نُشِر في Apr 08, 2024 at 09:04 PM
تشهد الأسواق المالية انفتاحًا غير مسبوقٍ على بعضها البعض، الاقتصاد الحديث قائم على المعاملات الدولية وتدفق رأس المال الدولي الحر، هذا يفرض وجود قوانين ومبادئ ثابتة تراقب عمل الشركات والمنظمات عند الإفصاح عن بياناتها المحاسبية بشكل دقيق ومتسق بعيدًا عن الاختلاف في حال استخدام معايير خاصة بكل بلد، انطلاقًا من هنا ظهرت المعايير المحاسبية الدولية التي هي موضوع مقالنا التالي الذي يعرض أهمية تلك المعايير وغيرها المزيد من التفاصيل.
تُعرف المعايير المحاسبية الدولية (international accounting standards) على أنّها مجموعة من القواعد والأسس الخاصة بالبيانات المالية المتداولة في الأسواق حول العالم، وضعت من قبل مجلس ﻣﻌﺎﻳﻴﺮ المحاسبة المالية (IASB) في العام 1973، وهي هيئة مستقلة تتخذ من لندن مقرًا لها، لتنظيم عمليات مقارنة الشركات مع نظيراتها وزيادة الثقة والشفافية ﻓﻲ إعدادها للتقارير وتحسين الاستثمار والتجارة الدولية، وما تزال هذه الأهداف والأخلاقيات قائمة حتى اليوم في القطاع المحاسبي لضمان العدالة بين الجميع.
لقد استبدلت تلك المعايير بمعايير التقارير المالية الدولية (IFRS) في العام 2001، والتي أصبحت معتمدة من قبل معظم الأسواق المالية العالمية، بما فيها السوق السعودي والعربي، إلا أنّ الولايات المتحدة الأمريكية كان لها رأي آخر فهي تلزم المنظمات والشركات التابعة لها والعاملة ضمن أسواقها على اتباع معايير المحاسبة المقبولة عموماً (GAAP)، اليابان والصين أيضًا رفضوا اعتماد هذه المعايير في أسواقهم المالية.
لكن كل المقاييس السابقة تهدف إلى وضع نموذج محاسبي متسق يساعد في تعزيز التجارة الدولية، إلا أنّ المعايير الدولية لإعداد التقارير المالية عبارة عن مبادئ ومعايير وليس قواعد موجهة، وبالتالي فهي تترك مجال للشركات للمناورة في بياناتها المالية الأساسية.
تشمل تلك المفاهيم والمبادئ كل من نهج الميزانية العمومية الذي يحدد أولويتها على بيان الدخل، كذلك تشمل أولوية المضمون على الشكل وتنظم الحياد وتعطي الأولوية لرؤية المستثمر وتحدد المكانة المهمة الممنوحة للتفسير وتوضح النموذج المالي الاحترازي.
مع الانفتاح المستمر عامًا بعد عام على الأسواق الدولية والعالمية فإنّ التحول إلى تبني معايير اﻟﻣﺣﺎﺳﺑﺔ اﻟدوﻟﻳﺔ أصبح له عدة مزايا مختلفة للشركات، إن كنت ترغب بأن تصبح خبير في القطاع المحاسبي والمالي وتطلع على كل التحديثات والمتغيرات فيه عليك التسجيل في دورة من مجموعة دورات تدريبية في المحاسبة في لندن، بالعودة إلى ﻗﺎﺋﻤﺔ المزايا إليك 5 من أبرزها:
هدف توحيد المعايير المحاسبية هو تطوير أسس وقواعد موحّدة ومقبولة للتنفيذ من قبل المنظمة، لهذه المعايير أهداف مزدوجة تكمن في توحيد التدفقات النقدية والبيانات المحاسبية التي يُحتمل بأنّها تلبي الاحتياجات والمطلوبات المحتملة لمجموعة من المستخدمين، ساهمت هذه العملية في التأثير على الإجراءات المحاسبية وتعزيز المقارنات الزمانية والمكانية بين الشركات المستهدفة.
