نُشِر في Aug 08, 2024 at 07:08 PM
في عالم متسارع تتحكم فيه الأرقام والفوائد، ينبثق التمويل الإسلامي كالنجمة المشرقة في الاقتصاد العالمي، حاملاً معه قيم العدالة والتوازن، يسلك التمويل الإسلامي مسارات مبتكرة تجمع بين الربحية والمسؤولية الأخلاقية بعيدًا بذلك عن مسار أي بنك تقليدي، في ظل هذا التحولات العالمية، تلعب المملكة العربية السعودية دورًا رياديًا في هذا القطاع، مستندةً على إرثها العربي والإسلامي الغني ورؤيتها الطموحة.
يهدف المقال التالي إلى تقديم مقدمة عن مصطلح التمويل الإسلامي مع الإشارة على ماذا يرتكز هذا النوع من التمويل في عملياته المصرفية وكيف يحقق ربح، لذا تابع معنا.
يقوم قطاع التمويل الإسلامي على أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية التي تحرم الربا وتؤكد على العدالة والمشاركة في الخسارة والربح، كما يُمنع أي شكل من أشكال المقامرة والتي يشار إليها باسم الميسر.
برزت السعودية كواحدة من أكبر الأسواق في مجال التمويل الإسلامي في الشرق الأوسط والعالم مع زيادة الطلب على الخدمات الرئيسية المتوافقة مع الشريعة، تتنوع تلك الخدمات ما بين البنوك الإسلامية والتكافل والصكوك والاستثمار الإسلامي والتي تعكس مدى التزام المملكة بتحقيق رؤيتها الاقتصادية 2030، والتي تهدف إلى تعزيز الاقتصاد غير النفطي وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، في هذا السياق، يلعب التمويل الإسلامي دورًا محوريًا في تعزيز الاستقرار المالي وتحقيق النمو والتقدم البشري والتنمية المستدامة.
تقدم دورة إدارة التمويل اﻹﺳﻼﻣﻲ، من بين دورات محاسبة في دبي التي يتشرف معهد لندن بريمير سنتر للتدريب بتقديمها، أسسًا واسعة وشاملة في التمويل الإسلامي، فهي تغطي صيغ ومبادئ التمويل الاسلامي وعلاقته بالتمويل التقليدي وتسمح للمشاركين باستكشاف تاريخ التمويل والبنوك الإسلامية وكيفية تأسيسها والاتجاهات الحديثة وتنظيم التدفقات النقدية للتمويل الإسلامي بواسطة البحوث والدروس النظرية ودراسة الحالات الواقعية، سجل الآن للحصول على شهادة قيمة ومعتمدة والاستمتاع بأفضل تجربة.
يتوقع من المتدربين في نهاية هذه البرامج التدريبية فهم المبادئ الأساسية للتمويل الإسلامي بشكل عام والتعرف على مميزات المنتجات والخدمات المصرفية ومعرفة كيفية تقييم جميع الاختلافات بين التمويل الإسلامي والتقليدي في التجارة ودراسة أدوات إدارة المخاطر وإيجاد الحلول لها وإظهار مهارات مرنة في حوكمة الشركات اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ، يعتبر البرنامج التدريبي مثالي للأفراد العاملين في صناعة التمويل والمديرين وموظفي العمليات والتسويق التجاري وطلاب الشريعة والمدققين الماليين الباحثين عن التنمية في صناعة التمويل.
تتأسس المصارف الإسلامية على مبدأين أساسيين، هما تقاسم الأرباح والخسائر وحظر تحصيل الفائدة ودفعها:
في النظام المصرفي الإسلامي، يعتبر تقاسم الخسارة والربح أحد أهم شروط العملية المصرفية فيها والذي يميزها عن نظيراتها التقليدية، يستند هذا المبدأ على فكرة مشاركة الأرباح والخسائر بين البنك والعملاء،
في المبدأ الأول، تدخل البنوك الإسلامية في شراكات استثمارية مع عملائها عوضًا عن تقديم القروض بفائدة ثابتة لتمويل مشروع ما، بحيث يتم تمويل المشاريع وتوزيع الأرباح المحققة من هذه الاستثمارات بناءً على ضوابط ونسبة متفق عليها مسبقًا، وفي حال الخسارة يتم توزيعها أيضًا بين الأطراف المشاركة وفقًا لحصصهم، يعزز هذا النهج من الشفافية في العمل ويقلل من المخاطر، حيث تكون العلاقة بين مؤسسات التمويل والعميل مبنية على التعاون والمشاركة في تحقيق الأهداف المالية.
تحظر مبادئ وصيغ التمويل الإسلامي بشكل صارم تحصيل الفوائد ودفعها، وذلك بناءً على تعاليم القرآن الكريم التي تعتبر الربا محرمًا، حيث تعتبر زيادات غير مبررة على الأموال المقترضة، وهو ما يتنافى مع مبادئ العدالة والإنصاف التي يشير إليها القرآن الكريم.
