صناعة الغاز الطبيعي المسال: نمو وتطور وتأثيرها على سوق الطاقة العالمي


دورات نفط وغاز في دبي

نُشِر في Sep 17, 2023 at 10:09 PM


هل سمعت بعملية التسييل من قبل؟ نعم، هي عملية صناعة الغاز الطبيعي المسال من الغاز الطبيعي الخام، لكن ما الفكرة من ذلك ولِم تتم هذه العملية؟

 

هذا ما يوضحه مقالنا التالي عن الغاز الطبيعي المسال ونموه وكيفية تأثيره الاقتصادي على سوق الطاقة العالمي، لذا تابع معنا.

ما هو الغاز الطبيعي المسال (Liquefied Natural Gas)؟ 

يذخر باطن الأرض بكميات هائلة من الغازات الطبيعية لكن معظم تلك المكامن تتواجد في الأماكن البعيدة عن المدن والمناطق السكانية أو في قاع البحر، فهي بحاجة شبكة طويلة من الخطوط للنقل والتوزيع، لذا كانت عملية نقل تلك الغازات بعد استخراجها ومعالجتها بطريقة آمنة عقبة أمام شركات البترول، من هنا ظهرت فكرة تسييل الغاز وتحويله إلى غاز مسال سهل  الاستخدام والنقل.

 

يُعرف الغاز الطبيعي المسال (LNG) بأنّه غاز طبيعي غير سام وعديم الرائحة واللون يتشكل عند تبريد الغاز بحالته الطبيعية إلى درجات حرارة منخفضة جدًا بنحو -163 درجة مئوية أي ما يعادل -260 فهرنهايت، الأمر الذي يُقلص حجمه بنسبة تصل إلى 1/600 من حجمه الأصلي.

 

مايكل فاراداي هو من اكتشف عملية التسييل لأول مرة في العام 1820، لكن بقي الأمر حكرًا على بعض التجارب الفردية للكثير من السنوات، حتى بعد 100 عام شهدت الولايات المتحدة الأمريكية إنشاء أول مشروع أو مصنع لإنتاج الغاز الطبيعي المسال في ولاية فرجينيا الغربية، ليبدأ بعد ذلك بدء إنتاجها وانتشارها بسرعة بسبب ازدياد الطلب على تلبية احتياطيات الطاقة من دون الحاجة إلى خطوط الأنابيب.

 

يمكن شحن وتصدير الغاز بأمان عبر السفن والنقل البحري والشاحنات المصممة خصيصًا لذلك، ليتم فيما بعد عند وصوله إلى وجهته إعادته إلى حالته الطبيعية من خلال تسخينه ومن ثمّ تسليمه إلى المستهلكين التجاريين أو الصناعيين وحتى الأفراد.

 

كيف تتم عملية صناعة الغاز الطبيعي المسال؟ 

تمر عملية إنتاج الغاز الطبيعي المسال بعدة مراحل قبل أن يصل إلى حالته المسالة، بداية عملية الإنتاج هي استخراجه من موقع الحقل ليتم بعدها تنقيته وفصله عن بقية الغازات والمواد الأخرى المختلطة معه.

 

المكون الأساسي للغاز الطبيعي المسال هو الميثان الذي تصل نسبته فيه إلى حوالي 85-95%، لكنه يحتوي أيضًا على كميات ضئيلة من مركبات الإيثان والبروبان والبيوتان والنيتروجين والكربون، وحتى الماء والنفط.

 

بعد أن تنتهي عملية الفصل تبدأ عملية التسييل، وذلك عن طريق تبريده لتحويله إلى سائل، تقنية التبريد مشابهة جدًا للتقنية المستخدمة في الثلاجات، حيث يُضغط غاز منفصل مسؤول عن تبريد الغاز المراد تسييله فيبرد ويتكاثف، عادةً ما يستخدم أحد الغازات الناتجة عن عملية التنقية التي تمت إزالتها في الخطوة السابقة.

 

ينخفض الضغط بعد تكثيف الغاز وبالتالي تنخفض الحرارة، وهذا ما يُعرف بتأثير جول طومسون، حينها يتم إدخال كلا الغازين في مبادل حراري فيعمل الغاز المبرد على تبريد الغاز النظيف بما يكفي ليصل إلى الحرارة المطلوبة لتسييل غاز الميثان الثقيل وهي حوالي -163 سيلسيوس.

 

انخفاض الحرارة يجعل الغاز المنتج أكثر كثافة بمعدل 600 مرة، وبالتالي يسهل نقله عبر ناقلات وصهاريج أو عبر السفن بكميات كبيرة بدلًا من استخدام خطوط النقل، لكن شرط أن تكون تلك المركبات مجهزة للمحافظة على حرارته منخفضة، كما يجب أن تكون السفن مزدوجة الجدران بما يضمن العزل ودرجة الحرارة الكافيتين.

 

يُنقل بعدها من الصهاريج أو السفن إلى مستودعات وخزانات مبردة جيدًا ومصنوعة من جدار خارجي متين وتستخدم تقنية العزل الفراغي للمحافظة على استقرار درجات الحرارة الداخلية.

 

تبدأ بعدها مرحلة تجارة وتسويق الغاز، لكن لكي يكون قابلًا للاستهلاك والاستخدام للصناعات المختلفة، تقوم شركة الغاز بإعادته إلى حالته الغازية عبر تسخينه وهو ما يُعرف باسم عملية إعادة التغويز، يمكن أن تساعدك دورات نفط وغاز في دبي التي يقدمها مركز لندن بريمير للتدريب في زيادة خبرتك في قطاع النفط والغاز.

