تكنولوجيا الطاقة الشمسية المركزة: استكشاف أحدث التطورات والإمكانات


دورات تدريبية في الطاقة الشمسية في لندن

نُشِر في Aug 21, 2023 at 12:08 PM


جذبت تقنيات الطاقة الشمسية المركزة أنظار الحكومات والشركات مؤخرًا بوصفها صناعة واعدة  وبديل متجدد عن الوقود الأحفوري، النفط والغاز والفحم، في ظل المحاولات الحثيثة في مختلف أنحاء العالم التي تناشد بضرورة الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة والتخلص من الكربون، لكن ما هي هذه التقنية وكيف تتم، وهل هي حقًا مفيدة أم لا وما هي التحديات التي تواجهها، هذا ما يوضحه المقال التالي.

 

ما هي تقنية الطاقة الشمسية المركزة (Concentrated solar power)؟ 

تكنولوجيا الطاقة الشمسية المركزة (CSP) هي عبارة عن تقنية حديثة ومتطورة تعمل على عكس أشعة الشمس عن عدد كبير من المرايا أو العدسات وتركيزه ليتجمع معًا في جهاز استقبال مركزي مملوء بسائل ناقل للحرارة أو بالأملاح، وتحويلها إلى طاقة حرارية تستخدم فيما بعد في تسخين مراجل توربينات البخار من أجل تدويرها لإنتاج طاقة كهربائية أو لتستخدم أيضًا في التدفئة أو تحلية المياه أو الإنتاج الكيميائي ومعالجة المعادن وغيرها الكثير من التطبيقات الصناعية.

 

مبدأ عمل هذه التقنية هو تركيز الإشعاع الشمسي الممتد على مساحات واسعة على بقعة أو مساحة صغيرة، وسيوفر ذلك إمكانية الاحتفاظ الحرارة لاستخدامها فيما بعد عند غروب الشمس أو قبل سطوعها أو في حالات انتشار الغيوم، تلك الخاصية تجعل من هذه التقنية مصدرًا مرنًا للطاقة الحرارية، للمزيد من المعلومات حول الطاقة الشمسية واستخداماتها اﻟﻤﺒﺎﺷﺮة يمكن الاطلاع على دورات تدريبية في الطاقة الشمسية في لندن.

 

في بعض المحطات قد تُدمج أنظمة الطاقة الشمسية المركزة مع أنظمة الطاقة الأخرى كمحطات الطاقة الحرارية الأرضية أو الوقود الإحفوري أو الغاز الطبيعي، وذلك لتأمين استمرارية في العمل عند انخفاض الإشعاع.

 

مؤخرًا بدأ انتشار منشآت الطاقة الشمسية المركزة في الدول الأفريقية والآسيوية، بعد أن كانت حكرًا على دول أمريكا الشمالية وأوروبا، في ضوء ذلك من المُتوقع أن يتوسع انتشار هذه المحطات مع الوقت خاصةُ مع استمرار انخفاض تكاليف التصميم والتشغيل وإيجاد المزيد من الأطر التنظيمية.

 

تعد إسبانيا الدولة الرائدة عالميًا في هذا المجال، فهي تمتلك العدد الأكبر من منشآت الطاقة الشمسية المركزة ﻓﻲ العالم بإجمالي 50 محطة بطاقة إنتاجية تقدر بحوالي 2300 ميجاوات من الكهرباء، بحلول العام 2021 كانت تنتج قدرة قُدرت بـ 4719 ميغاواط في الساعة وهو ما يمثل 1.84% من إجمالي الطلب على الطاقة الكهربائية في ذلك العام.

 

ما هي أهم الأنواع الشائعة لأنظمة الطاقة الشمسية المركزة؟ 

يوجد أربعة أنواع رئيسية من تقنيات الطاقة اﻟﺸﻤﺴﯿﺔ المركزة، يعد نظام الحوض المكافئ هو الأقدم فيما يعتبر البرج المركزي هو الأسرع نموًا منذ العام 2017، علاوةً على ذلك هناك تقنية فرينل ونظام الطبق المكافئ (ستيرلينغ)، وهم بالشرح:

- تقنية الحوض المكافئ:

تستخدم عاكسات ذات محور أحادي في هذا النوع بحيث توضع ضمن حوض صغير في صفوف متوازية وتكون منحنية بشكل قطع مكافئ،، الأمر الذي يتيح تتبع الشمس بشكل مستمر من الصباح إلى المغرب بما يضمن استمرار سقوطها على أنبوب ممتد فوق سطح العاكسات المنحنية على ارتفاع متر تقريبًا.

 

مع الوقت ترتفع درجة حرارة المائع الناقل للحرارة ضمن الأنبوب، وغالبًا ما يكون الزيت، فترتفع حرارته من 293 درجة مئوية إلى 393 درجة مئوية لتستخدم بعد ذلك لتشغيل مولد بخار تقليدي.

 

- تقنية البرج المركزي:

في هذا النوع يتم وضع برج يحتوي جهاز استقبال في أعلاه وتحيط به مرايا عاكسة تعرف باسم هليوستات، تتولى تلك العاكسات ثنائية المحاور مهمة تجميع الإشعاع وتركيزه الإشعاع  على قمة البرج لتسخين السائل إلى حوالي 600 درجة مئوية لتوليد البخار.

