الهيدروكربونات النفطية وتأثيراتها البيئية والصحية


أفضل الممارسات في قياس المواد الهيدروكربونية

نُشِر في Dec 22, 2022 at 07:12 PM


تُعتبر الهيدروكربونات النفطية من أكثر الأشياء المهددة للسلامة البيئية والبشرية نظرًا للسميّة العالية التي تؤثر بها على صحة الإنسان وتدهور البيئة الطبيعية.

 

في هذا المقال نستعرض ما يعني مصطلح الهيدروكربونات النفطية وما هي أهم تداعيات استخداماتها عبر القرون على كل من البشر والبيئة على حد سواء.

 

ما هي الهيدروكربونات النفطية (Petroleum Hydrocarbon)؟ 

 

يشيع استخدام مصطلح الهيدروكربونات النفطية للإشارة إلى مجموعة كبيرة من المركبات الكيميائية التي يعود أصلها إلى البترول الخام، وهو اختصارٌ لمصطلح الهيدروكربونات النفطية الكلية (TPH).

 

تعرف الهيدروكربونات النفطية بهذا الاسم كونها تتكون من عدد من ذرات الكربون والهيدروجين المرتبطة فيما بينها بطرق مختلفة لتعطي أنواع مختلفة من المنتجات النفطية.

 

من المركبات النفطية التي تتبع للهيدروكربونات البنزين والكيروسين والزيوت المعدنية والهكسان والتولوين والنفثالين والزيلين والفلورين وغيرها من المنتجات المختلفة، يمكن أن تحتوي عينة من الهيدروكربونات النفطية على واحدة من تلك المنتجات أو خليط منها.

 

تُصنف مركبات الهيدروكربونات النفطية وفقًا لعدد ذرات الكربون التي تحتويها، غالبًا ما تكون المركبات ذات ذرات الكربون الأعلى ثقيلة وتغرق ضمن الرواسب النفطية، بينما تطفو أو تتبخر المركبات ذات ذرات الكربون الأقل، أو لن نجدها في الرواسب على الأقل.

 

من الفئات أو النطاقات الرئيسية التي صُنفت إليها الهيدروكربونات لدينا ما يلي:

 

  • المواد العضوية في نطاق البنزين (GRO): تنتمي إلى هذه الفئة المركبات التي تضم ما بين 6 إلى 12 ذرة كربون.
  • المواد العضوية في نطاق الديزل (DRO): في هذه الفئة تُصنف المركبات التي تضم ما بين 10 إلى 20 ذرة كربون.
  • المواد العضوية في نطاق الزيت (ORO): تضم هذه الفئة المركبات التي تحتوي ما بين 20 إلى 35 ذرة كربون.

 

من أين تصل الهيدروكربونات البترولية إلى البيئة؟

يمكن للهيدروكربونات أن تدخل إلى النظام البيئي خلال عملية التنقيب واستخراج النفط ونقله وتخزينه وتكريره ومعالجته، حوادث التسربات ﺍﻟﻨﻔﻁﻴﺔ من الأنابيب والخزانات، والانسكابات من ناقلات النفط في المحيطات، وخلال عمليات الإصلاح في المصافي والحقول والآبار، بالإضافة إلى نواتج العملية الصناعية والاستخدامات التجارية أو الخاصة، مثل عوادم السيارات والمصانع، وتوليد الطاقة.

 

ماذا يحدث عندما تدخل الهيدروكربونات النفطية إلى البيئة؟ 

بمجرد أن تصل الهيدروكربونات إلى البيئة تنتقل من التربة لتصل إلى المياه الجوفية، تعمل البكتيريا والكائنات الحية الدقيقة على تفكيك سلسلة المركب إلى أجزاء أصغر.

 

بعد أن تتفكك الهيدروكربونات يتبخر بعضًا منها مباشرةً إلى الغلاف الجوي، وهي المركبات التي تضم عدد قليل من ذرات الكربون، في حين تبقى المركبات الأثقل في التربة لفترات طويلة مسببةً أضرار جسيمة على النظام البيئي وحياة الكائنات، بمجرد أن تتلوث التربة بالهيدروكربونات البترولية سيستغرق استرداد التربة لخصائصها عدة سنوات. 

 

تُشكل التربة الملوثة بالهيدروكربونات مصدرًا كبيرًا للقلق، إذ يمكن أن تكون سببًا في زيادة مخاطر الحرائق والانفجارات، خصيصًا عندما يتجمع غاز الكربون الناتج عنها ضمن مكان ضيق.

