الاحتراق الوظيفي وصحة الموظف: التداعيات والتدابير الوقائية


دورات تدريبية في السلامة المهنية

نُشِر في May 18, 2024 at 08:05 PM


إن كنت فقدت الحافز الذي كان يدفعك إلى العمل أو بدأت تشعر بالاكتئاب والقلق بمجرد انتهاء عطلة نهاية الأسبوع والعودة للعمل، فإنّك بالتأكيد بدأت تعاني من الاحتراق الوظيفي (Job Burnout)، هذه الحالة التي يمكن اعتبارها حالة مرضية نفسية لها تأثير كبير على صحة الموظف وإنتاجيته.

     

يقدم المقال التالي تعريف بهذه الحالة وأسبابها وعواقبها وكيفية التعامل معها، لذا تابع معنا لتجنب الوصول إلى مراحل متقدمة من الاحتراق.

     

ما هو الاحتراق الوظيفي (Job Burnout)؟ 

الاحتراق أو الإنهاك الوظيفي هو مصطلح يعرف بأنّه حالة تصيب العاملين نتيجة التعرض للضغط المهني في أماكن العمل لفترات أو فقدان السيطرة على أعمالهم مما يولد لديهم الإحساس في الإجهاد والإرهاق النفسي والجسدي وفقدان الدافع للعمل، الأمر الذي يتطور شيىًا فشيئًا حتى يصل إلى الإكتئاب من أعمالهم أو بمجرد التفكير بالعمل.

     

تتجسد أعراض الاحتراق الوظيفي على شكل أكبر بكثير من مجرد الإحساس بالإرهاق المهني والرهبة من الأعمال وافتقاد الرغبة، بل يتطور ليصبح أشبه بشبح يلاحق العامل من يوم لآخر حتى يشعر بالخوف وعدم الإنجاز والتقدير، مما يجعله غير قادر على حشد أي دافع للعمل وعدم الاستمتاع فيما يعمل ويحد من قوة الذكاء العاطفي لديه، مما ينعكس على الإنتاجية ككل.

     

تلعب بعض الصفات الشخصية دور هام في ظهور علامات الإجهاد والاحتراق الوظيفي لدى بعض الأشخاص، كذلك لتجارب العمل المهني السابقة أثر في ظهورها بشكل خاص، وهو ما يفسر الأسباب الحقيقية وراء ظهور تلك العلامات لدى شخص ما دون الآخرين مع أنهم يعملون في نفس البيئة ويتعرضون لنفس الضغوط ويتعاملون مع ذات المشاكل الوظيفية.

     

ما هي أهم أسباب الإصابة بالاحتراق الوظيفي؟ 

تختلف الأسباب التي تقع خلف ظهور مؤشرات الإحتراق الوظيفي (Job Burnout)

 من شخص لآخر كما ذكرنا سابقًا، إلا أنّه يوجد بعض الأسباب الشائعة التي يمكن أن يكون لها دور كبير في ذلك، ومنها:     

  • قلة السيطرة:

عدم القدرة على المشاركة في صناعة القرار والتأثير على الأمور الخاصة بإنجاز الأعمال ضمن أماكن العمل من شأنه تعزيز فرص الإصابة بالاحتراق.

     

  • عدم الوضوح:

كذلك الحال بالنسبة لعدم وضوح المهام والأمور المطلوب إنجازها من شأنها إحساس الشخص بعدم تحقيق أي فائدة للشركة، وبالتالي ارتفاع معدل احتراقه الوظيفي.

     

  • النزاعات والخلافات:

تؤثر الخلافات والنزاعات بين العمال ضمن الشركات على إنتاجيتهم وتزيد من شحن الجو العام بالطاقة السلبية والضغط الجسدي أو النفسي ، بما في ذلك التنمر والتدخل بشؤون الآخرين والعمل على إفشالها، مما يولد مكان عمل سلبي يُرهق الجميع.

     

  • عدم التوازن في الأعمال:

إن كانت الأعمال أقل من طاقة العمال أو أكبر منها بكثير فإنّها تؤدي إلى الإنهاك أو الأحتراق أيضًا، فالأعمال الأقل تجعل الوظيفة مملة والأعمال الكثيرة تضع الفرد تحت ضغوط كبيرة تفوق طاقته وتصعب عليه الوفاء بالتزاماته.

     

  • عدم الإحساس بالدعم:

الافتقار للدعم سواء من البيئة الشخصية أو العملية للموظف تجعله يشعر بالعزلة وبالتالي وتزيد من الضغط النفسي والعقلي.

     

  • عدم التوازن بين العمل والحياة:

الإنسان الغير قادر على خلق توازن بين حياته المهنية واليومية هو شخص ذو عرضة للاحتراق الوظيفي بمعدل أكبر بكثير من أقرانه، يعتبر العمل لساعات طويلة مستنزف للطاقة ولا بدّ من تعويضها بقضاء الوقت الكافي مع العائلة والأصدقاء.

