الظروف الاقتصادية العالمية: كيف تؤثر على صناعة النفط والغاز


دورات مالية لصناعة النفط والغاز

نُشِر في Oct 18, 2023 at 11:10 PM


تؤثر الظروف الاقتصادية العالمية على صناعة النفط والغاز وتطورها وأسعار التداول، لاسيما أنَّ هذه الصناعة تشكل جزءًا كبيرًا لا يمكن تجاهله من الاقتصاد العالمي ومن المتوقع أن يزداد نموها في المستقبل القريب في ظل الطلب الدائم، رغم جميع المساعي المبذولة للحد من الاستهلاك الهيدروكربوني لتقليل الانبعاثات والتلوث.

 

لكن كيف تؤثر تلك الظروف الاقتصادية وما هي الأشياء الأخرى التي تؤثر أيضًا على صناعة النفط والغاز، وذلك ما سنتعرف عليه في المقال التالي.

 

كيف تؤثر الظروف الاقتصادية العالمية على صناعة النفط والغاز؟

تلعب مجموعة من العوامل في التأثير على قطاع التنقيب عن النفط والغاز وإنتاجه من خلال التأثير على أسعار النفط وانعكاساتها على الصناعة، بعض من هذه العوامل:

 

- العرض

تحاول منظمة أوبك (منظمة الدول المُصدرة للنفط) جاهدةً للتحكم بالأسعار العالمية لتداول النفط عن طريق الحد من عرض الموارد الخام لعقود، تمكنت من تحقيق ذلك بدرجات متفاوتة عبر السنين، لكن خلال السنوات الأخيرة ساعدت إمدادات النفط من الولايات المتحدة في تقويض قدرة أوبك على ذلك.

 

لم تقف أوبك مكتوفة الأيدي حينها بل عززت من دورها المؤثر القوي من خلال التحالف مع روسيا وبعض الدول المصدرة الأخرى تحت مسمى أوبك +، بقيت الحكومات وشركات النفط والمضاربين مستمرين في الاهتمام الوثيق بكل قرار صادر عن أوبك +.

 

تتأثر سياسات أوبك أحيانًا بالأوضاع والتطورات الجيوسياسية الدائرة ضمن بلادهم أو محيطها نتيجةً لعدم الاستقرار السياسي، على سبيل المثال خلال العقود الماضية كان للثورة الإيرانية واندلاع الحرب الإيرانية العراقية وسياسات الحظر على النفط العربي والحروب في الخليج الفارسي دورها في تقلب أسعار النفط الذي ينعكس على الصناعة ككل.

 

أي تلعب التقنيات والابتكارات التكنولوجية والأوضاع الاقتصادية والمالية دورًا في حجم الإمدادات والتكاليف، على سبيل المثال ساعدت تقنيات التكسير الهيدروليكي في تطور وارتفاع في كمية النفط الخام المستخرج من الطبقات الصخرية.

 

- الطلب

الزيادة في الطلب على النفط له ارتداده المباشر على صناعة النفط والغاز، يميل النمو الاقتصادي والصناعي إلى زيادة الطلب وينعكس بدوره على سرعة نمو الدول.

 

خلال الفترة الممتدة بين عامي 2000 و2010 انخفض الطلب على النفط في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) بينما زاد الاستهلاك خارج المنظمة أكثر من 40%، كانت كل من المملكة العربية السعودية والهند والصين في صدارة الدول المستهلكة للنفط من بين الدول غير الأعضاء في المنظمة خلال تلك الفترة.

 

تؤثر مجموعة من العوامل الأخرى الهامة على الطلب على النفط، بما في ذلك النقل سواء التجاري أو الشخصي والنمو السكاني والتغيرات الموسمية، حيث يزداد استهلاك النفط خلال موسم الصيف السياحي للنقل، في حين يزيد استهلاك النفط في الشتاء من أجل التدفئة.

 

- العقود والتقارير

التنوع والتغير في عدد المشاركين ضمن أسواق النفط له دوره المؤثر على استقرار الأسعار أيضًا، هؤلاء الذين يبيعون ويشترون النفط الخام ليس بشكله المادي وحسب بل بواسطة العقود الآجلة (وهي عبارة عن عقود أو اتفاقيات مُبرمة لشراء أو بيع النفط بأسعار ثابتة متفق عليها سابقًا في تواريخ محددة مستقبلًا) وعقود الخيارات (مشابهة للعقود الآجلة لكن مع حرية اختيار المستثمر بين الالتزام بالعقد وشراء أو بيع الموارد أم لا).

 

من الأمثلة، تعتمد شركات الطيران وشركات إنتاج المشتقات النفطية على العقود الآجلة والخيارات للتحوط ضد تقلبات الأسعار، بينما يعتمد المضاربون على نفس الأوراق المالية في محاولة للاستفادة من تحقيق الأرباح من تلك التقلبات في السعر.

 

أدوات التحوط تلك مهمة للغاية بالنسبة لكل من مستهلكي النفط ومنتجيه نظرًا للتقلب الدائم في سعر النفط، والذي يعود في معظم الأحيان إلى البطء النسبي من قبل المستهلكين في تغيير الاستهلاك كاستجابة للتغير في السعر مما يجعل المنتجين كذلك بطيئين في تعديل الإنتاج، نتيجةً لعدم المرونة في العرض والطلب بشكل نسبي، فإنّ السعر يتغير أكثر لخلق توازن ما بين العرض والطلب في أوقات التخبط لأي منهما.

