نشر في :10/15/2025, 8:18:47 PM
تحليل النفط هو نقطة الانطلاق الأولى لفهم تقلبات الاقتصاد العالمي، نظرًأ لأنّ النفط هو اللبنة الرئيسية في الكثير من السلع الأساسية والمصدر الأول للطاقة المستخدمة في كل جوانب الحياة، سواء في التصنيع أو النقل أو الإنتاج، لذا فإنّ أي تغيير يطرأ على سعره ينعكس على جميع القطاعات الاقتصادية.
لذلك تعتبر دراسة الأسواق النفطية وإجراء تحليل لمختلف العوامل المؤثرة عليها أمر في غاية الأهمية للمستثمرين والحكومات وأصحاب القرار في التداول، وهو ما سوف نتحدث عنه في المقال التالي الذي يتناول هذا التحليل الفني الهام.
أي تحليل نفط عادةً ما يدرس مجموعة من العوامل الرئيسية المؤثرة التي تلعب دورًا في تقلب السعر، أهمها:
من الأساسيات التي يقوم عليها تحليل النفط هو فهم العلاقة بين العرض والطلب، على اعتبارهما عاملين رئيسيين في تحديد السعر العالمي له.
يتضمن الطلب كل من يستهلك المشتقات النفطية بمختلف أنواعها سواء من أفراد أو شركات أو أي مستهلكين آخرين، في حين يعرف العرض بحجم الاحتياطات المعروضة للبيع والشراء وعادةً ما تتأثر بمستوى إنتاج الدول، زيادة الإنتاج عادةً ما تترافق بانخفاض السعر، والعكس صحيح.
من الصعب المحافظة على التوازن بين العرض والطلب، إذ أنّ أي تأخيرات في التوريد أو الإنتاج أو زيادة في الاستهلاك اليومي ما تسبب عادةً تقلبًا حادًا في السعر.
الفرق بين كمية الإنتاج وحجم الاحتياطيات هو أحد النقاط التي يأخذها تحليل النفط بالاعتبار أيضًا، ليس كل من لديه احتياطات قادر على استخراجها وإنتاجها بسهولة، لكن قبل الدخول في التفاصيل عليك أن تعرف الفرق بين أنواع الاحتياطيات التي تُقسم عادةً إلى 3 فئات رئيسية، هي:
على سبيل المثال تحتل فنزويلا اليوم صدارة الدول التي تمتلك احتياطيات مؤكدة عالميًا، والتي تتجاوز 303 مليار برميل، إلا أنّ إنتاجها أمرًا معقدًا ومكلفًا نظرًا لطبيعة تلك الاحتياطيات والتي غالبا ما تكون من النفط الثقيل وفي أماكن من الصعب الاستخراج منها.
تحتل المملكة العربية السعودية المركز الثاني باحتياطيات تبلغ 267 مليار برميل، ومن بعدها تأتي الولايات المتحدة التي تمتلك ما يقدر بـ 55 مليار برميل من الاحتياطيات المؤكدة.
عند تحليل الأرقام السابقة نكتشف بأنّ الوفرة في الموارد لا تعني كميات كبيرة من الإنتاج، حيث تؤثر كل من التقنيات التكنولوجية المستخدمة وتكاليف الاستخراج على العملية وهي ما تحدد الإمكانية الحقيقية للاستفادة من ذلك المخزون.
تعتبر مراحل الاستخراج والنقل والتكرير والتوزيع جزء أساسي من تحليل النفط، حيث تشكل تلك المراحل سلسلة من العمليات المترابطة التي تحدد كفاءة المنتج النهائي وسعر بيعه في السوق.
وجود المخزون النفطي وحدة لا يعتبر شيئًا ما لم يستخرج ويعالج ويطرح في الأسواق، وهو ما قد لا يتوفر في الكثير من الدول، إذ لا تستطيع بعض الدول تكرير كل الكمية المستخرجة لديها مما يحد من قدرتها على تحويل النفط الخام إلى منتجات قابلة للاستهلاك مثل الديزل أو البنزين، هذه الفجوة بين الإنتاج والمعالجة هي التي تسبب تقلب السعر وهي ما تدخل في تحليل النفط.
