيانات يمكن استخدامها في توقع وحساب أي تأثير لأي حدث أو قرار في المستقبل، والتنبؤ بالأداء الحقيقي للشركة.

 

ببساطة، النمذجة هي أداة تقوم على بناء تمثيل رياضي لبعض من عمليات الشركة أو كلها في الماضي والحاضر والمستقبل المتوقع، والهدف الأساسي الذي تطمح بالوصول إليه، حيث تستخدم هذه النماذج كأداة لصنع القرار ومقارنة الشركة مع منافسيها في الصناعة.

 

وتُستخدم من قبل المسؤولين التنفيذيين في الشركات لتوقع الأرباح وتقدير كلفة الإنتاج للمشاريع الجديدة المقترحة، فضلًا عن التخطيط الاستراتيجي وتحديد المخرجات والميزانيات وتخصيص موارد الشركة.

 

يُستخدم النموذج المالي أيضًا من قبل المحليين الماليين من أجل شرح أو تحليل القوائم أو التنبؤ بتأثير الأحداث الرئيسية على أسهم شركاتهم مستقبلًا، سواء العوامل الداخلية المتمثلة بتغيير استراتيجيات الشركة أو نماذج الأعمال أو العوامل الخارجية المرتبطة بالسياسات الاقتصادية للدول.

 

 

كيف تعمل النمذجة في صناعة النفط والغاز؟

 

تتمتع الشركات العاملة في مجال النفط والغاز والتعدين والموارد الطبيعية بنموذج تجاري بسيط يتلخص بالبحث عن الموارد القيّمة والعثور عليها لتبدأ بعدها عملية استخراجها من باطن الأرض وتحويلها إلى منتجات مفيدة، ومن ثمّ بيعها للعملاء.

 

ولكن عند قراءة هذا النموذج بعناية، سوف تلاحظ على الفور أن الأمور أكثر تعقيدًا من ذلك، إذ يوجد بعض الاعتبارات الخاصة.

 

حسنًا، على ماذا نركز؟ هل على إيجاد الموارد الثمينة؟ أم معالجتها وتحويلها إلى منتجات مفيدة؟ أم نقلها وبيعها؟ أم على كل تلك الأمور سويةً؟

 

دعونا نتناول النقاط السابقة نقطة تلو الأخرى لنرى كيف تنقسم هذه الصناعة:

 

  • بدايةً مع شركات التنقيب والاستخراج، والتي تُركز في عملها على البحث عن مكامن الموارد والمعادن حول العالم للبدء باستخراجها من باطن الأرض.
  • تأتي بعدها شركات النقل والتوزيع والتي تُركز في عملها على مهمة النقل الآمن للنفط والغاز والمنتجات الأخرى إلى الشركات التي ستؤمن بيع هذه المواد، غالبًا ما تتم العملية بإستخدام شبكة من خطوط الأنابيب التي تعبر من خلالها هذه السلع إلى مسافات كبيرة.
  • ثمَّ شركات المصب وهي الشركات المسؤولة عن تكرير وتسويق المشتقات البترولية وتحويلها لتصبح منتجات مفيدة قابلة للاستخدام من قبل العملاء، مثل البنزين والديزل والزيوت وغيرها.



من الشركات المساعدة في المجال النفطي هي الشركات التي تُقدم خدمات حقول النفط، تلك الشركات لا يتم فيها نقل أو معالجة النفط، لكنها مسؤولة عن تقديم الخدمات التي تحتاجها الشركات التي تقوم بذلك، حيث تعمل هذه الشركات على صيانة حقول ومنشآت النفط والغاز أو إصلاح الكسور في الخطوط أو تطوير التكنولوجيا أو تحديث تقنيات العمل أو توفير بيئة آمنة للعمال للعمل في الشركات ذات التخصصات المتكاملة والتي تفعل كل ما سبق بنسب مختلفة، إذ تُركز معظمها على المنبع والمصب في حين تترك باقي الأمور للمتخصصين المختصين.

 

كيف تختلف النمذجة في صناعة النفط والغاز عن باقي الصناعات؟

 

يعتمد إعداد نموذج مالي بشكل مباشر على صادرات وواردات الشركة، والتي تتعلق بدورها في الأسعار التي تباع أو تشترى فيها تلك الأصول، في مجال النفط السعر غير قابل للتحكم، هذا هو الفرق الكبير الذي تنتج عنه معظم الفروقات الأخرى.

 

إن كنت تعمل في صناعة البرامج أو الأدوات أو الملابس، يمكنك تحديد وتقييم الأسعار بنفسك تبعًا للقطعة الواحدة، إذ يمكن أن تُباع بعض المنتجات مقابل 1000 دولار في حين يُباع بعضها الآخر مقابل 10 دولار فقط، لكن في صناعة النفط والغاز ذلك غير ممكن، ليس أنت من تحدد السعر بل السوق من يفعل ذلك.

 

الاختلاف الثاني يتجسد بأن ميزانية شركات النفط تتعلق بالميزانية العامة للدول مثلها مثل جميع البنوك وشركات التأمين، على عكس شركات التكنولوجيا أو الصناعية الأخرى التي تعتمد على المبيعات، حيث تتضمن الميزانية العامة على أهم أصولها وهي الاحتياطات القادرة على توليد إيرادات وأرباحًا في المستقبل.


 

تختلف أيضًا من حيث المحاسبة، إذ لا نرى عناصر مختلفة وحسب، بل يوجد طريقتين مختلفتين للمحاسبة وهما، التكلفة الكاملة والجهود الناجحة.

