معالجة الغاز الطبيعي: نظرة عامة على مراحل المعالجة


تدريب على التنقيب عن الغاز وإنتاجه في لندن

نُشِر في Mar 26, 2023 at 10:03 PM


تمتد عملية معالجة الغاز الطبيعي على عدة مراحل تبدأ من الاستخراج إلى الإزالة والفصل والتسييل، وصولًا إلى المنتج النهائي، سواء غاز صناعي أو منزلي، في كلا الحالتين يختلف في الكثير من النواحي والخصائص عن الغاز الخام المستخرج في بداية عملية المعالجة، تابع معنا لتتعرف أكثر حول تفاصيل معالجة الغاز الطبيعي.

 

ما هو الغاز الطبيعي؟

 

الغاز الطبيعي هو أحد أنواع الوقود الأحفوري الهيدروكربونية مثل البترول والفحم، ويتكون بشكل أساسي من غاز الميثان وترافقه كميات متفاوتة من الألكانات والنيتروجين والهيليوم وثاني أكسيد الكربون وبخار الماء والبروبان والبوتان وكبريتيد الهيدروجين.

 

يُستخرج الغاز الطبيعي عادة من ثلاث أنواع من الآبار، وهي: الآبار النفطية وآبار الغاز وآبار المتكاثفات النفطية (condensate)، ويطلق على الغاز المستخرج من الآبار النفطية اسم الغاز المرافق أو المصاحب ومن الممكن أن يكون ذائبًا (غاز مذاب) مع السوائل النفطية أو منفصلًا عنها  (غاز حر).

 

أمّا بالنسبة للغاز المستخرج من آبار الغاز وآبار المتكاثفات التي تحتوي على كميات قليلة من النفط الخام أو قد لا تحتوي، يُدعى بالغاز غير المرافق أو غير المصاحب، ويكون الغاز في الآبار الغازية غازًا خامًا لوحده، بينما يختلط الغاز في آبار المتكاثفات النفطية بمكثف هيدروكربوني شبه سائل ويحتاج لمعالجة أكثر.

 

 

ما هي معالجة الغاز الطبيعي (processing natural gas)؟

 

تقوم عملية معالجة الغاز الطبيعي وتنقيته على مبدأ فصل الغاز الخام عن جميع المواد الهيدروكربونية الأخرى والسوائل المختلفة بعد استخراجه لإنتاج منتج نهائي جاف بشكله الغازي أو المسال، أي إزالة كل من الإيثان والبروبان والبوتان والبنتانات من الغاز الطبيعي.

 

لكن ذلك لا يعني أنّ هذه المواد نفايات، بل تُعرف هذه المواد بسوائل الغاز الطبيعي وهي منتجات ثانوية لعملية المعالجة تُباع بشكل منفصل ولها مجموعة متنوعة من الاستخدامات المختلفة، مثل تعزيز عمليات استخراج النفط في الآبار، وتوفير المواد الخام لمصافي النفط ومصانع البتروكيماويات، ومصادر للطاقة.

 

تُنجز بعض الخطوات الأولى للمعالجة عند أو بالقرب من رأس البئر، لكن عملية المعالجة الفعلية تتم في معامل أو مصانع أو محطات المعالجة التي تقع غالبًا بالقرب من مناطق الإنتاج وتتكون من مجموعة وحدات، حيث يُنقل الغاز المستخرج عبر شبكة من الأنابيب والخطوط إلى محطة المعالجة، تتميز الأنابيب الناقلة للغاز بأنّها أنابيب ذات قطر صغير وضغط منخفض.

 

من الممكن أن تكون عملية معالجة الغاز معقدة نوعًا ما وتواجه بعض التحديات في صناعة النفط والغاز، إلا أنّها تشمل 4 مراحل أساسية مختلفة لإزالة جميع الشوائب والملوثات والمركبات الثانوية للحصول على منتج نهائي جاف قابل للاستعمال، وهي:

  • فصل المشتقات النفطية والمتكاثفات.
  • فصل الماء.
  • فصل سوائل الغاز الطبيعي.
  • إزالة الكبريت وثاني أكسيد الكربون.

