نُشِر في Oct 21, 2024 at 07:10 PM
تدر صناعة النفط والغاز ملايين الدولارات يوميًا للشركات المشغلة للآبار والمرافق، وهي واحدة من أهم الصناعات وأكثرها دعمًا للاقتصادات الوطنية في الوقت الحالي، لكن متى تم اكتشاف النفط وكيف بدأت هذه الصناعة؟
يأخذكم الدليل التالي في جولة عبر تاريخ النفط المثير وعمليات الاستكشاف الأولى وكيف أثر فيما بعد عالميًا ككل، ومع التطرق إلى الدور المحوري للمملكة في صناعة النفط العالمية.
لطالما كانت الطاقة على مر العصور عاملًا حاسمًا في تحسين جودة الحياة، ففي العصر الزراعي كان الناس يعتمدون على الخشب كوسيلة للتدفئة والطهي، لكنه بداية القصة لم تكن إلا بعد اختراع المحرك البخاري الحديث في القرن الثامن عشر، حيث بدأ التحول الكبير نحو الاقتصاد الصناعي.
دخل الفحم حينها إلى الساحة ليتفوق على الخشب بفضل كفاءته العالية وتكاليفه المنخفضة، حيث كان نصف طن من الفحم ينتج طاقة تعادل أربعة أضعاف ما يقدمه الخشب، هذا التحول لم يغير فقط مشهد التصنيع بل سهل أيضًا عملية التوزيع.
بدايات اكتشاف النفط وفقًا للدراسات القديمة أنّه تم لأول مرة قبل الميلاد بسنين كثيرة من قبل الصينيين وتحديدًا بنحو 600 عام قبل الميلاد، حينئذٍ كان يتم نقله عبر أنابيب الخيزران.
لكنه شهد بداية جديدة سنة 1847 على يد الكيميائي الاسكتلندي جيمس يونغ عندما لاحظ وجود تدفق لسائل في منجم للفحم، استطاع يونغ من خلال هذا التسرب استخلاص زيت خفيف واستخدمه في إنارة المصابيح، وزيت أكثر سمكاً من السابق استخدمه للتزييت.
لم يتوقف يونغ عند هذا الحد، فقد طور تقنيات حديثة لتقطير الفحم وإنتاج شمع البارافين وعدة زيوت أخرى، كان هذا إنجاز هام حصل من خلاله على براءة اختراع.
كان هذا الاكتشاف بمثابة شرارة لانطلاق عدة اختراعات مهمة غيرت وجه الصناعة، فقد كانت باكورة محاولات وتجارب يونغ واكتشافه عامل حاسم في تطوير عمليات تقطير أكثر تعقيدًا، مما جعل من الممكن استخلاص زيوت مختلفة من الفحم، لم تكن هذه الزيوت فقط للإضاءة، بل استخدمت في مجموعة متنوعة من التطبيقات الصناعية.
في وقت متزامن تقريبًا، كشف الجيولوجي الكندي أبراهام جيسنر في عام 1846 عن سائل جديد من الفحم والزيت الصخري، أطلق عليه اسم الكيروسين، كان هذا الإنتاج بمثابة تغيير جذري كبير في مستقبل الطاقة، حيث كان يعد أرخص وأكثر أمانًا من الزيوت الأخرى المستخدمة في الإنارة.
سرعان ما استخدم هذا الزيت النفطي لإضاءة شوارع المدن مثل مدينة هاليفاكس، ثمّ انتقل إلى الولايات المتحدة لتصبح المصابيح العاملة به جزءًا من الحياة اليومية، والذي ساهم في تحسين الظروف الحياتية في المدن، لم تكن تلك الابتكارات وسيلة للإضاءة فقط، بل علامة على بداية عصر حديث من التكنولوجيا الصناعية.
للمزيد من التفاصيل والمعلومات حول إنتاج النفط الخام والغاز الطبيعي وتطبيقاتها المختلفة، اكتشف معنا بواسطة دورات نفط وغاز المقدمة من قبل مركز لندن بريمير للتدريب المهني والتقني أهم التقنيات والأدوات والكثير من التفاصيل الأخرى المتعلقة بهذه الصناعة المثيرة، ويعد المركز متميز بتقديم دورات تدريبية صفية في دبي وعدة مدن عالمية أخرى أو أونلاين على شكل مقاطع فيديو مسجلة (Self-learning) أو جلسات مباشرة تفاعلية (Live online learning).
بالرغم أن عمليات الاكتشاف كانت مثيرة في أوروبا الغربية وكندا، إلا أنّ البدايات الحقيقية كانت من مدينة تيتوسفيل في بنسلفانيا التي كانت مسرحًا لأول بئر تجاري معروف عالميًا في عام 1859 بإشراف إدوين دريك، تم حفر أول بئر نفط بنجاح بالتعاون مع شركة Pennsylvania Rock Oil.
