نُشِر في Mar 13, 2024 at 08:03 PM
يعتمد العالم اليوم على الطاقة الأحفورية في معظم جوانب الحياة، بأشكالها المختلفة كالفحم والنفط الخام والغاز الطبيعي، لكنه بالمقابل السلع والخدمات القائمة على التنوع البيولوجي تؤثر عليها الطاقة بشكلٍ مباشرٍ وغير مباشرٍ عبر فقدان الموائل والتلوث والتغير المناخي.
لذا يبقى السؤال الأهم ما الذي يخبئه المستقبل حول آفاق التنقيب عن الطاقة الأحفورية في العصر الحديث؟ هل ستستمر سياسات التنقيب والاستكشاف أم ستتوقف؟ هذا ما سنتعرف عليه في مقالنا التالي.
يُعرف التنقيب عن الطاقة الأحفورية بأنّه عملية البحث والاستكشاف عن أي مواقع محتمل أن يتواجد فيها مخزون أحفوري، سواء نفط خام أو غاز طبيعي أو فحم حجري أو أي مادة أحفوري أخرى، للبدء بعملية الحفر لاستخراجها من باطن الأرض أو أعماق البحار.
كانت عمليات الاستكشاف الأولية في القرن الماضي تعتمد على على وجود علامات سطحية تُشير لوجود المخزون مثل التسرب النفطي، لكن مع التطور والتقنيات التكنولوجية على مدى السنين أصبحت عمليات التنقيب والاستكشاف أكثر تطورًا وكفاءةً بواسطة المسوحات الجيولوجية والشعاعية للطبقات الأرضية والتصوير السيزمي المستخدم في الاستكشاف البحري، حيث يقوم الجيولوجيون بدراسة التكوينات الصخرية وطبقات الرواسب لتحديد حقيقة وجود احتياطي فيها.
تعد عمليات التنقيب عن الوقود الأحفوري عالية التكاليف والمخاطر، بدءًا من الكلفة الكبيرة للتنقيب في المواقع غير الناجحة التي تم تقديم دراسات خاطئة عنها وتم العثور على بئر أو منجم جاف عند الانتهاء، قد تُكلف العملية ما بين 5 إلى 20 ملايين دولار ويمكن أن تزيد عن ذلك في بعض المواقع.
بالإضافة إلى خطر تلوث الهواء والبيئة ومصادر المياه وخطر الحوادث الصناعية والتسربات والانفجارات، لكن الأمر يستحق العناء في المواقع الناجحة، إذ تُسترد جميع التكاليف المصروفة بمجرد البدء بعملية الإنتاج بل وتعتبر تكاليف بسيطة جدًا مقارنة بالعائد الكبير.
تتعدد التقنيات المستخدمة في التنقيب عن المواد الأحفورية وتختلف باختلاف نوع مصدر الوقود الأحفوري المستخرج، حيث تُستخدم عملية تسمى التخميل في عملية التنقيب عن النفط الخام أو الغاز الطبيعي، حيث يتم حفر مئات أو آلاف الأمتار حتى الوصول إلى المخزون ومن ثمّ يُحقن البئر ببعض المواد الكيميائية الخاصة التي تعمل على إذابة الصخور الصلبة والتقليل من لزوجة المياه، وذلك يساعد في استخراج النفط والغاز من البئر.
في حين تستخدم عمليات التعدين السطحي والجوفي لإنتاج الفحم الحجري، حيث تُفصل الصخور والتربة المحيطة عن قطع الفحم في عملية التعدين السطحي، ويستخرج عبر حفر أنفاق عبر الجبال أو تحت الأرض للاستخراج من المناجم في التعدين الجوفي.
تتميز هذه التقنيات بالكفاءة العالية لكن بالمقابل لها مخاطر بيئية وصحية جمّة، كما تدخل عوامل عدة في تكاليفها مثل سعر برميل النفط أو متر الغاز حول العالم والعوامل الجيوسياسية، للمزيد من المعلومات حول خطوات الإنتاج والاستخراج والمعالجة في قطاع البترول عليك بالاطلاع على دورات تدريبية في النفط و الغاز في دبي.
ترتبط عمليات التنقيب عن الوقود والطاقة الأحفورية بالعديد من التحديات والمخاطر البيئية إلا أنها تبقى من أكبر المصادر للطاقة، لكن المستقبل يعد ببعض الإجراءات التي ستعمل على تقليل الاعتماد التدريجي على تلك التقنيات والعمل على الانتقال العالمي نحو الطاقات الخضراء المستدامة بدلًا عنها، بما في ذلك الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والنووية والكهرومائية.
حيث دعا تقرير مؤتمر المناخ في باريس في عام 2015 إلى ضرورة توقف التنقيب عن الطاقة الأحفورية بحلول العام 2030 ومضاعفة الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة لتكون بديلًا نظيفًا لها والوصول إلى انبعاثات صفرية، لكن لا تزال الكثير من الدول خارج السرب بكثير حول العمل على تحقيق الأهداف السابقة، إذ لا تزال الانبعاثات الكربونية في ارتفاع بشكل كبير.
تنطوي آفاق التنقيب عن الطاقة الأحفورية في العصر الحديث على عدد من المجالات والجوانب وهي:
تشير الدراسات والأبحاث إلى إمكانية استخدام ودمج التكنولوجيا والابتكارات الحديثة في عملية التنقيب عن الطاقة الأحفورية، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي وأنظمة تحليل البيانات الضخمة والاعتماد على الروبوتات في الأماكن التي يصعب الوصول إليها أو ذات الروف القاسية.
يمكن تحسين الاستفادة المحققة من الطاقة الأحفورية المستخرجة باستخدام بعض التقنيات الجديدة، مثل تقنيات تحسين جودة الوقود وإعادة تدوير الكربون وغيرها.
يجب أن تعمل الحكومات والشركات الدولية على زيادة تعاونها في مجال التنقيب عن طاقة أحفورية، وكذلك تعزيز دور المنظمات الإقليمية والدولية المسؤولة مثل منظمة الصحة العالمية والأمم المتحدة في مراقبة وإدارة مختلف الجوانب والآثار الصحية والبيئية المترتبة على هذه العمليات وكيفية تنظيمها.
ختامًا،
التنقيب عن الطاقة الأحفورية عملية معقدة ومثيرة للجدل وتحتاج للكثير من الصبر والعمل الجاد وكذلك المال، لكنها ما تزال حاجة ضرورية في الوقت الحالي في ظل غياب الاستثمارات الكافية في مصادر الطاقة الأخرى لتعويض الاحتياجات الكبيرة على هذا النوع من الطاقة في مختلف جوانب الحياة اليومية، على سبيل المثال يُستعمل الوقود اﻷﺣﻔﻮري في توليد الكهرباء والصناعات المختلفة.