التكنولوجيا النووية وصناعة النفط والغاز: الاستخدامات المحتملة والمخاوف


دورات تدريبية في النفط والغاز

نُشِر في Oct 30, 2023 at 11:10 AM


أصبحت التكنولوجيا النووية وصناعة النفط والغاز الطبيعي في حالة تطور مستمر مؤخرًا، خاصة مع أزمة ازدياد الطلب على النفط الخام والغاز الطبيعي وضرورة إدخال تكنولوجيات جديدة في هذه الصناعة لإنتاج المزيد من الاحتياطات وتلبية احتياجات أسواق العالم في ظل الاستهلاك الكبير للطاقة والكهرباء.

 

نقدم في مقالنا التالي نظرة سريعة عن هذه التكنولوجيا وما تعدُ به من استخدامات محتملة في قادم الأيام، مع الإشارة إلى أبرز المخاوف المتعلقة بتلك الاستخدامات في مختلف القطاعات.

 

ما هي التكنولوجيا النووية؟ 

حملت السنين الأخيرة تقدمًا مشهودًا ﻓﻲ التكنولوجيا النووية وتوسعت استخداماتها في مختلف الصناعات والقطاعات الحيوية بما فيها المجالات الطبية والزراعية والغذائية، ولم تتوقف عند صناعات التعدين والنفط والغاز الطبيعي والبتروكيماويات بل دخلت وبقوة فيها، فهي ليست كما يظن الكثير من الناس تحمل الخطر والشر أينما وجدت، بل على العكس تمامًا تساهم في حل الكثير من القضايا بأمان وسلامة.

 

التكنولوجيا النووية هي التكنولوجيا القائمة على استخدام طاقة نووية لتشغيل المعدات والآلات وغيرها من المشغلات الكهربائية المستخدمة في أي صناعة، يعود تاريخ التكنولوجيا النووية للمرة الأولى إلى بدايات الأربعينات فهي عرفت أول مرة حينها بعد أن مهد الطريق لها اكتشاف الانشطار النووي ﻣﻊ أواخر الثلاثينيات.

 

بالنسبة لهذه الطاقة والتكنولوجيا النووية أو الذرية فهي تعرف بأنها أحد أشكال الطاقة الجديدة نسبيًا والتي تتولد ﻣﻦ انشطار نواة الذرة وانقسامها إلى نواتين أو أكثر، يترافق ذلك الانقسام بإطلاق طاقة على شكل حرارة وإشعاع، هذه الحرارة هي المستخدمة في توليد الطاقة النووية، مثلها مثل ﺍﻟﻮﻗﻮﺩ الأحفوري بمشتقاته المختلفة الغاز والنفط والفحم.

 

لتوضيح الفكرة أكثر، لنأخذ مثال على ذلك، عندما نستخدم مفاعل يحوي ذرات يورانيوم 235، وهي الذرات الشائعة الاستخدام في مثل هذه التطبيقات، عندما تصطدم تلك الذرات بنيوترون تنقسم إلى نواتين أصغر، فرضًا نواة باريوم ونواة كريبتون، إضافةً إلى نيوترونين أو ثلاثة، تصدم تلك النيترونات بذرات اليورانيوم المحيطة بها لتنقسم بدورها، وبالتالي نحصل على تفاعل متسلسل خلال أجزاء من الثانية.

 

ينتج عن ذلك التفاعل المتتالي حرارة تُستخدم في تسخين عامل التبريد المستخدم في المفاعل، والذي يكون عادةً الماء، نتيجة التسخين يتبخر الماء ويوجه لتدوير توربينات المفاعل، تعمل التوربينات على تشغيل مولد كهربائي يُنتج الكهرباء المطلوبة.

 

ما هي أبرز الاستخدامات المحتملة للتكنولوجيا النووية في صناعة النفط والغاز؟ 

دخلت التكنولوجيا النووية مؤخرًا لتعزيز الابتكار في صناعة النفط والغاز من خلال تبسيط العمليات والمساعدة في إنتاج المزيد من الاحتياطات، توضح القائمة التالية الاستخدام السلمي لها في هذا المجال:

 

- تحسين عمليات الاستكشاف والحفر:

تتطلب بعض المناطق تقنيات متطورة جدًا للاستكشاف والبحث عن المصادر المحتملة، من هنا كان للتكنولوجيا النووية دورًا مساعدًا في تسهيل تلك العمليات والصناعة عن طريق الاستكشاف الشعاعي بأشعة غاما، إذ تعمل على تقييم الطبقات والصخور تحت سطح الأرض وتحديد المواقع الأمثل للتنقيب والحفر.

 

- تحسين عمليات الإنتاج:

بعض مواقع الإنتاج تقع في مناطق نائية وبعيدة وهي بحاجة إلى مصدر موثوق لـ يمدها بالطاقة اللازمة لإتمام عمليات الإنتاج، التكنولوجيا النووية هي الحل الأمثل في مثل هذه الحالات، حيث تستخدم الطاقة النووية لتوفير تلك الطاقة اللازمة لتشغيل المعدات الصناعية الثقيلة.

 

- تعزيز الكفاءة:

لطالما شغل بال مختلف الباحثين في قطاع الغاز والنفط كيف ﻳﻤﻜﻦ إيجاد طرق متطورة تُحسن من كفاءة الإنتاج وتقلل الأثر الكربوني، كانت التكنولوجيا النووية هي المنقذ، فهي طاقة موثوقة ومنخفضة الكربون.

 

- الاستخلاص المعزز للنفط:

أبرز استخدامات التكنولوجيا النووية في قطاعات النفط والغاز هو استخلاص النفط المعزز (EOR)، إذ تُستخدم الطاقة النووية في تشغيل محركات آلات الإنتاج بما يحقق المزيد من الإنتاج من الآبار حتى آخر قطرة.

