أهمية تجارة الكربون وأبرز التحديات التي تواجهها في 2023

نُشِر في Oct 28, 2023 at 03:10 PM

تعد تجارة الكربون واحدة من الأساليب المبتكرة التي تسعى الدول والشركات لاعتمادها في محاربة التغير المناخي، فهي تساهم في تقليل الانبعاثات الغازية بشكل فعال، وذلك عبر تحفيز المنظّمات والأفراد والدول على الحد من انبعاثاتهم أو الاستثمار في تقنيات صديقة للبيئة.

 إنَّ تجارة الكربون عبارة عن نظام تداول (أسواق) حيث يتمُّ بيع وشراء الكربون، يمكن للشركات أو الأفراد استخدام سوق الكربون للتقليل من انبعاثاتهم من الغازاتِ الدفيئة من خلال شراء وحدات الكربون، التي بدورها تقلل أو تزيل انبعاثات الغازات الدفيئة.

في هذا المقال سنناقش أهميَّةَ تجارة الكربون، وأسواق الكربون المختلفة، بالإضافة إلى الفوائد الكبيرة لهذا النوع من التجارة.

لماذا تعتبر تجارة الكربون مهمةً؟

في عام 2021، أصدر الفريق الحكومي الدَّولي المعني بتغير المُناخ تقريرًا جديدًا عن تقدم العالم نحو التخفيف من تغيُّر المناخ، الأخبار البيئية السيئة هي أن انبعاثات الغازاتِ الدفيئة لا تزال في ارتفاع جرّاء المشاريع الصناعية الكبرى، ومن بين الأخبار الجيدة: الطاقات المتجددة أصبحت رخيصة الآن، وأرخص في العديد من الحالات من الفحم والنفط التي لا تحوي كربون.

بالرغم من التقدم الذي تم إحرازه في ذلك الوقت، إلّا أنَّ العالم أمام تحدٍّ هائلٍ، حيثُ هناك توقعات من عدة دراسات تحذر من زيادة درجة حرارة الأرض حوالي 2°C  (درجة مئوية) خلال القرن الواحد والعشرون، إذا لم نقلل كثيرًا من حجم انبعاثات الغازاتِ الدفيئة الآن.

لذا، كيف يمكننا توفير الموارد المالية لدفع وتمويل التحول الذي نحتاجه لمواجهة أزمة المناخ؟ تنظر العديد من البلدان والدول إلى تجارة الكربون على أنها الطريقة المثلى لتخفيف أزمة المُناخ، أو على أنها وسيلة وجزء ضروري من الحل.

لمن يرغب في زيادة الفهم والتعمق في موضوع تجارة الكربون وكيفية الاستفادة منها في مواجهة التحديات المناخية، ننصح بالانضمام إلى دورات تدريبية في الإدارة البيئية، والتي تقدم نظرة مُفصلة على أفضل الطرق والاستراتيجيات لاستغلال الفرص في سوق الكربون والتعامل مع التحديات المرتبطة به.

ما هي أنواع تجارة الكربون؟

هناك نوعان رئيسيان (سوقان) لتجارة الكربون: إلزامي وطوعي.

- سوق الكربون الإلزامي أو  (Compliance Markets)

تم إنشاء هذه الأسواق نتيجةً للاحتياجات التنظيمية سواء على الصعيد الوطني أو الإقليمي أو الدولي، وذلكّ بهدف رئيسي هو مساعدة الدول والمنظمات على تحقيق أهدافها الخاصة للحد من انبعاث المزيد من الغازاتِ الضارة، إليك بعض الأمثلة المعروفة علـى هذه الأسواق:

• نِظام التداول في حقوق الانبعاثات (ETS) الذي يتبع الاتحاد الأوروبي.
• آلية التنمية النظيفة (CDM) التي تم تبنيها بموجب بروتوكول كيوتو (الذي يعد تكملةً لاتفاق الأمم المتحدة بشأن تغيُّر المُناخ).

