نُشِر في Aug 25, 2021 at 04:08 PM
حوالي ثلث شركات النفط المساهمة المدرجة في السوق المالي العالمي مهدّدة وتحتلّ صناعة النّفط المرتبة الثالثة عالميّاً في حجم الدخل الذي تحققه، وتحقق أرباح عالية، وتتكوّن صناعة النفط من ثلاثة قطاعات وهي قطّاع التنقيب الذي يقوم بإيجاد وحفر آبار النفط والغاز، والقطّاع الوسيط الذي يقوم بنقل النفط من الآبار، ومصافي النفط، وقطّاع المصبّ والذي مهمّته تصفية وبيع المنتجات النفطيّة النهائيّة مثل الغاز والمازوت والبنزين.
إدارة الإبداع بشكل جيد في شركات النفط يساهم في تخفيف المخاطر العالية التي تواجهها، ويعرّف الإبداع بأنّه تقديم شيء جديد أو مختلف، وتعرّف المخاطرة بأنها احتمال عدم الحصول على النتائج المخطّطة. وتجدر الإشارة إلى أنّ الإبداع قد يكون خطراً بذاته خصوصاََ في صناعة متقلّبة كالصّناعة النفطيّة، فتصبح إدارة مخاطره من الأهميّة بمكان، وتعرّف مخاطرة الإبداع بأنّه نوع من المخاطر الناجم عن المحاولة لتحقيق إبداع.
يشرح المقال إدارة مخاطر الإبداع الذي تشتدّ الحاجة إليه في صناعة ذات مخاطر عالية كالصناعة النفطيّة، ويشرح كيف أن الإبداع يطوّر من إدارة المخاطر، وأنّ إدارة المخاطر تطوّر الإبداع.
يمكن إدارة المخاطر في صناعة النفط و الغاز بداية بتقدير المخاطر التي ممكن أن تتعرّض لها الشركة، ومن ثمّ وضع خطّة لتخفيف والتعامل مع هذه المخاطر، وأخيراً متابعة ومراقبة التقنية التشغيلية وعملها بشكل مستمرّ.
يعتبر الاستثمار في شركات النفط من الاستثمارات ذات المخاطرة العالية حيث أنّها تمتاز بأنّها صناعة غير مستقرّة، وعادة شركات النفط لها امتداد جغرافي واسع على بلدان مختلفة، وتتّسم البنية التنظيمية لشركات النفط بأنّها معقّدة، ورغم ذلك فهي تحتاج إلى اتخاذ قرارات إداريّة سريعة.
عند تقدير المخاطر الناجمة عن الإبداع فإنّه من الضروري تحديد المخاطر التي ممكن أن تقبل الشركة تحملّها، والعائد المقبول لها، فهناك إبداعات تدريجيّة وهي إبداعات قليلة المخاطر، ويوجد إبداعات ثوريّة تغيّر من الصّناعة النفطيّة وهي إبداعات مخاطرتها عالية.
تواجه شركات النفط مخاطر داخليّة ومخاطر خارجيّة، حيث أنّ المخاطر الداخليّة هي المخاطر التي تنجم من أحداث تسيطر عليها شركة النفط ، والمخاطر الخارجيّة وهي المخاطر التي تنجم من أحداث خارج نطاق سيطرة الشركة.
مخاطر داخليّة:
تواجه شركات النفط مخاطر تكنولوجيّة حيث أنّ شركات النفط تستثمر في الأصول والتكنولوجيا مبالغ ضخمة، فهي معتمدة عليها أكثر من اعتمادها على اليد العاملة، وخصوصا أن تكنولوجيا التشغيل التي تستخدمها شركات النفط لا تستطيع عادة أن تواكب تطوّر تكنولوجيا المعلومات أو تهديدات اختراق أمن المعلومات، لأنّه من الصعب على شركات النفط تحديث تكنولوجيا التشغيل لديها بشكل مستمرّ بسبب التكلفة الباهظة للتحديث.
مخاطر بيئية والتي تتعلق باحتماليّة التسببّ بأذى وتلوّث البيئة.
مخاطر الأمان وهي المخاطر المتعلّقة بسلامة الموظّفين والعمّال وسلامة التجهيزات والمعدّات.
مخاطر خارجيّة:
تواجه شركات النفط مخاطر اقتصاديّة ومنها انخفاض أسعار النفط، وانخفاض الطلب، وارتفاع تكلفة التشغيل.
ويوجد أيضاً المخاطر السياسيّة، وهي المخاطر الناجمة عن الاستثمار في بلد معين، ويعتبر التأميم الذي قد تقوم به الحكومة أشدّ هذه المخاطر.
مخاطر أخطاء الموظفين وتكون عادة تكلفتها عالية في شركات النفط.
يواجه قطّاع التنقيب المخاطر الجيولوجيّة، وهي المخاطر الناجمة عن جدوى الحفر والذي قد يكون في مكان غير مناسب.