 

- تقييم الآبار:

تساعد التكنولوجيا النووية في تقديم تحليلات متقدمة للآبار وحالتها الحالية، إضافةً إلى استخدام أشعة غاما في الحصول على تصور واضح لخصائص البئر وحالته، الأمر الذي يفيد في تطبيق أنسب التقنيات للاستخراج وأكثرها كفاءة.

ما هي أهم المخاوف المتعلقة باستخدام التكنولوجيا النووية في صناعة النفط والغاز؟ 

أي تكنولوجيا لها جانب جيد وآخر سيء، وكذلك التكنولوجيا النووية، رغم كل تلك الاستخدامات المفيدة التي ذكرناها سابقًا إلا أن الجوانب التالية تشكل خطرًا يهدد توسع انتشارها في مجالات النفط والغاز:

 

- مخاوف التلوث الإشعاعي:

ترتبط التكنولوجيا النووية بالأشعة، وجميعنا يعلم كم يعد ذلك الأمر خطرًا جسيمًا في حال حدوث أي تسرب غير متوقع، ويمكن أن تتسرب الأشعة في الموقع أو في المياه الجوفية المحيطة به، تهدد الأشعة والنفايات المشعة الناتجة عن المفاعلات حياة البشر والكائنات الحية والبيئة على حد سواء لدرجة كبيرة وغير محمودة النتائج، لذا تتطلب تطبيقات أمان عالمية صارمة تضمن وجود نظام آمان موثوق لتجنب حدوث أي تسرب أو حادث.

 

- المخاوف الأمنية:

تترافق التكنولوجيا النووية بخطر استخدامها في تطبيقات غير أخلاقية تهدد صحة الآخرين، مثل القنابل النووية، لذا لا بدّ من ضمان عدم سرقة هذه المواد من المواقع في حقول النفط والغاز.

 

- المخاوف الاقتصادية:

تعتبر التكاليف التشغيلية والبناء الأولية للمنشآت النووية هاجسًا لدى شركات الاستثمار والطاقة نظرًا للارتفاع الكبير بها، لذا تتطلب قراءة ودراسة موسعة قبل اتخاذ القرار بالإنشاء، علاوةً على تكاليف الصيانة الهائلة أيضًا.

 

- مخاوف النقل والتخزين:

تتطلب الأشعة والمواد النووية درجة عالية من الأمان عند التخزين والنقل بين المواقع، وهو ما يعتبر تحدٍ كبير يجب الحذر منه.

 

ما هي مزايا تطبيق التكنولوجيا النووية في ﺻﻨﺎﻋﺔ النفط والغاز؟ 

توفر التكنولوجيا النووية فوائد عديدة لقطاع النفط والغاز، بدايةً مع تقليل الانبعاثات الكربونية، إذ تعتبر التكنولوجيا النووية بديل استخدام الهيدروكربونات الأنظف، لا سيما في ظل المساعي الدولية والعالمية المشتركة بشأن التغير المناخي وكيفية التعاون معًا بهدف خفض حجم الانبعاثات الكربونية المسببة له.

 

بالإضافة إلى تحسين كفاءة الإنتاج من الآبار النفطية والغازية كما ذكرنا سابقًا في الاستخدامات، وقدرتها على توفير الطاقة اللازمة لتشغيل المواقع النائية، بما يسمح بالتطلع لاستكشاف مواقع جديدة والوصول إلى احتياطات لم تكن بالحسبان سابقًا. 

 

ماذا تخبئ التكنولوجيا النووية لصناعة النفط والغاز في المستقبل؟

للتكنولوجيا النووية وعود كثيرة بتقديم العديد من السبل لتطوير صناعة اﻟﻨﻔﻂ ﻭﺍﻟﻐﺎﺯ الطبيعي، بدءًا من الوصول إلى فرص جديدة للاستكشاف من مناطق صعبة وتحسين كفاءة الإنتاج. مثل أعماق البحار والمحيطات وفي المناطق القطبية، بواسطة تقديم مصدر موثوق للطاقة اللازمة للاستخراج والنقل.

 

انتهاءً بالتحديات المتزايدة بشأن التغير المناخي والحد من الانبعاثات، إذ يُنظر إليها بأنُها ستكون الخيار الأفضل لتقديم حلول صديقة للبيئة، ناهيك ﻋﻦ الوعود الكثيرة التي تقدمها هذه التكنولوجيا بخصوص تقديم تطبيقات لا محدودة ومبتكرة في المستقبل، سواء في مجال عمليات الحفر وغيرها من التطبيقات التي لم تُكتشف بعد.

 

وأخيرًا، مع التطور المستمر في هذا القطاع فإن التقدم في الحلول الخاصة بالسلامة والأمن شيء مفروغ منه، وذلك سيكون له دور مساهم وبشدة في جعلها الخيار الأكثر جاذبية لمختلف التطبيقات والصناعات التكنولوجية الحديثة، بما فيها النفط واﻟﻐﺎز الطبيعي، إلا أنه لا يمكن التقدم بهذه المجالات ما لم يتم الخضوع  لواحدة من دورات تدريبية في النفط والغاز لا سيما أنها تشمل جميع ما تحتاج لمعرفته عن هذه المجالات وعلاقتها بالتكنولوجيا النووية. 




ختامًا،

 

لا شك بأن تساعد التكنولوجيا النووية في تطوير صناعة النفط والغاز مستقبلًا، لكن يبقى السؤال الأهم هل توازي الفوائد المحتملة المخاطر المرتبطة بها؟ هذا هو التحدي الرئيسي للاستمرار والمضي قدمًا في الاعتماد عليها بما يضمن الأمان والمحافظة على البيئة.