نُشِر في Oct 31, 2022 at 09:10 PM
يتمثل التمويل الإسلامي كإحدى الآثار الإيجابية البليغة التي خلفتها الأزمة الاقتصادية العالمية بعدما عصفت بمهد النظام المالي العَالمي الاقتصاد الأمريكي، إذ توجهت الأنظار إلى مبادئ التمويل الإسلامي نتيجة لاكتشاف الفشل الذريع التي أحدثته مبادئ الفوائد الربوية على البنوك الاقتصاديّة.
وعلى الرغم من أنَّ مفهوم قطاع التمويل الإسلامي يعود إلى تاريخ تأسيس الإسلام أي لا يعتبر حديث النشأة، إلا أنه لم يتم اعتماد التمويل الإسلامي العالمي إلا في الحقبة الزمنية الممتدة من القرن العشرين إلى عصرنا الحالي.
وذلك بفضل ما أثبته من قدرة على مواجهة التحديات المالية، وحل المعضل منها، لا سيما أنّه محكومُ بمجموعة من القواعد والقوانين الشريفة والقائمة على مبدأ العدالة بين جَميع الأطراف المُشاركة.
تأسيسًا على ذلك ولأنَّ آليات التمويل الإسلامي أصبحت مطبقة في جميع أرجاء العَالم سواء في البلدان الإسلامية أو حتى غير الإسلامية، حرصنا على إعداد دليلًا مختصرًا وشاملًا يهدف إلى دراسة التمويل الإسلامي وما يتعلق به من صيغ ومبادئ.
بادئ ذي بدء، لا يمكن لأية مُؤسسات أو شركات سواء محلية أو عالمية إنشاء المشاريع والاستثمَار من خلالها دون وجود العديد من مصادرالتمويل بصرف النظر عن أنواعها وماهيتها، أي سواء إسلامية أو غير إسلاميّة.
لا سيما أنَّ أي عملية تمويل تتبع منهج تعقب تكاليف المشروع وتحديد مجال الاحتياجات المالية اللازمَة لإكمال المشروع إلى نهايته وابتكارسبلًا لجمعها، سواء بالرجوع إلى قائمة التدفقات النقدية الخاصة بالشركات أو بالاقتراض من أحد المصارف التقليدية أو اللجوء للمصادر التمويلية التي تشترط مقابلًا يتم الاتفاق عليه بين الطرفين، وهذا على وجه العموم.
أما بوجه خاص، فإن للتمويل الإسلامي عدد من الاعتبارات الخاصة من جهة تَقديم التمويل للمشاريع بحيث أنها تخضع خضوعًا تامًا لـ أحكام الشريعة الإسلامية فلا تحيد عنها يمينًا ولا شمالًا.
إذ لا يوجد في مؤسسات التمويل الإسلامي أي من المبادئ المعتمدة ﻓﻲ التمويل التقليدي، مثل تقاضي الربا، أو التمويل عن طَريق الميسر أو أخذ نسبة ثابتة من حجم موارد المشروع بصرف النظر عن الربح أو الخسارة.
وإنما بدلًا من ذلك تعتمد على التمويل بواسطة اقتسام خسارة أو منافع البرامج التجارية المتفق عليها، كذلك يشترط البنك الإسلامي أن يكون الغرض الاقتصادي حقيقي ولا ينطوي على أية عمليات استغلال ضد أي طرف من أطراف المشروعات، وهذا هو تمامًا ما ساهم في إيذاع صيت الدعم والتمويل الإسلامي وأعطاه أهمية تفوق أنواع التمويل الأخرى.
هناك مجموعة من صيغ التمويل التي يعتمد عليها مصرف التمويل الإسلامي في عملياته، سنتطرق ضمن هذه الفقرة إلى أكثرها استخدامًا وشهرةً، إذ لا يسعنا الحديث عنها جميعها ضمن بضعة أسطر.
- المرابحة
من أول أدوات التمويل الإسلامي ظهورًا والمعتمد عليها بالمصارف المحلية والعالمية سواء لتمويل الاستثمار أو المشروع التجاري، حيث يقوم مبدؤها على بيع السلعة أو العقار أو ما شابه، وفقًا لثمن الشراء الأَول مضافًا عليه مقدار معين من الربح يحدده البائع، بشرط توضيح ثمن السلعة الأَول للمشتري وكم سيتقاضى البائع عليه من الربح.
- المشاركة
تعد صيغة التمويل الإسلامي المعتمدة على مبدأ المُشاركة من أهم وأكثر الصيغ استخدامًا في سوق التمويل الإسلامي، لا سيما أنها تعتمد على تَقديم مقدارًا معينًا من التمويل اللازم لتغطية التكاليف الرئيسية للمشروع مقابل نسبة معينة تشترطها من الربح إن كان المشروع يحقق أرباحًا، أما إن حقق خسارةً فهي تشترك أيضا بالنتائج السلبية المترتبة على ذلك.
- المضاربة
إن صيغة التمويل عن طريق المُضارَبَة ما هي إلا نموذجًا يمثل عقدًا يتم بين طرفين إحداهما يقدم مالًا والآخر يقدم جهدًا، أي يتم تقديم المال مثلًا من شخص غير قادر على استثمار أمواله بنفسه إلى البنك الإسلامي للتنمية بهدف الحصول على نمو في أمواله عن طَريق التجارة والاستثمار، لكن بشرط أن يتحمل الخسارة كلا الطرفين، الأول خسارة أمواله والثاني خسارة جهده.
- التمويل بالتأجير
يمتلك أي بنك إسلامي عام بشكل أو بآخر الخدمات المتعلقة بالتمويل بالتأجير، أي شراء الأُصول سواء العقارية أو المركبات أو المعدات أو أي من أنواع الأصول اللازمة لإنشاء المشروع، واستثمارها عبر إخضاعها وتوظيفها لخدمة المستأجر أي صاحب فِكرة المشروع والقائم في العَمل عليه سواء شركة أو مؤسسة أو حتى مستثمر.
ثم إنَّ هذا النوع من العقود يعطي المستأجرالأحقية الكاملة بالتصرف في هذه الأصول بما يتناسب مع خطة الصناعة أو التجارة المتوافقة مع فكرة مشروعه، وَذلك مقابل مقدار معين من الأموال يدفع شهريًا إلى فَترة زمنية معينة تسمى فترة التعاقد، وهي الفترة المستغرَقة لدفع التكاليف الآتية:
ختامًا
ليس يخفى علينا دور آليات التمويل الإسلامي في مواجهة الأزمات المالية وتفاديها، بل وحل آلاف المشكلات الاقتصاديّة على المستوى الفردي والمجتمعي، فمن خلالها استطاعت الشركات تنمية أموالها وأرباحها، وزادت فرص العمل مما انعكس على نهوض المجتمع الدولي والمحلي.
أي أنَّ مستقبل التمويل الإسلامي بدأ يشرق في كافة أرجاء العالم، وأصبح لا بدَّ من الخوض أكثر في قواعده ومفاهيمه اللازمة للمشاريع، والتي يصعب الإلمام بها واستيعابها دون الالتحاق بدورات تدريبية متخصصة مثل دورات تدريبية في المحاسبة في باريس.