نُشِر في Dec 11, 2022 at 08:12 PM
تؤثر اليوم اقتصاديات النفط وصناعته على كافة مجالات الحياة، وبالتأكيد يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالاقتصاد الدولي والعالمي، على اعتباره يمتلك كثيرًا من العوامل المساعدة في النهوض الاقتصادي، فهو المصدر الأساسي للعائدات النقدية للموازنات في الكثير من البلدان، بالإضافة إلى دوره في تنمية القطاعات الخدمية والمالية.
ظهر مؤخرًا مصطلح أُطلق عليه اسم اقتصاديات النفط، يفيد هذا الاختصاص في شرح ودراسة كافة العوامل والمخاطر المتعلقة بالنفط وصناعته وتأثيراته المختلفة على حياة الأشخاص والاقتصادات العالمية، تابع معنا للتعرف أكثر حول هذا التخصص.
بالتعريف المُبسّط هي عبارة عن مجموعة من النظريات الاقتصادية والسياسية المعقدة والمرتبطة بشكل مباشر مع صناعة النفط، يلعب الاقتصاد النفطي دورًا كبيرًا في اقتصاد البلد ونموه، وبشكل خاص البلاد التي تعتمد على صناعة النفط والغاز بشكل أساسي في اقتصادها، في حين لا تتأثر كثيرًا البلاد ذات التنوع الاقتصادي.
برز هذا المصطلح حديثًا، يعود استخدام مصطلح اقتصاديات النفط إلى حوالي بدايات القرن العشرين وأواخر القرن التاسع عشر، تلك الفترة التي بدأت فيها الثورة الصناعية بالانتشار حيث بدأ الاستخدام الفعلي للنفط وبرز كقوة حقيقية ومؤثرة في كافة المجالات الصناعية والتجارية والطاقية، بالإضافة إلى المجالات العسكرية والسياسية.
كان من الضرورة التعمق في دراسة كافة الجوانب المتعلقة في النفط وصناعته لفهم أكبر حول مستقبل هذا الأمر، لذا عمدت العديد من دول العالم إلى استحداث كليات متخصصة في قسم اقتصاديات النفط ضمن جامعاتها ومؤسساتها التعليمية لتأمين مختصين قادرين على دراسة وفهم تأثير إدارة المخاطر في صناعة النفط والغاز بالإضافة إلى كيفية الاستغلال الأفضل لهذه الموارد لتحقيق اقتصاد قوي ومتين.
ظهرعلم اقتصاديات النفط كاختصاص منفرد على اعتباره يحقق الشروط الثلاثة الأساسية لأي علم، وهي: الموضوع والهدف والمنهجية، تتكامل النقاط الثلاثة لتشكل علم حديث مندرج ضمن قائمة العلوم المختلفة التي لها مكانها من الأبحاث والدراسات وتُدرّس في كلية متخصصة.
أي أن موضوع اقتصاديات النفط هو أحد مواضيع الاقتصاد التطبيقي، الذي يجمع ما بين تطبيق النظريات الاقتصادية نظريًا على المجال المدروس، وما بين التطبيقات العملية للعمليات الاقتصادية والأنشطة المتعلقة باستغلال هذا المجال.
في حين يكمن الهدف من اقتصاديات النفط في البحث الدائم عن مصادر جديدة لهذه الثروة والعمل على تحويلها إلى سلع ومنتجات تلبي حاجة السوق، وهو ما يعرف بالصناعة النفطية التي سنتحدث عنها تاليًا، أمّا بالنسبة للنقطة الثالثة وهي المنهجية فإنّ علم الاقتصاديات يعتمد على عدد من المناهج لتحقيق الهدف من موضوع العلم، من تلك المناهج المنهج الاستنباطي والإحصائي والوصفي والاستقرائي.
يتوقع من المهتمين بدراسة قسم اقتصاديات النفط أن يكونوا ذوي خلفية مقبولة بالتاريخ والموقع الجيوسياسي العالمي ومعرفة أولية في كيفية صناعة النفط والغاز بشكل عام، فهم سيدرسون مجموعة من العلوم والنظريات مثل الدراسات المستقبلية لتوافر النفط حول العالم أو دراسة التكاليف البيئية المتعلقة بإنتاج البترول.