الاحتراق الوظيفي وصحة الموظف: التداعيات والتدابير الوقائية

ما هي تداعيات الاحتراق الوظيفي؟ 

الاحتراق الوظيفي مرض حقيقي يتطلب معالجة وفي حال تجاهل الأمر وعدم اتخاذ أي إجراء فعلي للتخفيف من حدته فإنّ العواقب لن تكون حميدة في الكثير من الأحيان، قد يحدث أي من الأمور التالية:

  • الشعور بالاستنزاف وعدم القدرة على التأقلم.
  • الأرق وصعوبة النوم والشعور بحاجة لتناول المهدئات والكحول.
  • زيادة الإحساس بالظلم أو الحزن أو الغضب والعصبية الغير مبررة أو اللامبالاة.
  • يصبح الجسم أكثر عرضة للإصابة بالأمراض، خاصة الأمراض المزمنة كالسكري وضغط الدم وأمراض القلب.

     

ما هي أبرز الاستراتيجيات الفعالة للتعافي من الإحتراق الوظيفي؟ 

تتضمن القائمة التالية مجموعة من أهم استراتيجيات التعافي من الاحتراق لمعرفة طريقة التصرف والتعامل مع مجمل العوامل التي قد تسببه، وهي:

  • أخذ قسط من الراحة لأنّ الاسترخاء والراحة هي الدواء الأفضل للتغلب على الإرهاق البدني والنفسي، بواسطة قراءة كتاب أو الاستماع للموسيقى أو التأمل في الطبيعة يمكن التخفيف من أعراض الاحتراق في مرحلة من المراحل في ذلك.
  • اتباع نظام غذائي صحي والنوم الكافي وممارسة الرياضة وأخذ قيلولة هي ممارسات فعالة للرعاية الذاتية من شأنها المساعدة أيضًا انخفاض معدلات التوتر وزيادة الإنتاجية.
  • قضاء فترات استراحة قصيرة خلال العمل يساعد في علاج النفس وإعادة شحن طاقة الشخص والعودة للعمل بإيجابية، بما في ذلك تناول وجبة خفيفة أو الصعود والنزول على الدرج أو المشي بعض خطوات أو التنفس العميق.
  • وضع حدود بين الحياة المهنية والشخصية، على سبيل المثال إن كنت تعمل عند بُعد اجعل العمل محصور بمكان محدد بعيدًا عن ضجيج العائلة للتركيز أكثر، وإن كنت تعمل في المكتب حدد ساعات العمل اليومية ولا تتعدى على أوقات راحتك.
  • ممارسة التأمل والاسترخاء لمساعدة العقل على التصفية والعلاج الذاتي، مما يساعد في إنعاش الجسد والروح سويةً.
  • التحدث عن أي مشكلة تعاني منها في العمل مع أحد الأصدقاء أو أفراد العائلة التي تثق بهم والقادر على تفهم موقفك، يساعد ذلك على تعزيز الشعور بالأمان والراحة.
  • الحصول على الدعم المعنوي اللازم سواء من قبل الإدارة أو الزملاء وعدم الخوف من الحديث عما تحتاجه للمضي قدمًا في عملك، سواء تشجيع بسيط أو تمديد الجدول الزمني للمهام أو تخفيف عبء العمل كلها بمثابة ممارسات بسيطة تزيد من شعور التقدير.
  • اتباع دورات تدريبية في السلامة المهنية أو السلامة السلوكية لتعلم كيفية التعامل مع مختلف الحالات الوظيفية والاجتماعية التي يتعرض لها الموظفون في أماكن العمل.

     

إضافةً لذلك، يستطيع قادة الأعمال وأصحاب المؤسسات المساعدة في تجاوز الإحتراق الوظيفي من خلال اتباعهم لنهج استراتيجي يدعم وجود ممارسات جديدة ومتطورة بانتظام تتمثل بالإجراءات التي يمكنها التخفيف من وطأة الإرهاق والضغط على موظفيهم، بما في ذلك إشراكهم في محادثات عن المشاكل والضغوط التي تعترضهم واستخدام مؤشرات القياس لقياس مستوى الإجهاد والتوتر لديهم وتطوير خطط تخفف من ضغط العمل بحيث لا يتم تحميل الموظفين مسؤولية المشاكل التي تحدث معهم خلال عملهم.

     

ختامًا، 

 

اليوم، أي شركة لا تهتم بموضوع الإحتراق الوظيفي والتدخل بالوقت المناسب مصيرها مغادرة أفضل المواهب لها باحثةً عن شركات ذات مزايا أفضل، يسبب ذلك معدل دوران مرتفع للموظفين ويكبدها تكاليف عالية هي بغنى عنها.