يمكن تخفيف مخاطر الإبداع لشركات النفط باتباع مايلي:
لا تضع كلّ البيض في سلّة واحدة، فيتم تنويع محفظة الإبداعات التي يستثمر في تجربتها بدلاً من المخاطرة في الاستثمار بإبداعين أو ثلاثة، خصوصا إنّ عمليّة اختيار المشروع الابداعي الذي يستحق التمويل يأتي بعد استبعاد كثير من الإبداعات التي فشلت تجربتها.
العمل على السرعة في تجربة الإبداعات، والحصول على التغذية الراجعة من السوق لتعديل وتحسين الإبداع، فالأفكار التي ظهرت من السوق تعتبر أقلّ مخاطرة من الأفكار التي أتت من داخل قصر عاجي.
طريقة بوّابات المراحل، حيث يتم رفض الإبداعات السيّئة دون الحاجة إلى إكمال عمل المشروع عليه. حيث يقسّم كلّ مشروع إبداع إلى مراحل، ويتمّ بين المراحل عمليّة اتخاذ قرار بناء على التنبؤ والمعلومات المتوفّرة، وتشارك إدارة المخاطر بكل مراحل مشروع الإبداع.
لأهميّة الإبداع التكنولوجي كانت هيئة النفط والغاز البريطانية في خطتها التكنولوجية الاستراتيجية تركز على حاجة منظمات النفط والغاز إلى السعي لزيادة إبداعها التكنولوجي.
فشركات النفط كغيرها من الشركات بحاجة للإبداع لتكون أكثر قدرة على المنافسة بتقديم منتجات جديدة أو تجربة مميزة لعملائها، أو بتخفيض تكاليف عملها فتكون أكثر قدرة على مواجهة انخفاض أسعار النفط.
وعناصر إدارة الإبداع التي تمكّن من قيادة السّوق هي تحديد الأهداف، والتخطيط للوصول إلى الأهداف، والاهتمام بالبحث والتطوير، واستقطاب واختيار الموظّفين بعناية، ودعم المبدعين منهم من خلال تكوين ثقافة الإبداع، وإيجاد الشركاء المناسبين للعمل معهم بالذات مع صعوبة استقلال شركة النفط بنفسها وعملها لوحدها، وأخيراً وضع معايير مناسبة ولجوانب مختلفة، ولعناصر إدارة الإبداع لقياس مدى نجاح إدارة الإبداع وتطويرها.
يساهم الإبداع في تطوير أدوات لإدارة المخاطر بشكل أكثر كفاءة وفعّاليّة، فظهر مبدعون أسسوا شركات قدّمت تكنولوجيا أو خدمات طوّرت إدارة المخاطر للقيام بعملها بكفاءة وفعّاليّة أكبر، فظهرت أدوات لحساب النتيجة الناجمة عن عدد من المتغيّرات والسناريوهات،
ويمكن تحديد هذه المتغيّرات والسيناريوهات باستخدام منهج تجربة الإبداعات لإدارة المخاطر في البيئة المتقلّبة والغير واضحة، حيث أن تجربتها يكشف كيف يعمل محيط الشركة، واكتشاف المتغيّرات الموجودة فيه، وبالتالي التنبؤ بشكل أكبر بالمخاطر المحتملة.
إدارة المخاطر تشجع على الإبداع في ظل التطوّرات السريعة التي تحصل ولكن ضمن نطاق قبول الشركة للمخاطرة، حيث تختار الشركة نوع الإبداع الذي تريده وحدوده،، وبالإضافة إلى ذلك فإنّ تحكّم وإدارة وقياس الشركة لمخاطر الإبداع تجعلها أكثر قبولاً لتحمّل مخاطر الإبداع، وتساهم إدارة المخاطر في تحقيق إبداع الشركة من خلال تعريف وتحليل وتقديم توصيات للتحكم بالمخاطر.
تتكون صناعة النفط من مختلف الجهود التي تعمل على استخراج الهايدروكربون من الأرض ومعالجتها لتصبح منتجات يمكن استخدامها بشكل مفيد، ويمكن النظر إلى إدارة المخاطر وإدارة الإبداع كإدارتين بينهما الكثير من الصّراعات، على اعتبار أن الإبداع يضيف مخاطر إلى شركات النفط خصوصاً في بيئة تتّسم بأنّها غير مستقرّة وتواجه التقلّبات كالّتي تواجهها الصناعة النفطيّة، ويمكن النظر إلى البيئة المتقلّبة على أنّها تولّد فرص كما تولّد تهديدات،
ومن ثمّ التعامل مع إدارة المخاطر وإدارة الإبداع كإدارتين متكاملتين في عملهما، بحيث يصعب على الشركة النفطيّة أن تتطّوّر معتمدة على أحد الإدارتين دون الآخر، لتكون الإدارتين يعملان كجناحين متكاملين يحلّقان بالصّناعة النفطيّة بشكل متوازن و لذلك نجد العديد من الشركات الكبرى حول العالم تعمل على تطوير أداء العاملين في شركاتهم من خلال إخضاعهم لـ دورات تدريبية خاصة في إدارة المخاطر في صناعة النفط و الغاز في دبي أو لندن أو باريس و في مقرات الشركات نفسها في بعض الأحيان.