 

للتقارير الخاصة بالإنتاج والطاقة الفائضة والاستثمار دورها المؤثر كذلك على الأسعار في المدى القصير، كذلك الأمر بالنسبة للتوقعات الخاصة بمخاطر العرض ومعنويات السوق بشكل عام.

 

من أهم التقارير المُتابعة بكثرة، تقرير منظمة أوبك الشهري والتقارير الصادرة عن وكالة الطاقة الدولية (IEA)، والبيانات الأسبوعية للمخزونات الصادرة عن كل من إدارة معلومات الطاقة الأمريكية (EIA) والمعهد الأمريكي للبترول (API).

الظروف الاقتصادية العالمية: كيف تؤثر على صناعة النفط والغاز

كيف تؤثر الكوارث الطبيعية على صناعة النفط والغاز؟

للكوارث الطبيعية والأوبئة والظروف الجوية تأثيراتها المباشرة على صناعة النفط والغاز، إن كانت دراماتيكية بالقدر الكافي، تسببت الكوارث في الآونة الأخيرة بإحداث فوضى في الطلب على النفط والغاز وتقلب الأسعار.

 

لعل أحدث تلك الأحداث وأشهرها جائحة كوفيد -19 التي انتشرت في شهر يناير من العام 2020 حيث عملت الكثير من الدول على غلق حدودها وتقييد السفر من وإلى أراضيها لتجنب انتشار فيروس كورونا فيها، الأمر الذي انعكس على انخفاض الطلب بشكل كبير، بلغ متوسط ​​الاستهلاك 94.4 مليون برميل في اليوم منخفضًا بحوالي 5.6 مليون برميل في اليوم عن العام الفائت.

 

من الكوارث الطبيعية الأخرى التي أثرت على ظروف صناعة الغاز والنفط فيضان نهر المسيسيبي في شهر مايو من العام 2011 الذي خلَّف ضررًا شديدًا قُدّر بحوالي 2 مليار دولار على الأقل.

 

كان لإعصار كاترينا ذو الفئة الخامسة الذي ضرب في 25 من شهر أغسطس في العام 2005 في ارتفاع أسعار النفط في أمريكا وأثر على 25% من إنتاج النفط الخام الأمريكي حيث تم خفض طاقة الإنتاج في المصافي ما بين 10% إلى 15% خلال الأيام الأولى من العاصفة.

 

بعد شهر واحد ضرب إعصار ريتا دول الخليج العربي، سبب هذان الإعصاران انخفاضًا في مدخلات مصفاة النفط الخام إلى حوالي 11.7 مليون برميل في اليوم خلال الأسبوع الأخير من ديسمبر في العام ذاته، وكانت هذه القيمة هي أدنى متوسط للإنتاج منذ شهر مارس في العام 1987.

 

كيف تؤثر الأزمات العالمية على صناعة النفط والغاز؟

حدوث الأزمات في الدول المنتجة للنفط أو القلق من حدوثها في المنطقة له تأثير على الأداء والإنتاج والصناعة والارتفاع الكبير بالأسعار، يعود السبب في ارتفاع الأسعار إلى قلق التجار والمستهلكين من انخفاض العرض فتزداد معدلات الطلب خلال فترة قصيرة.

 

وهو ما حدث بالضبط خلال الأزمة الإيرانية في يناير من العام 2012 عندما أعلنت كل من الولايات المتحدة الاتحاد الأوروبي عقوبات مالية على إيران، سبب ذلك أزمة إقليمية وعالمية، لترد إيران على ذلك بالتهديد بإغلاق واحد من أهم ممرات شحن النفط في العالم وهو مضيق هرمز.



من الأمثلة الأخرى على الأزمات العالمية، الأحداث التي دارت في بعض البلدان العربية منذ شهر مارس ﻓﻲ العام 2011 والتي عرفت باسم الربيع العربي، حيث أثارت الاضطرابات الراهنة أزمة قلق عالمية عند المستثمرين بشأن استمرار الإنتاج والتوزيع، مما انعكس على رفع سعر البرميل لأعلى من 100 دولار أوائل مارس وبلغت الذروة عند حوالي 113 دولارًا للبرميل في أواخر أبريل.

 

كذلك من أحدث الأزمات العالمية الحرب الروسية الأوكرانية منذ شهر فبراير من العام الماضي، سببت الحرب رفع سعر البرميل فوق 100 دولار للمرة الأولى منذ العام 2014، وكان السبب في ارتفاع السعر الخوف من نقص الإمداد والتوريد للغاز والنفط الروسي، إذ تعتبر روسيا أكبر الدول المصدرة للنفط في العالم.



ختامًا

 

يتشرف مركز لندن بريمير للتدريب بتقديم فرصة لاتباع دورات مالية لصناعة النفط والغاز، يمكنك التسجيل الآن في واحدة من تلك الدورات للاطلاع عن كثب على مجال صناعة النفط والغاز إلى جانب النمذجة المالية (Financial Modeling) وكيف تدور في هذا المجال.