لكن قبل أن يصل الغاز إلى المعمل وتبدأ المعالجة بالمراحل الأربعة السابقة، يتم فصل جزيئات الرمل والشوائب ذات الجسيمات الكبيرة نسبيًا عبر أجهزة غسل تُركب بالقرب من فوهة رأس البئر، إضافةً إلى أجهزة الغسل تُركب سخانات تضمن عدم انخفاض درجة حرارة الغاز إلى قيم منخفضة لمنع تجمد المياه المستخرجة مع الغاز الخام.

 

كذلك الأمر تُركب سخانات صغيرة على طول أنابيب التجميع لمنع تشكل الهيدرات عند انخفاض درجات الحرارة، نتيجةً لتجمد بعض المركبات الصلبة أو شبه الصلبة على شكل بلورات مما يعيق مرور الغاز عبر الصمامات وأنابيب التجميع.

 

 

معالجة الغاز الطبيعي: نظرة عامة على مراحل المعالجة

 

كيف تتم عمليات معالجة الغاز الطبيعي؟

 

الآن سوف نُفصِّل كل مرحلة من مراحل معالجة الغاز الطبيعي وفق الآتي:

 

- فصل النفط والمتكاثفات النفطية:

للبدء بمعالجة ونقل الغاز المرافق والمذاب مع النفط في الآبار ينبغي فصله عن الشوائب النفطية التي يذوب فيها، تختلف عملية الفصل والمعدات المستخدمة فيها بناء على تكوين الغاز ومتطلبات الفصل، غالبًا ما يستخدم الفاصل التقليدي في الحالات التي يكون فيها الغاز مذابًا مع النفط نتيجةً للضغط تحت الأرض.

 

الفاصل التقليدي عبارة عن خزان عادي يُنقل إليه الغاز المذاب بالنفط لينفصلا عن بعضهما البعض من تلقاء أنفسهم نتيجةً لفرق الضغط والجاذبية الأرضية، حيث ينزل النفط للأسفل بينما يطفو الغاز في الأعلى. 

 

أمّا في الحالات الأكثر تعقيدًا والتي تكون فيها الآبار منتجة لغاز عالي الضغط تُستخدم هنا معدات متخصصة مثل فاصل درجات الحرارة المنخفضة (LTX)، يعمل هذا النوع من الفواصل على مبدأ فرق الضغط من خلال تبريد الغاز الطبيعي الرطب إلى درجات حرارة منخفضة عن طريق المبادلات الحرارية ومن ثمّ إفلات الغاز بسرعة عالية وضغط مرتفع، يُنقل بعدها الغاز المفصول إلى المبادل الحراري مجددًا لتسخينه بواسطة الغاز الوارد الرطب، من خلال تلك الفروق في الضغوط ودرجات الحرارة ضمن الفاصل تتكاثف السوائل النفطية والمياه ويسهل فصلها.

 

- فصل الماء:

النسبة الأكبر من كميات الماء السائلة تُزال ضمن الفواصل الأولى مع النفط والشوائب الهيدروكربونية الأخرى، لكن بخار الماء المحلول مع الغاز هو عامل الخطر الأكبر الذي يجب التخلص منه، تُعرف هذه العملية بتجفيف الغاز وتحدث عبر عمليتين الامتصاص والامتزاز، تتم عملية الامتصاص بالاستعانة بعامل تجفيف، بينما الامتزاز تحدث من خلال تكثيف بخار الماء وتجميعه على السطح، الهدف من كلا العمليتين التخلص من جميع جزيئات بخار الماء.

 

- التجفيف بالجليكول:

التجفيف بالجليكول هو أحد الأمثلة على عملية الامتصاص، تُستخدم في هذه المرحلة مادة شرهة للماء غالبًا ما تكون إما ثنائي إيثيلين الجليكول (DEG) أو ثلاثي إيثيلين الجليكول (TEG)، بمجرد أن تلامس هذه المواد الغاز ضمن أبراج التلامس تمتص جزيئاتها بخار الماء منه فتصبح أثقل وتسقط للأسفل بحيث يمكن فصلها.