ناهيك عن ذلك، يمكن أن تُلوث مياه الشرب والمغذيات، الأمر الذي ينتج عنه أضرار صحية وتدهور كبير للأراضي وتدمير النباتات المغذية والموائل وغذاؤها، وإهدار الموارد غير المتجددة، ولا يمكن أن نتجاهل التلوث الهوائي وتقليل جودة الهواء نتيجةً للأبخرة والأدخنة فيه.

 

كيف يتعرض الإنسان للهيدروكربونات النفطية؟

يتعرض جميع الناس وبشكل يومي تقريبًا للملوثات الناتجة عن الهيدروكربونات النفطية من عدة مصادر، منها:

  • استنشاق الهواء الملوث ضمن محطات الوقود.
  • المواد الكيميائية المستخدمة خلال عمليات التنظيف في المنازل وأماكن العمل.
  • المبيدات الحشرية.
  • العمل في المنشآت وحقول النفط والغاز.
  • العمل في مهن تستخدم مشتقات البترول، مثل الطلاء.
  • السكن ضمن منطقة قريبة من محطة منشآة أو حقل نفطي أو خط إنتاج البترول أو قرب مكان الانسكابات والتسربات. 
  • مياه الشرب الملوثة.
  • لمس التربة الملوثة.

 

كيف تؤثر الهيدروكربونات النفطية على صحة الإنسان؟ 

تؤثر بعض منتجات الهيدروكربونات على قدرة عمل الجهاز العصبي مسببةً الشعور بالصداع أو بالدوار عند التعرض لمستويات مُركّزة منها، يمكن أن تتضاعف الأعراض لتسبب اضطرابًا عصبيًا يُعرف باسم "الاعتلال العصبي المحيطي" والذي يكون على شكل خدر في القدم والساق، كما أن للهيدروكربونات تأثيراتها أيضًا على عمل الجهاز المناعي والجلد والعينين والرئتين والدم.

 

أشارت الوكالة الدولية لأبحاث السرطان (IARC) من خلال دراساتها إلى أنّ مركبًا واحدًا من الهيدروكربونات يعتبر مادة مسرطنة للإنسان وهو البنزين، فيما يمكن لبعض المركبات الأخرى مثل البيرين أن يكون مسببًا للسرطان أيضًا.

 

من أجل الحصول على أبحاث أكثر دقة طُبقت بعض الأبحاث على الحيوانات، حيث أظهرت النتائج تأثير الهيدروكربونات على عمل الجهاز العصبي المركزي والرئتين والكلى والكبد، بالإضافة إلى تأثير بعض المُركبات على تكاثر تلك الحيوانات ونمو الجنين.


 

كيف يمكن للشخص التأكد إن تعرض للهيدروكربونات النفطية أم لا؟ 

لا يتوفر أي فحص طبي دقيق لبيان تعرض الفرد لأحد مُركبات الهيدروكربونات النفطية، لكن توجد بعض الطرق الجانبية لتحديد ذلك، حيث يمكن تحديد تعرض شخص ما لـ الكيروسين من خلال الرائحة على الملابس والنفس، أمّا البنزين يمكن قياس نسبته من خلال هواء الزفير أو قياس ناتج تحلله في البول.

 

كذلك الأمر بالنسبة لبعض مُركبات الهيدروكربونات يمكن قياس نسبتها في الدم أو البول أو النفس أو بعض الأنسجة.

 

بعض التوصيات لحماية صحة الإنسان

لا يوجد أي إرشادات أو لوائح خاصة للحماية من الهيدروكربونات النفطية، لكن يمكن الاستفادة من التوصيات الأساسية التالية لتلافي بعض الضرر:

 

  • الإبلاغ عن أي انسكابات أو تسربات نفطية في البيئة، حتى وإن كانت عرضية بمجرد أن تتجاوز الكمية المتسربة 10 أرطال أو أكثر من البنزين.
  • تجنب التعرض لنواتج عملية تكرير البترول، حيث حددت إدارة السلامة والصحة المهنية مقدار التعرض بـ 500 جزء من النواتج لكل مليون جزء من الهواء النقي ولمدة لا تتجاوز الـ 8 ساعات في اليوم، أي 40 ساعة عمل أسبوعية


 

ختامًا، 

تدمر الهيدروكربونات البترولية صحة النظام الإيكولوجي والاقتصادي وصحة الإنسان، لذلك لا بدّ من دراسة تأثير إدارة المخاطر في صناعة النفط والغاز ووضع الحلول الجدّية للحد من الملوثات والاستخدامات لتلك المشتقات، سواءً للحفاظ على البيئة أو التنمية الحضرية للمجتمعات.

 

يقدم مركز لندن بريمير سنتر دورة تدريبية في أفضل الممارسات في قياس المواد الهيدروكربونية يمكنك التسجيل الآن مباشرةً للاطلاع على كيفية ذلك والمساعدة في إيجاد الحلول.