تطورات سوق الغاز الطبيعي: ديناميكيات السوق والتحديات المستقبلية


دورات تدريبية في النفط والغاز في دبي

نُشِر في Jan 17, 2024 at 06:01 PM


لطالما كان سوق الغاز الطبيعي (Natural Gas Market) عرضة للتقلبات على مدار السنين، تلك التقلبات هي ما تشكل مشهد الطاقة العالمي، إلا أنّ المساعي الحالية تحاول جاهدةً توفير سوق غاز عالمي متكامل ومترابط خاصةً بعد أن أصبح متوفرًا أكثر وبأسعار مقبولة.

 

تناقش المقالة التالية سوق الغاز الطبيعي وديناميكيته وكيفية تسعيره، مع الإشارة إلى المخاطر المستقبلية المحتملة، لذا إن كنت مهتمًا بهذا المجال المتنامي تابع معنا قراءة السطور التالية.

ما هي ديناميكيات سوق الغاز الطبيعي؟

تتم عملية تداول الغاز الطبيعي محليًا ودوليًا إما عبر خطوط الأنابيب في الأماكن التي تسمح بمد الخطوط أو بواسطة صهاريج بعدما يتم تحويله إلى سائل، يطلق عليه حينها الغاز الطبيعي المُسال وهو الشكل الأكثر تداولًا وأمنًا، فهو يسمح بالنقل والتخزين بكفاءة وأمان، ليس ذلك وحسب بل يتيح أيضًا تنويع مصادر الإمداد والتخفيف من تأثير مختلف الأحداث السياسية والاجتماعية والاقتصادية والطبيعية على الإمداد.

 

أحد أهم الصفات التي تميز أسواق الغاز الطبيعي افتقارها إلى سعة التخزين بعيدة المدى، إلا في الدول التي تمتلك بنى تحتية متطورة للغاية، إضافةً إلى القيود التي تفرضها الكثير من البلدان على نقل الغاز المسال، ذلك يجعل تلك الأسواق العملاقة أكثر عرضة للتقلبات الحادة في الأسعار والتي لا يمكن الحد منها إلا عن طريق التعاقد مع شركاء ومستوردين موثوقين قادرين على ضمان إيصال الشحنات الواردة في الوقت المحدد، تُشكل مجموعة من العوامل الأخرى ديناميكيات السوق، بما فيها:

- الظروف الاقتصادية:

تلعب الأحداث والعوامل الاقتصادية دور كبير في ارتفاع وانخفاض معدل الطلب، على سبيل المثال أزمة عام 2008 المالية جعلت الطلب أقل، الأمر الذي سبب وجود فائض في العرض وانخفاض في الأسعار.

- الطلب الموسمي:

الغاز مطلب موسمي، ففي فصل الشتاء يزداد الطلب عليه للتدفئة، لذا عند أي خلل أو انقطاع في سلاسل الإمداد أو انخفاض مفاجئ للحرارة قد تحدث تقلبات كبيرة في السعر.

- التكنولوجيا الحديثة:

تلعب التكنولوجيا والتقنيات الحديثة في عمليات الاستخراج دورًا هامًا في تشكيل ديناميكيات سوق الغاز، مثل تقنيات الحفر الأفقي والتكسير الهيدروليكي، فهي تزيد من الإنتاج، وبالتالي الارتفاع في العرض مما ينعكس على السوق ويخفض من أسعار الغاز.

 

علاوةً على التقدم الذي يشهده قطاع التوزيع والنقل، مثل تطوير المحطات العائمة والمحطات المعيارية للغاز الطبيعي المسال، فهي ساعدت في وصوله إلى المناطق البعيدة النائية، وذلك يعني فتح أسواقًا جديدة للموردين.

كيف يتم تسعير الغاز الطبيعي؟

الطريقة القديمة التي كانت معتمدة في الماضي لتسعير صادرات الغاز الطبيعي كانت وفق عقود واتفاقيات ثنائية طويلة الأجل تبرم بين المنتج والمستهلك، كانت تلك الطريقة مرتبطة بسعر برميل النفط الخام وبعض المنتجات النفطية بما يضمن عائد من الاستثمار، أمّا بالنسبة للتسعير المحلي فإنّ الحكومة المحلية تسعر وفقًا لنوع الاستخدام والعميل والمنطقة.