 

- تقنية فرينل:

وهي تقنية مشابهة لنظام الحوض المكافئ، حيث توضع المرايا العاكسة على شكل صفوف خطية لكن بشكل مسطح على الأرض لتعكس الإشعاع بشكل أكبر من العكسات المكافئة نحو الأعلى مجددًا حيث يوجد الأنبوب المملوء بسائل.

 

- تقنية الطبق المكافئ أو مجمع ستيرلينغ:

يتكون هذا النوع من طبق واحد على شكل قطع مكافئ يحتوي مجموعة كبيرة من العاكسات، سواء مرايا أو عدسات، تُركز الأشعة على مكثف مستقبل موجود في نقطة التركيز المحورية للعاكس، يُركب المكثف على الهيكل بنظام تتبع ثنائي المحور لتتبع الإشعاع.

 

وتستخدم الحرارة المجمعة بشكل مباشر داخل محركات حرارية مثل محرك نوع ستيرلينغ الذي يكون مركب على جهاز الاستقبال ومتحرك مع هيكل الطبق.

 

تكنولوجيا الطاقة الشمسية المركزة: استكشاف أحدث التطورات والإمكانات

ما هي المزايا التي تقدمها تقنيات الطاقة الشمسية المركزة؟ 

تُقدم تقنيات الطاقة الشمسية المركزة عددًا من المزايا والفوائد، ومنها:

 

- الكفاءة العالية:

تقوم اقتصاديات الطاقة الشمسية على تحديد الكفاءة في منشآت ومحطات الطاقة الشمسية المركزة والتي تعتمد على عدة عوامل، يتضمن ذلك القدرة التي تستطيع بها المرآة تركيز الأشعة ودرجات الحرارة التي يمكن أن يصل إليها مائع النقل ومناطق التقاط الإشعاع، بناء على الدراسات فإن الأنظمة الحالية توفر كفاءة تتراوح بين 20% إلى 40%.

 

- إمكانية تخزين الطاقة المنتجة:

إلى جانب الكفاءة، إمكانية الاحتفاظ الطاقة المنتجة عامل هام لدمج هذه التقنية مع غيرها من تقنيات الطاقة النظيفة المستخدمة مثل طاقة الرياح والطاقة الكهروضوئية، حيث يمكن أن تُخزّن الطاقة الحرارية من 10 إلى 15 ساعة تقريبًا.

 

ما هي عيوب تقنيات الطاقة الشمسية المركزة؟ 

مقابل تلك الفوائد التي توفرها تقنيات الطاقة الشمسية المركّزة إلا أنّ لها بعض العيوب، مثل:

- الحاجة إلى مستويات عالية من الإشعاع:

الفترات الطويلة من الإشعاع التي تحتاجها هذه التقنيات تعتبر عيب كبير يحد من استخدامها في بعض المناطق التي لا تلبي هذه المتطلبات، إذ لا يمكن تشييد هذه المحطات في اﻟﻤﻨﺎطﻖ التي ينخفض فيها مستوى الإشعاع عن 2000 كيلو واط ساعي في المتر المربع من العام، تتوفر إشعاعات شمسية مناسبة في منطقة جنوب أوروبا وشمال إفريقيا.

 

- ارتفاع تكاليف توليد الكهرباء:

لعل هذا الأمر هو التحدي الأكبر الذي يعيق تطوير محطات الطاقة الشمسية المركزة، لكن مع التطورات الأخيرة وتوسع انتشار مثل هذه المحطات يتوقع أن تنخفض تلك تكاليف إنتاج الكهرباء بالطاقة الشمسية المركزة إلى قيم منخفضة مقارنةً بالسابق.

 

ما هو مستقبل تقنيات الطاقة الشمسية المركزة؟ 

تتجه الأبحاث العالمية إلى كيفية زيادة كفاءة محطات الطاقة الشمسية المركزة، من المعروف أنّه وفق قانون الديناميك الحراري تزداد كفاءة تحويل الطاقة الحرارية مع ازدياد الحرارة، لذا فإنّ التوجه اليوم حول كيفية رفع درجات الحرارة إلى 700 أو 800 درجة مئوية في أبراج الاستقبال.

 

وبما أنّه من غير العلمي أن يُستخدم بخار الماء عند تلك الدرجات المرتفعة من الحرارة لذا لا بدّ من إيجاد بديل مناسب للماء وهو باستخدام الملح المصهور، حيث سيتم العمل على مزج نترات الصوديوم والبوتاسيوم معًا وتسخينهم إلى درجات حرارة أعلى تصل 600 أو 800 درجة مئوية، ليتم بعدها تخزينها في الأرض ضمن رواسب معزولة حراريًا، يتم استخدام تلك الأملاح فيما بعد بهدف الحصول على كهرباء.

 

في نهاية المطاف، 

 

من المتوقع رؤية المزيد من مشاريع الطاقة الشمسية المركزة في البلدان المُشمسة مستقبلًا بالرغم من التكاليف العالية لذلك المشروع والتي من المزمع أن تنخفض بشكل كبير في المرحلة القادمة لكي تُحدث الفرق وتصبح قادرة على المنافسة أكثر مع الطاقة الكهروضوئية.