يمكن أن تساعدك دورة المبادئ الأساسية في استكشاف النفط والغاز وإنتاجهما من بين دورات تدريبية في النفط والغاز لندن في فهم أهم الاستراتيجيات والتقنيات المستخدمة في استكشاف وإنتاج الغاز الطبيعي والنفط الخام اليوم، وبالتالي مساعدتك في فهم مؤشرات تحليل النفط.
يقدم مركز لندن بريمير سنتر هذه الدورة أيضًا في كل من كوالالمبور وإسطنبول وباريس وبرشلونة ودبي وامستردام والقاهرة بالتعاون مع مدربين وأكاديميين خبراء في المجال، كن على اطلاع بأحدث الدورات التي نقدمها بزيارة موقعنا الإلكتروني.
لا يمكننا الحديث عن تحليل النفط دون ذكر دور منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) في تسعيره، تأسست أوبك في ستينات القرن العشرين وهي تحاول منذ ذلك الوقت تنظيم الإنتاج والمحافظة على استقرار السعر بشكل ثابت، بالرغم من أنّ ميثاقها لا يحتوي على أي نص صريح لتحديد سعر النفط، إلا أنّ عملها في تنظيم الكميات المنتجة والتحكم في العقود الآجلة يمنحها القوة والنفوذ للتحكم في أسعار السوق.
فهي ترفع الأسعار عندما تقدم توصيات بخفض مستوى الإنتاج أو إلغاء عقود البيع، في حين تتراجع الأسعار عندما تصدر قراراتها بزيادة حركة الإمداد، وبالرغم من تراجع نفوذها في الفترة الأخيرة مقارنةً بالعقود الماضية، إلا أن قرارات وتوصيات المنظمة ما تزال تحتفظ بأثرها على أسواق النفط العالمية.
لعل أهم النقاط الواجب دراستها عندما يتم إجراء تحليل النفط هي الصراعات والتوترات، تعرف صناعة النفط بأنّها صناعة عالمية وعندما يشهد أي سوق اضطراب أو توتر ما فإنّه ينعكس على جميع الدول في أنحاء العالم، إذ أنّ معظم الدول التي تعتبر من أكبر مصادر النفط في العالم، مثل ليبيا والسعودية وإيران والكويت وقطر والعراق، تقع في الشرق الأوسط الذي يعتبر من أكثر المناطق حساسية للتوترات.
كذلك، للصراعات تأثير مباشر على الارتفاع في الأسعار اللحظية لبرميل النفط أو انخفاضه ولا بدّ من أخذها بعين الاعتبار في تحليل النفط، على سبيل المثال سببت الحرب الروسية الأوكرانية أواخر العام 2021 ارتفاعًا في سعر برميل خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي بمعدل 35% خلال بضعة أشهر، في حين وصل سعر خام برنت لأكثر من 105 دولار للبرميل في أوائل عام 2022، مثل هذه الأحداث تُظهر مدى الترابط المحوري بين السياسة والاقتصاد النفطي ومدى التأثر الكبير للسوق بالأوضاع الجيوسياسية.
أصبح من الواضح الآن دور تحليل النفط في فهم ديناميكيات السوق، التغييرات الحادة في السعر لا تقف عند حدود السعر وحسب بل تنعكس على العديد من المحاور الآخرى، بما في ذلك تداول الأسهم وسلوك المستثمرين وسندات الطاقة.
وفق إحدى الدراسات التي تناولت الفترة ما بين 2014 و2024 فإنّ هناك دور كبير لما يُعرف بـ"الزخم الليلي" لأسعار النفط في انتقال تقلبات السوق العالمي لسعر البرميل، وهو ما يتطلب من أصحاب القرار المالي إعداد استراتيجيات فعالة لإدارة مشاريع النفط والغاز الناجحة وضمان الاستقرار اليومي ومراقبة مخاطر الطاقة.
ختامًا،
لا بدّ أنّك تُدرك الآن بفضل تحليل النفط أنّ العرض والطلب ليس هو وحده من يحدد أسعار النفط بل مجموعة معقدة من العوامل التقنية والسياسية والجيوسياسية، وعندما تكون قادرًا على فهمها جميعها ستكون شخص خبير قادر على إجراء تحليل النفط والتنبؤ في اتجاه السعر في المستقبل وتطوير استراتيجيات اقتصادية أكثر استقرار وتحقيق مكاسب مثل أي خبير فني آخر في المجال.