بدلاً من ذلك، تعتمد اﻟﺒﻨﻮك الإسلامية على عقود تمويلية أخرى في الاستثمار مثل المرابحة والمضاربة والمشاركة والإجارة، مما يتيح للعميل تسديد المبلغ على أقساط بدون فائدة، تهدف هذه البدائل إلى توفير العدالة والشفافية في المعاملات المالية.
يساهم المبدآن السابقان في تعزيز الاستقرار المالي والاجتماعي، فهما يقللان من مخاطر الإفلاس والمشاكل المصرفية والاقتصادية التي قد تنجم عن التفاوت الكبير في الثروة والفوائد المرتفعة، كما يعززان البيئة الإيجابية القائمة على الثقة والتعاون بين الأطراف المالية، مما يؤدي إلى نمو اقتصادي مستدام وتوزيع أكثر عدالة للثروة.
تسعى البنوك الإسلامية إلى خلق التوازن بين الربحية والمسؤولية الاجتماعية من خلال هذين المبدئين، مما يجعلها خيارًا جذابًا للعديد من المستثمرين والمستهلكين الباحثين عن حلول مالية تتماشى مع قيمهم الدينية والأخلاقية.
تعتمد البنوك الإسلامية على مجموعة متنوعة من العقود التمويلية التي تحقق الربحية من خلال تقديم خدمات ومشاركة في الأنشطة الاقتصادية بدلاً من فرض الفوائدة. إليك تفاصيل أكثر عن هذه الأساليب:
في هذا العقد، يتولى البنك مهمة تقديم رأس المال بينما يقدم العميل جهده الخصوصي وخبرته في إدارة المشروع، تُقسّم الأرباح المحققة بين الطرفين بناءً على نسب متفق عليها بشكل مسبق، في حال لم يحقق المشروع أرباحًا، يخسر البنك أمواله بينما يخسر العميل جهده ووقته، ما يعزز من مبدأ تقاسم الخسارة والربح.
في ﻋﻘﺪ المشاركة، يساهم كل من البنك والعميل برأس المال ويشاركان في إدارة المشروع، تُقسم الأرباح والخسائر بين الطرفين بنسبة مساهمتهم في رأس المال، يعزز هذا النوع من التمويل مبدأ التعاون والشراكة الفعالة بين البنك والعملاء.
المرابحة هي عقد بيع يقوم من خلاله البنك بالشراء بناءً على طلب العميل، ثم يبيعها للعميل بسعر يتضمن معدل ربح متفق عليه، يسدد المبلغ على شكل أقساط من دون فائدة، يوفر هذا العقد للعميل تمويلًا لتجارة وشراء الأصول الثابتة مع ضمان شفافية التكلفة.
وهي تعني تأجير الأصول، حيث يقوم البنك بعملية شراء الأصل المطلوب مثل العقار أو المعدات أو المركبات ويؤجره للعميل لفترة محددة (لسنة أو أكثر مثلًا) وبقسط معين، يمكن أن يتضمن العقد خيارًا للعميل لشراء الأصل في نهاية فترة التأجير وفق مبلغ يُتفق عليه، يوفر ذلك مصدرًا ثابتًا للدخل للبنك دون تحصيل الفوائد.
الصكوك هي أدوات تشبه السندات ولكنها تتوافق مع التشريعات الإسلامية، تمثل الصكوك حصصًا في أصول ملموسة أو مشاريع استثمارية، وتدر عوائد تعتمد على الأداء الفعلي للأصول، توفر الصكوك للبنك وللمستثمرين مصدرًا للعوائد والتمويل بدون الحاجة إلى الفائدة.
عن طريق هذه الأدوات، تستطيع البنوك الإسلامية توفير مجموعة متنوعة من الخدمات المالية التي تلبي احتياجات الأفراد والشركات التجارية مع الحفاظ على التزامها بمبادئ الشريعة، تتنوع هذه الأدوات بين التمويل الشخصي والتجاري وتمويل المشاريع الخاصة سواء الكبيرة منها أو الصغيرة، مما يعزز من دور البنوك الإسلامية في دعم الاقتصاد الدولي والمحلي وتوفير بدائل تمويلية عادلة ومستدامة.
ختامًا،
لا يعتبر اﻟﺘﻤﻮﻳﻞ الإسلامي اليوم مجرد نظام مصرفي واقتصادي بديل وحسب، بل هو فلسفة إسلامية اقتصادية تسعى لتحقيق التوازن بين مصالح الأفراد والمجتمع وتفتح آفاقاً جديدة نحو مستقبل مالي عالمي أكثر استدامة وعدلاً في المنافسة.