كذلك يعمل خبير اقتصاديات النفط على وضع بحوث وتطبيق أبحاثه لتكوين سياسة جديدة للتعامل مع الاحتياطي النفطي والتعاون مع الشركات العامة والخاصة للعمل على إيجاد حقول جديدة للبترول، بالإضافة إلى نشر ثقافة صناعة البترول لدى الأشخاص المهتمين باقتصاديات النفط وسياسات الدول المصدرة للنفط.
للطاقة البديلة أو النظيفة حصتها أيضًا في دراسات الاقتصاديات، فهي موضوع دراسة بعض الباحثين في اقتصاديات النفط، يعمل الباحثين في هذا المجال على حث سياسة الدول للبحث عن بدائل أخرى نظيفة للنفط والغاز ومشتقات الوقود الأحفوري بشكل عام، ناهيك عن الآثار الاقتصادية الكبيرة الناتجة عن تحويل امدادات الطاقة.
الصناعة النفطية هي عملية كاملة ومتعددة تبدأ من الخطوة الأولى وهي البحث والاستكشاف عن المادة وتنتهي في المرحلة الأخيرة وهي المعالجة ضمن المصافي للحصول على منتج نهائي جاهز للبيع، يتم ذلك وفق المراحل التالية:
تهدف هذه المرحلة بالبحث عن آبار وخزانات جديدة للبدء بالحفر والاستثمار والتي قد تتطلب وقتًا طويلًا، تتميز هذه المرحلة بالمخاطر العالية والرأسمال المرتفع لشركات التنقيب عن النفط والغاز.
تركز هذه المرحلة على نقل الغاز و النفط الخام من المنطقة المستخرج منها إلى محطات ومصافي المعالجة عن طريق الأنابيب أو الشاحنات أو النقل البحري، الشيء المميز في هذه المرحلة هو التنظيم العالي وخصيصًا ما يتعلق بالنقل عبر الأنابيب، وينخفض فيها رأس المال المخاطر.
تشمل هذه المرحلة الأعمال ضمن محطات المعالجة والمصافي، بالإضافة إلى محطات الوقود كمرحلة نهائية للمنتج الجاهز للبيع والتعبئة، تعمل المصافي على معالجة النفط وإزالة كافة الشوائب المستخرجة معه من باطن الأرض وتحويله إلى منتجات عديدة مثل البنزين والكيروسين والزيت ليكون جاهزًا للاستهلاك في السيارات والمصانع والمنازل.
دراسة الاقتصاد بحد ذاتها هي موضوع شائك ومعقد لدى الكثير من الناس، وفي هذه الحالة تضاف مجموعة من العوامل السياسية المؤثرة عليها في الدراسة، يعمل الخبير اﻻﻗﺘﺼﺎدي في هذا المجال على تحقيق التوازن ما بين العرض والطلب، لكن ذلك لا يتحقق بالسهولة فهو متعلق بالكثير من العوامل الرئيسية، كالصحة والسياسة والعوامل المجتمعية.
على سبيل المثال منذ عامين ومع ظهور فيروس كورونا انخفض الطلب على النفط نتيجةً للحجر الصحي الذي طبّق في معظم دول العالم، أو مثلًا حاليًا تأثير الحرب الأوكرانية الروسية على أسعار النفط والغاز وارتداداتها الكبيرة على الاتحاد الأوروبي مع بداية فصل الشتاء والطلب المتزايد على الطاقة.
بالنتيجة يمكننا القول بأنّ للسياسة أثرها المباشر على العرض والطلب على النفط، ولكن العكس صحيح أيضًا إذ يمكن أن يؤثر العرض والطلب على النفط على سياسة الدول.
كما تؤثر بعض المجالات الأخرى ، مثل الزراعة والصناعة والشحن الدولي والنقل، أيضًا على العرض والطلب، حيث تتكامل جميع المجالات السابقة معًا وتتشارك في الطلب العالمي على النفط.
ختامًا،
لا يمكننا نفي دور اقتصاديات النفط على العالم أجمع، بل وزيادة الطلب على الخبراء في هذا المجال يومًا بعد يوم، لذا في حال كنت ترغب بالحصول على معلومات أكثر في هذا المجال ننصحك باتباع أحد دورات تدريبية في النفط والغاز في دبي.