لكن مع التطور في صناعة الغاز ازداد عدد الموردين والمستهلكين في الأسواق المحلية والعالمية، الأمر الذي تطلب وضع معايير جديدة للتعاقد على صفقات الغاز وتسعيره، تتداول الولايات المتحدة الأمريكية استنادًا إلى مركز Henry Hub، بينما تتداول دول أوروبا استنادًا إلى مراكز افتراضية خاصة بكل دولة منها، على سبيل المثال تعتمد بريطانيا على مركز National Balancing Point (NBP) أمّا هولندا تُسعر وفقًا لمركز National Balancing Point (NBP).

تخضع سياسة تسعير الغاز الطبيعي إلى العديد من العوامل، ومنها ما يلي:

  • مؤشر النفط: يتدخل سعر النفط ومشتقاته في سعر الغاز وخاصةً في تجارة الغاز الطبيعي المسال الدولية.
  • المنافسة: تؤثر الارتفاعات والهبوطات في العرض والطلب ضمن السوق الواحد على سعر الغاز.
  • التسعير المُنظم: تُنظم الحكومات والهيئات سوق الغاز وتحدد الأسعار باستخدام نهج وتحليلات غير سوقية، إنما على أسس أخرى مثل تحليل نوع العميل والقطاع المستخدم فيه، استخدام منزلي أم تجاري أم صناعي.
  • المنتجات النهائية: يُسعر الموردون أسعار الغاز على أساس نوع المنتج النهائي الذي ينتجه المستهلك من الغاز المستورد، هل هو منتج تجاري ذو قيمة عالية أم منخفضة، مثل إنتاج الأسمدة.

تطورات سوق الغاز الطبيعي: ديناميكيات السوق والتحديات المستقبلية

ما هو مستقبل الغاز الطبيعي والتحديات المحتملة؟

كشفت الأبحاث والتقديرات في بداية القرن الحالي إلى أنّ تجارة الغاز الطبيعي بلغت بنحو 100 مليون طن، وارتفع الرقم في العام 2017 ليصل إلى 300 مليون طن، وهذا بفضل تطور القطاع الصناعي بشكل هائل خلال تلك السنوات، اليوم ومع التطورات المتوقعة خلال السنين القادمة فإنّه من المتوقع أن يصل استهلاك العالم بحلول العام 2040 إلى 700 مليون طن، مما يعني الحاجة إلى اكتشافات وتقنيات جديدة تدعم حركة إنتاج غاز طبيعي مسال.

 

إلا أنّ ذلك قد لا يحدث فعليًا، العديد من العوامل من شأنها عرقلة الأمر في الواقع، أهمها الأحداث السياسية والصراعات الدولية والتوترات الجيوسياسية الكبرى، على سبيل المثال مثلما حدث مؤخراً في الحرب في أوكرانيا التي زادت من الطلب الأوروبي على الغاز بعد قطع روسيا إمدادات الغاز عن العديد من الدول الأوروبية الداعمة للموقف الأوكراني.

 

وحتى خلال الفترة التي هددت إيران فيها بإغلاق مضيق هرمز في عام 2018 كردة فعل على العقوبات والحصار الأمريكي المفروض على البرنامج النووي الإيراني، إذ يمر ثلث الغاز الطبيعي المسال في العالم عبر هذا المضيق الرئيسي من المصدرين في الشرق الأوسط، مثل قطر والمملكة العربية السعودية والإمارات، سيكون ذلك تهديد لجميع أسواق الطاقة العالمية ككل.

 

المخاوف البيئية المتعلقة بهذه التجارة هي خطر آخر يهدد مستقبل التجارة، على الرغم من كونه يعد النوع الأقل ضررًا على البيئة من بين أنواع الوقود الأحفوري الاخرى، لكن يبقى هناك تخوف من الانبعاثات والتخزين تحت الأرض للغاز المسال.

 

تسلط دورات تدريبية في النفط والغاز في دبي الضوء على تفاصيل أكبر حول كيفية إبرام العقود الآجلة وقصيرة الآجل ودراسة الجدوى في النفط والغاز وغيرها من الأمور ذات الصلة بهذا القطاع، لذا ننصحك بالاطلاع عليها.

 

في الختام،

 

بالنظر إلى المستقبل، فإنّ سوق الغاز الطبيعي سيشهد نمو متوقع بشكل كبير على اعتبار أنه يدعم التحول إلى الطاقات النظيفة ويسد الفجوة في القطاعات التي لطالما كان من الصعب كهربتها باستخدام البترول.