 

يُنقل بعدها محلول الجليكول الذي يحمل الماء المنزوع من الغاز إلى غلاية لتبخير المياه منه بحيث يمكن استخدامه مرة أخرى في عملية المعالجة، حيث تبلغ درجة غليان الجليكول 400 درجة فهرنهايت بينما تبلغ درجة غليان الماء 212 درجة فهرنهايت لذا يتبخر الماء قبل أن يصل الجليكول إلى درجة غليانه، هذا الفرق في درجات الغليان يجعل عملية تجفيف الجليكول سهلة نسبيًا.

 

- التجفيف بالمواد الصلبة:

التجفيف بالمواد الصلبة هو مثال عن عملية الامتزاز، حيث يمر الغاز المراد تجفيفه ببرجين أو أكثر تحتوي على مجففات صلبة، غالبًا ما تُستخدم الألومينا المنشط أو حبيبات السيليكا جيل في ذلك، يدخل الغاز من أعلى الأبراج ويتم دفعه إلى أسفلها، عندما تتلامس جزيئات الغاز مع جزيئات المجفف تحتفظ المادة المجففة بالماء على سطحها تاركةً الغاز الجاف يمر من أسفل البرج.

 

يعتبر التجفيف بالمواد الصلبة أكثر كفاءة من التجفيف بالجليكول ومناسب للتطبيقات الكبيرة للغاز تحت الضغوط العالية جدًا، لذا غالبًا ما يوجد على مخارج  الضواغط.

 

- فصل سوائل الغاز الطبيعي:

يترافق الغاز مع سوائل هيدروكربونية تُعرف بسوائل الغاز الطبيعي يجب استخلاصها، أهمية ذلك ليس بسبب ضرورته وحسب، بل القيمة السوقية العالية لتلك السوائل كمنتجات منفصلة.

تتم معالجة هذه السوائل من خلال خطوتين رئيسيتين، بدايةً يجب فصل السوائل عن الغاز ومن ثمَّ يجب فصل السوائل عن بعضها البعض وصولاً إلى مكوناتها الأساسية.

يوجد طريقتين رئيسيتين لفصل هذه السوائل عن الغاز هما طريقة الامتصاص وعملية الإفلات المبردة، تمثل هاتين العمليتين حوالي 90% من إجمالي عمليات إنتاج سوائل الغاز الطبيعي.

 

- طريقة الامتصاص:

تتشابه هذه الطريقة مع طريقة التجفيف بالجليكول لكن الفرق الوحيد هو استخدام الزيت الفقير (الفقير بالمادة المطلوب نزعها) بدلًا من الجليكول، حيث يتدفق الغاز المختلط بالسوائل عبر برج امتصاص تأخذ المادة المُجففة السوائل إلى قاع البرج تاركة الغاز الخالي من الهيدروكربونات السائلة.

 

- عملية التوسيع التوربيني المُبردة:

يُلجأ إلى هذه الطريقة نظرًا لعدم قدرة عملية الامتصاص على تنقية جميع السوائل الخفيفة مثل الإيثان، تتم الآلية على تبريد الغاز إلى درجات حرارة منخفضة تصل إلى 120- درجة فهرنهايت.

 

بدايةً يُبرد الغاز بمبردات خارجية من خلال تمرير تيار الغاز والسوائل بتوربينات توسعية، بعد ذلك يُستخدم توربين التمديد لتوسيع تلك الغازات المُبردة بسرعة كبيرة، الأمر الذي يسبب انخفاض حرارة التيار بشكل كبير مما يسبب تكاثف الإيثان والهيدروكربونات الأخرى في التيار، مع إبقاء الميثان بشكله الغازي. 

 

تتيح هذه العملية استعادة حوالي 90% إلى 95% من الإيثان من تيار الغاز، إضافةً إلى قدرة التوربينات التوسعية على تحويل بعض الطاقة المنبعثة عند التوسيع إلى رفع ضغط تدفق غاز الميثان، وبالتالي توفير في تكاليف الطاقة المرتبطة باستخراج الإيثان.