- سوق الكربون الطوعي أو (Voluntary Carbon Markets)

ثاني أسـواق الكربون؛ تتم عمليات هذا النوع من التجارة وفق معايير طوعية ولا تتطلب التزامًا تنظيمياً وضوابط قانونية محددة، الهدف منها هو تقديم حلول للأفراد والشركات الذين يرغبون في التعويض عــن انبعاثات غازات كوكبنا بشكلٍ طوعي، سواء كان ذلك لأسباب تسويقية أو أخلاقية أو استراتيجية، هناك العديد من الأمثلة على هذا النوع من الأسواق، مثل مشاريع إعادة التحريج والأراضي الخضراء أو مشروعات الطاقة المتجددة.

ما هي تحديات تجارة الكربون؟

على الرغم من التقدم الذي تم تحقيقه، هناك مخاوف وتحديات جدية تتعلق في تجارة الكربون، ويجب التغلب عليها لخفض حدود انبعاثات الغازاتِ قدر الإمكان، إليك قائمة بأبرز هذه التحديات:

- التضاعف في الحسابات (Double-Counting): يعتبر أول المشكلات التي تواجه تجارة الكربون وأكبرها، والتي تعني أنه قد يتم جمع وحساب نفس الحد لانبعاثات الغازاتِ أكثر من مرة من قبل الدول أو الكيانات المختلفة، مما يؤدي إلى خلل شامل في نظام التجارة الكربونية.

- انعدام الشفافية: قد يكون هناك عدم وضوح في فعاليات التداول والتحقق من صحة الانبعاثات الكربونيَّة والتقليل منها، مما يؤدي إلى انخفاض الثقة في نظام تجارة الكربون.

- التجميل البيئي (Greenwashing): بعض الشركات لديها القدرة على التسويق لنفسها على أنها شركات خضراء (مُستدامة) بشكل إجمالي، ولكن دون وضع أو تقديم أي تغيير حقيقي إيجابي في سياساتها أو عملياتها يساهم في تحسين الأسواق والتجارة في الكربون.

- انتهاك حقوق الإنسان: أحد التحديات المهمة، فقد تؤدي بعض المشاريع التي يتمُّ تمويلها من خلال تجارة الكربون إلى تشريد ملايين السكان المحليين أو استغلالهم، وتسبب الكثير من الآثار السلبية خاصّةً في المناطق النامية، وبالتالي يجب أن يتمُّ النظر في هذه المشاريع أو إلغائها بشكلٍ كاملٍ!

- التحديات التقنية: اليوم، لا يمكن أن يتمُّ العمل على التحقق من صحة الانبعاثات، والحد منها، وتتبعها بشكلٍ دقيقٍ، إلّا بواسطة تقنيات متقدمة وأنظمة رصد فعالة.

- التقلبات السعرية: قد تكون أسعار الكربون متقلبة، مما يجعل الاستثمار في مشروعات تقليل الانبعاثات وتحسين الشروط التجارية للكربون صعباً نسبياً.

- قلة التنظيم والإشراف: في بعض الأحيان، قد يكون هناك غياب للقوانين الدولية أو الوطنية الصارمة التي توفر الإدارة الصحيحية لتجارة الكربون.

- التحديات الاقتصادية: قد تكون المشروعات المتبعة لتقليل الانبعاث الكربوني غير مجدية اقتصاديًا في بعض الحالات بدون دعم مالي تجاري أو حوافز كبيرة.

  وفي الختام، نؤكد أنّ تجارة الكربون هي أداة مهمة في الجهود العالمية لمكافحة تغير المُناخ، لكنها تحتاج إلى تحسينات وإصلاحات لتحقيق أقصى فعالية ونجاح، كونها تقدم آليات متعددة تساعد في الحدِّ من انبعاثات الغازاتِ أو الاحتباس الحراري، وتعتبر تكميلًا للجهود الأخرى المبذولة في مكافحة تغيُّر المناخ.