علاوةً على ذلك، يتم تخفيض تكاليف الممارسات والإجراءات ويعزز الاستثمار العالمي، ذلك يساعد المستثمرين في التطور وفي اتخاذ قرارات مستنيرة والتنبؤ بخطوات ومراحل سير الأعمال، نتيجةً لذلك قبلت معظم البورصات والأسواق الهامة مثل جنيف وزيورخ ولندن والرياض وأمستردام وفرانكفورت وروما بإعداد المعلومات والبيانات المالية للشركات التجارية الأجنبية المدرجة ضمنها بموجب هذه المباد.
استخدام معيار محاسبة عالمي يجعل عملية التقييم ومقارنة النتائج الاقتصادية بين الشركات أسهل بواسطة التحقق المباشر من البيانات المالية الخاصة بكل منها ومقارنتها بهذا المعيار أو المقياس بغض النظر في أي دولة كانت.
أجرت بعض الشركات تحديث على إصدارات النصوص المحاسبية لديها، حيث كان في السابق يوجد لوائح تضبط عمل المحاسبة بحيث تسمح بكل ما هو غير محظور ضمنها، وهذا عيب كبير فيها.
تبني المعايير المحاسبية الدولية أتاح وجود مرجعية مشتركة ذات موثوقية تُقارن أي معلومة مالية لأي شركة مع معيار مشترك للجميع، هذا النظام الجديد ساهم في تبني معايير تحدد الأصول والمفاهيم والتوجيهات الحتمية والمشتركة للمحاسبة، بما فيها مبدأ الحيطة والحذر وغيرها.
يساهم نشر المعايير المحاسبية الدولية في توفير شفافية كبيرة بما يتعلق بالاتصالات والمعاملات المالية عند التنسيق بين مختلف القطاعات، إذ يتوجب على معايير المحاسبة الدولية الوفاء بثلاث قيم رئيسية، وهي الاكتمال والمقارنة والحياد.
يعتبر الاكتمال الشرط الأول والذي يتمثل بضرورة تسجيل أي نشاط مالي ضمن الشركة وعدم إخفاء أي معلومة خارج الميزانية العمومية، بينما تعبر المقارنة عن ضرورة توحيد المعلومات المالية بين جميع المؤسسات ليكون من الممكن مقارنتها، أمّا الحياد فهو الشرط الثالث الذي يشترط بألا تترك تلك المبادئ أي مجال للشركة للمناورة بما يخص إدارة حساباتها.
استخدام معايير مختلفة يتطلب الكثير من الأدوات والوقت والجهد والتكلفة للقيام في الدراسة الكلية وتوحيد المعلومات المالية، وخاصةً في الشركات متعددة الجنسيات، سوف تظهر تحديات كبيرة عند دمج البيانات نتيجة اختلاف طريقة إعداد التقارير، لذا استخدام معايير محاسبية دولية يسهل عملية توحيد وتجميع المعلومات.
العيب اﻟﻌﺎم الأكبر لمعايير المحاسبية الدوليّة هو افتقارها للتفاصيل، حيث تشترط هذه المعايير على الشركات تقديم بيانات سنوية عن الحالة المالية خاصتها بطريقة متسقة تسمح بمقارنتها مع معايير الصناعة، إلا أنّها أقل تفصيلاً من مبادئ المحاسبة المقبولة عموماً، حيث اضطرت لجنة معايير المحاسبة الدولية للتخلي عن بعض التفصيلات التي كانت تتضمنها القوائم المحلية الخاصة ببعض الدول للوصول إلى معايير مقبولة للجميع وقابلة للتطبيق.
من العيوب الأخرى للمعايير اﶈاسبية الدولية هي تكاليف تطبيق هذه المبادئ وما تتطلبه من رسوم ونفقات لإعادة التدريب والتعلم، إضافةً إلى الحاجة إلى المزيد من الوقت والموارد والاستثمار في دورات تدريبية في ﺍﻟﻤﺤﺎﺳﺒﺔ والمالية للوصول إلى النتيجة المطلوبة من عملية إعادة التأهيل بالنسبة إلى المحاسبين القانونيين، تلك المشكلة تعتبر تحدٍ كبير أمام الشركات العاملة على المستوى المحلي، إنّ تبني تلك الشركات للمعايير الدولية يكلفها أكثر بكثير من الفوائد التي ستجنيها.
في الختام،
ملخص دور المعايير المحاسبية الدولية في الأسواق المالية هو تعزيز الترابط بين أهم المراكز المالية وتنظيم عمل تلك الأسواق بفعالية عن طريق تعزيز المساءلة والشفافية.