 

- تجزئة سوائل الغاز الطبيعي:

بعد الانتهاء من فصل السوائل عن الغاز لا بدّ من تجزئة هذه السوائل إلى مركباتها المُنفصلة لتكون ذات قيمة، وهو ما يُعرف بمرحلة التقطير، تتم العملية على مبدأ الفروق في درجات الغليان للمركبات الهيدروكربونية المختلفة التي تشكل هذه السوائل.

 

تحدث عملية التجزئة على مراحل عندما يصل كل مركب من المركبات إلى نقطة غليانه لينفصل عن باقي المركبات وفق سلسلة متتالية مركب يلو الآخر، من المركب الأخف إلى الأثقل بالترتيب التالي:

  • مزيل الإيثان: تفصل هذه المرحلة الإيثان والميثان عن السوائل.
  • مزيل البروبان: تفصل هذه المرحلة البروبان عن السوائل.
  • مزيل البوتان: تفصل هذه المرحلة البوتان، لتبقى البنتانات والهيدروكربونات الأثقل في تيار السوائل.

 

 

- إزالة الكبريت وثاني أكسيد الكربون:

يوجد غاز الكبريت في تركيبة الغاز الطبيعي على هيئة كبريتيد الهيدروجين (H2S )، وحين تتجاوز قيمة الكبريتيد 5.7 ميلي غرام لكل 1 متر مكعب من الغاز يُقال بأنّ الغاز هو غاز طبيعي حامضي، وتسمى عملية إزالة الكبريت منه بـ تحلية الغاز.

 

تتشابه العمليات الأولية في تحلية الغاز الطبيعي مع عمليات التجفيف بالجليكول وامتصاص سوائل الغاز، لكن الآلية تختلف بعض الشيء، إذ يُستخدم في التحلية محاليل أمينية في العملية وتُعرف هذه العملية باسم "عملية الأمين" أو "عملية جوردلر".

 

غالبًا ما تستخدم محاليل أحادي إيثانول أمين (MEA) أو ثنائي إيثانول أمين (DEA) في العملية، حيث يدخل الغاز الحامض عبر برج يحتوي إحدى المادتين، تتميز هذه المواد بشراهتها للكبريت إذ تمتص جزيئاتها جزيئات الكبريت، كما امتصاص الجليكول لبخار الماء، خلال مرورها في البرج، ليخرج الغاز حلوًا خاليًا فعليًا من كافة مركبات الكبريت.

 

بالرغم من أنّ معظم عمليات تحلية الغاز الحامضي تقوم من خلال امتصاص الأمين، إلا أنّه من الممكن أيضًا استخدام بعض أنواع التجفيف الصلبة مثل إسفنج الحديد لإزالة وتحلية الكبريت وثاني أكسيد الكربون.

 

وجود غاز ثاني أكسيد الكربون في اﻟﻐﺎز قد يسبب تآكل في خطوط الأنابيب ويزيد من مقدار الضغط ويقلل قيمة الحرارة، لذا لا بدّ من التخلص منه باستخدام تقنيات التقطير المبرد أو عبر الأغشية أو من خلال عملية امتصاص الأمين.

 

ختامًا،

تعتبر عملية معالجة الغاز الطبيعي هامة جدًا ﻓﻲ الحصول على منتج نهائي نقي ونظيف قدر الإمكان لاعتماده كمصدر نظيف للطاقة وسليم على البيئة، بمجرد أن تنتهي المراحل السابقة نكون قد حصلنا على المطلوب، ويصبح الغاز الناتج جاهزًا لتحويله للاستهلاك ودفعه من معامل ومحطات المعالجة إﻟﻰ مناطق استهلاكه النهائية كوقود أو كمنتج ثانوي في الصناعات أو التخزين.

 

يقدم مركز لندن بريمبير سنتر للتدريب تدريب على التنقيب عن الغاز وإنتاجه في لندن يمكنك التسجيل الآن والتعرف أكثر على هذا المجال.