 

الخطوة الأخيرة، بمجرد أن يتحول السائل إلى شكله الغازي مجددًا يخضع لمجموعة من الاختبارات للقياس والرائحة والتحليل، من المعروف بأن لا رائحة للغاز الطبيعي، لذلك تضاف له رائحة تسمح فقط بسهولة اكتشاف أي تسربات.

ما أهمية الغاز الطبيعي المسال في الانتقال إلى بيئة خالية من الكربون؟ 

لعل أكثر ما يميز الغاز الطبيعي المسال عن غيره من أنواع الوقود الأحفوري أنّه أنظف تلك الأنواع فهو يُنتج ثاني أكسيد الكربون بنسبة 40% أقل من الفحم و30% من النفط، على الرغم من ذلك إلا أنه يُنتج القليل من غاز ثنائي أوكسيد الكبريت والزئبق وغيرها من المركبات الضارة بالغلاف الجوي والمسببة للاحتباس الحراري، بالإضافة لعدم انبعاث الغبار أو الجسيمات منه.

 

يلعب الغاز الطبيعي المسال دور هام في تحقيق ما تُعرف باسم معضلة الطاقة الثلاثية، وهي معادلة تسعى لخلق توازن بين ثلاث عوامل رئيسية متعلقة بالطاقة، وهي كيف يوفر طاقة بأسعار مقبولة وإمدادات آمنة وانبعاثات كربونية صفرية.

صناعة الغاز الطبيعي المسال: نمو وتطور وتأثيرها على سوق الطاقة العالمي

ما هي أكثر الدول تصديرًا واستهلاكًا للغاز الطبيعي المسال؟ 

يُعتبر احتياطي الولايات المتحدة الأمريكية من الغاز الطبيعي من أكبر الاحتياطات العالمية، لكن بحلول العام 2019 ارتفعت أمريكا إلى المركز الثالث عالميًا في قائمة الدول المصدرة للغاز المسال ويتوقع أن تتربع على عرش القائمة في العام 2025 متجاوزةً كل من قطر وأستراليا، في حين تتضمن القائمة كل من روسيا وإندونيسيا ونيجيريا وماليزيا.

 

في العام 2020، كانت كل من اليابان وكوريا الجنوبية والصين أكبر المستوردين للغاز الطبيعي المسال الأمريكي.

 

ما هو مستقبل صناعة الغاز الطبيعي المسال وتأثيرها على سوق الطاقة العالمي؟

لا يزال الطلب العالمي على الغاز الطبيعي المسال يشهد نموًا سريعًا منذ أن ظهر في أربعينيات القرن الماضي، وكانت النسبة الأعلى في العام 2019 من قِبل كل من الصين وكوريا الجنوبية واليابان بنسبة وصلت إلى 51%.

 

يتوقع أن يستمر بمعدلات نمو أعلى مستقبلًا في ظل المحاولات الدولية الاستغناء عن الوقود الأحفوري مثل البترول والفحم الملوثين والانتقال إلى مصادر نظيفة كالغاز،  وهو ما تسعى إليه إدارة مشاريع النفط والغاز الناجحة، إذ قُدر ازدياد معدل الطلب على الغاز المُسال بنسبة تبلغ 3.4% سنوياً مع حلول العام 2035.

 

من المتوقع أن يكون الغاز أسرع أنواع الوقود الأحفوري نموًا بمعدل يُقدر بـ 0.9% بين العامين 2020 و 2035، حيث انخفض الطلب على الغاز الطبيعي الغازي في العام 2020 بشكل كبير بنسبة وصلت إلى 3.0% بينما نما الطلب على الغاز الطبيعي المسال بنسبة 1.0%، يُتوقع أن تهيمن منطقة آسيا والمحيط الهادئ على سوق الغاز المسال خلال الفترة القادمة من مستقبل النفط والغاز.

 

يمكن الحديث عن مجموعة متنوعة من الأسباب التي ساهمت في دفع نمو سوق الغاز الطبيعي المسال، بدءًا من سعي الحكومات لتأمين بنى تحتية للخطوط العابرة للقارات والمخصصة للنقل التي أدت بدورها إلى زيادة الطلب على الغاز في الصناعات الرئيسية، كما أنّ عدم استقرار أسعار النفط عالمياً له دور في تعزيز نمو السوق بقوة.

 

الزيادة في عدد الدول المصدرة والمستوردة تساهم في دفع الصناعة إلى التقدم والتطور لتقديم خيارات أوسع لتلبية متطلبات العملاء وتعزيز نمو أسواق الأعمال، إضافةً إلى زيادة عدد المشاريع المرتبطة بالطاقة في الوقت الحالي كان لها دور أيضا في دفع نمو الأسواق.

 

لكن بالمقابل تواجه الأسواق بعض التحديات التي تحد من نموها مثل عدم كفاية البنى التحتية الخاصة بالغاز والأنابيب في بعض المناطق النائية.

 

ختامًا، 

 

صناعة اﻟﻐﺎز الطبيعي المسال هي بيئة ديناميكية ومزدهرة، إذ تتواجد اليوم الكثير من المنشآت العاملة في مجال الغاز الطبيعي المسال وإنتاج الموارد قيد الإنشاء والتطوير في مختلف أنحاء العالم، الأمر الذي يعد بالمزيد من النمو لصناعة الغاز الطبيعي المسال.