كان إدوين دريك هو الشخص الذي تم تعيينه لقيادة هذا المشروع، حيث تعاقد مع ويليام سميث للإشراف على عمليات الحفر، وهو حفار محترف بالملح، ليتم في 27 أغسطس 1859 حفر أول بئر نفط ناجح، هذا البئر الذي غير مجرى التاريخ.
جذب هذا النجاح انتباه رجال الأعمال والمستثمرين، وأدى لاحقاً إلى ظهور شركات نفطية كبيرة مثل Standard Oil تحت قيادة جون د. روكفلر، والتي سرعان ما أصبحت القوة المهيمنة في قطاع النفط الأمريكي، استخدم روكفلر استراتيجيات تجارية مبتكرة لتعزيز نمو الشركة، بما في ذلك عمليات الدمج والاستحواذ على الشركات الصغيرة.
بينما كانت الولايات المتحدة تتفوق في صناعة النفط، لم تصل الاكتشافات الكبيرة إلى الشرق الأوسط والمنطقة العربية إلا في القرن العشرين، حين وقع الملك عبد العزيز اتفاقية مع شركة ستاندرد أويل الأمريكية في عام 1933 للتنقيب عن البترول في أوائل الثلاثينيات، سبقها في مايو 1923 توقيع عقد مع شركة جنرال إيسترن سينديكيت للبدء باستكشاف الاحتياطات لكنها لم تستطع اكتشافه وعجزت عن سداد ديونها للحكومة، الأمر الذي دفع الملك عبدالعزيز لإلغاء حقوق الامتياز سنة 1926.
بعد سنوات من المحاولات، جاء الاكتشاف الكبير الأول في عام 1938 في بئر الدمام رقم 7، الذي عرف لاحقًا بحقل الخير كونه كان حقل واعد وبكميات كبيرة، وتم إطلاق أول شحنة من السعودية من ميناء رأس تنورة في أواخر الثلاثينات، حفرت بذلك المملكة اسمها على خريطة النفط العالمية وأصبحت نقطة انطلاق للتحول الاقتصادي في الدولة.
تأسست بعد ذلك شركة أرامكو كشركة سعودية عاملة في مجال الغاز الطبيعي والنفط والبتروكيماويات وبكل ما يخص عمليات التنقيب والإنتاج والتكرير للغاز والنفط حتى وصول المنتج النهائي للمستهلك، بلغ إجمالي إنتاج البلاد في العام 2020 وفقًا لأرامكو 12 مليون برميل من النفط الخام يومياً.
شكل اكتشاف النفط نقطة تحول جوهرية في تاريخ المملكة العربية السعودية، لم يكن هذا الاكتشاف مجرد نجاح اقتصادي فحسب، بل كان أيضًا بداية لتغيرات سياسية واجتماعية، أصبح النفط مصدرًا رئيسيًا للإيرادات، وذلك ساهم في تحديث البنية التحتية وتطوير البلاد.
منذ استكشاف الاحتياطيات النفطية في بئر الخير، شغلت السعودية مركزًا رئيسيًا في سوق النفط العالمي، أدت الزيادة الكبيرة في استخراج النفط الخام إلى دخول المملكة في أسواق لم تكن فيها مسبقًا وعززت من موقعها كأكبر مصدر للنفط وضمان أمن الطاقة، تقع معظم حقول النفط في المناطق الشرقية من البلاد وأهمها حقل السفانية البحري (أكبر حقل نفطي بحري في العالم) وحقل الغوار البري (أكبر حقل نفطي بري في العالم).
تستمر الحكومة اليوم في تعزيز دورها كدولة عملاقة نفطيًا بواسطة الاستثمارات في التقنيات الجديدة والطاقة المتجددة، كما تسعى المملكة لتنويع اقتصادها بعيدًا عن النفط، لكن لا يزال النفط يشكل جزءًا حيويًا من استراتيجية التنمية فيها.
ختامًا،
هذا كان دليلنا حول تاريخ اكتشاف النفط بدءًا من نشأته في الشمال ووصولًا إلى تطوره في السعودية حتى استحقت لقب أكبر الدول المصدرة للنفط الخام.
وعلى الرغم من التوجه عالميًا نحو استخدام مصادر طاقة متجددة، إلا أنَّ النفط سيبقى جزءًا مهمًا في تاريخ البشرية، وسيستمر في تشكيل مستقبل الدول والشعوب.
لا يوجد مقالات
لا يوجد دورات!