 

لعل واحد من أهم الاختلافات الأخرى هو توافر الأصول المستنفذة بشكل يومي بل لحظي في أغلب الشركات التقليدية، إذ تميل الأصول إلى التحرك في منحى متصاعد، الأمر الذي ينعكس على نمو الشركة.

 

 لكن في شركة النفط والغاز الأمر مختلف تمامًا، إذ يسبب الاستخراج اليومي للموارد النفطية وتحقيق الإيرادات والأرباح منها في نضوب الأصول نظرًا لاستهلاك تلك الموارد الثمينة دون أي تعويض.

 

البيانات المالية للنفط والغاز | توقع الإيرادات والمصاريف

 

قبل البدء في إسقاط البيانات المالية والنمذجة لشركات النفط والغاز، لا بدّ من معرفة جيدة بالوحدات المستخدمة من قبلها.

غالبًا ما يتم قياس النفط بالبراميل حتى من قبل الدول التي تستخدم النظام المتري، حيث كل برميل واحد يساوي  42 غالونًا، في حين يُقاس الغاز الطبيعي بالأقدام المكعبة، أمّا بالنسبة لكل ما هو منطقي سواء من الفحم أو المعادن مثل الحديد أو الألمنيوم أو النحاس أو الرصاص أو الزنك أو النيكل أو المنغنيز أو اليورانيوم يُقاس عادةً بالطن، والألماس بالقيراط والذهب والفضة بالأوقية.

 

تُقاس الاحتياطيات والإنتاج لشركة ما بهذه الوحدات، حيث يشير مصطلح الاحتياطات إلى كمية الموارد الموجود في ميزانيتها العمومية الجاهزة للاستخراج والإنتاج والبيع، في حين يشير مصطلح الإنتاج على مقدار الموارد التي تم إنتاجها وبيعها بشكل يومي أو شهري أو ربع سنوي أو سنوي.

 

عندما تبدأ في إسقاط بيانات إحدى شركات البترول فإنّك تقوم بإسقاط إنتاجها حسب المقطع وفقًا لاحتياطياتها وأنماطها التاريخية على القوائم المُعدة سابقًا.

 

على فرض كانت الشركة تمتلك في احتياطيها حوالي 12000 مليار قدم مكعبة من الغاز الطبيعي وتُنتج 500 مليار مكعبة منهم بشكل سنوي، يمكننا أن نفترض زيادة متواضعة على كمية الإنتاج وخاصةً إن كانت الشركة تنفق المزيد من الأموال لإيجاد موارد جديدة.

 

لذا سوف نفترض أنّها ستتمكن من إنتاج زيادة بمقدار 50 مليار مكعبة ليصبح الإنتاج السنوي 550 مليار قدم مكعبة، ومن ثمّ 600 مليار قدم مكعبة في العام التالي، بعد ذلك نقوم بخصم هذا الإنتاج من احتياطياتها ونأمل استبداله بإنفاق رأسمالي كافٍ، وربط المبلغ المُنفق بالدولار بكمية محددة من الاحتياطيات.

 

هذا بالنسبة للإنتاج لكن الموضوع يصعب قليلًا عند الحديث عن الإيرادات، لأنّه كما ذكرنا سابقًا لا يمكن تحديد الأسعار من قبل الشركة، إلا أنه يوجد حل بسيط وهو بواسطة برنامج إكسل (Microsoft Excel) لوضع سيناريوهات متعددة.

 

لذا يمكن إنشاء سيناريو أول تكون فيه الأسعار منخفضة، على سبيل المثال احتساب سعر البرميل بـ 40 دولارًا، ومن ثمّ سيناريو بأسعار متوسطة 70 دولارًا للبرميل مثلًا، وسيناريو ثالث بأسعار مرتفعة حيث يكون سعر البرميل 100 دولار.

 

باستخدام تلك السيناريوهات يمكن الحصول على تقييم محتمل للتنبؤ بنتائج عمليات البيع المستقبلية في الشركة اعتمادًا على أسعار السلع الأساسية، لاتخاذ قرارات مناسبة.

 

هناك بعض الجوانب الأخرى التي يجب مراعاتها مثل عدم حصول الشركة على سعر السوق الكامل بسبب الوسطاء والعمولات، والنفقات المرتبطة بالإنتاج ويتم تقديرها على أساس دولار لكل برميل من النفط أو لكل قدم مكعب من الغاز، والنفقات غير المرتبطة بالإنتاج مثل التعويضات القائمة على المخزون المتنوعة العناصر.

 

بشكل عام، يجب النظر إلى إيداعات الشركة واكتشاف ما هي المصاريف المرتبطة بالإنتاج والغير مرتبطة به ، ومن ثمّ افتراض قيمة متزايدة بالدولار بالنسبة لتلك النفقات المرتبطة بالإنتاج بمرور الوقت وجعل المصاريف الغير مرتبطة بالإنتاج كنسب مئوية من الإيرادات أو عناصر أخرى، من أجل الحصول على نمذجة مالية فعالة.

 

ختامًا

 

حاولنا تعريف النمذجة المالية في صناعة النفط والغاز بشكل موجز في مقالنا المدرج، إلا أنه يمكنك الغوص بشكل أفضل في هذا التخصص من خلال المشاركة في الدورة التدريبية للنمذجة التي يقدمها مركز لندن بريمير للتدريب وهي دورة النمذجة المالية للنفط والغاز، يساعد هذا البرنامج التدريبي على إكساب المتدرب مهارات وفهم جيد لتلك النماذج، مع تطبيق المهارات المكتسبة على نموذج حقيقي وفعلي.