الاقتصاد الاخضر في 2030: هل نصل فعلاً إلى الحياد الكربوني؟


دورات تدريبية في القاهرة

نُشِر في Apr 29, 2025 at 07:04 PM


صحيح أنّ عالم اليوم سريع الخطى لكن على ما يبدو أنّ الغد سيكون أسرع، فالتطورات التكنولوجية الجديدة والتغيرات المناخية تتسارع بوتيرة عالية لم نشهدها من قبل، وبين كل ذلك يبرز مفهوم الاقتصاد الاخضر (Green Economy) كأمل واعد وحلم مستقبلي بغدٍ أفضل وأكثر استدامة وعدل، ومع اقتراب 2030 ما تزال الأنظار تترقب هذا النموذج الاقتصادي وقدرته على تقليل آثار تغير المناخ، هل فعلًا سيستطيع البشر الوصول إلى الحياد الكربوني؟ يسلط المقال التالي الضوء على هذه الفكرة، تابع معنا لنتناقش سويةً في الأمر.     

ماذا يعني الاقتصاد الاخضر (Green Economy)؟     

من حيث التعريف، يُعرف مصطلح الاقتصاد الاخضر على أنّه نموذج تنموي يطمح لتحقيق التنمية والرفاهية والعدالة الاجتماعية للإنسان، وفي نفس الوقت يهدف لتقليل المخاطر المتعلقة بقضايا البيئة والعمل على استدامة الموارد، ويتحقق ذلك عن طريق دعم الاستثمار في البنى التحتية المستدامة، سواء العامة منها والخاصة، والتخلص من أي مصدر ينتج عنه انبعاث كربون.

وقد عرّف برنامج الأمم المتحدة للبيئة هذا المصطلح، بأنّه استراتيجية اقتصادية تهدف لمساعد الدول على خفض وتقليل الانبعاثات الكربونية مع تعزيز النمو وفرص العمل والسعي للتنمية وتحقيق الاستدامة بصورة عامة.

توجد العديد من من الممارسات اليومية التي تدعم هذا النموذج، سواء على مستوى الأفراد أو المؤسسات، بما في ذلك:        

  • شراء منتجات زراعية عضوية.     
  • التنقل عبر وسائل النقل الخضراء، مثل الدراجة الكهربائية أو السيارات الهجينة.     
  • استخدام الكهرباء بدلاً من الغاز ﻓﻲ طهي الطعام.     
  • الاستثمار في تنفيذ المشاريع الهادفة لإعادة تدوير البطاريات والمواد الخام.     
  • توسع الاستثمار في مختلف أنواع الطاقة المتجددة وتشغيل المعامل والمصانع بالاعتماد على الطاقة النظيفة.     
  • تطوير منتجات قابلة لإعادة التدوير والعمل على تحسين عمليات إدارة نهاية دورة حياة المنتج.        

ما هي المبادئ الخمسة التي يقوم عليها الاقتصاد الاخضر؟     

يعتمد الاقتصاد الاخضر على خمس مبادئ رئيسية لضمان حالة التوازن بين البيئة والتنمية، تلك المبادئ هي:

رفاهية الإنسان:     

هدف الاقتصاد الاخضر الأول والأساسي هو تعزيز رأس المال البشري والثقافي والاجتماعي، من خلال ضمان حق التعليم والوصول إلى أحدث التقنيات التكنولوجية الخضراء والبنية التحتية المستدامة في العالم، مما يؤدي إلى تأمين الرفاهية للناس ويسمح لهم بالتنمية والنمو الشامل، وفي نفس الوقت الحفاظ على الموارد الطبيعية من التدهور.     

العدالة والإنصاف والحوكمة الرشيدة:     

يساهم الاقتصاد الأخضر في تحقيق وتعزيز الحوكمة الرشيدة والمساواة كونه يقوم على أساس إنشاء مؤسسات شفافة ومرنة ومسؤولة، كما يعمل على صناعة القرار بطرق لا مركزية تشاركية، بعيدًا عن المصالح الخاصة، لتقديم حلول مبتكرة ومستدامة لجميع المشاكل والعقبات نبني على أساسها مجتمع أخضر.     

القضاء على الفقر:     

يفتح الاقتصاد الأخضر أبواب الاستثمار في عدة قطاعات مختلفة كونه يعمل على خلق قطاعات حديثة تتطلب مهارات مستحدثة، مما يساعد في سد الفجوات الاقتصادية والاجتماعية بعيدًا عن التمييز.     

كفاءة الطاقة والموارد:     

يسعى الاقتصاد الاخضر إلى الاستخدام الأمثل لأي موارد مستمدة من الطبيعة والحد من النفايات من خلال تبني نموذج اقتصاد دائري يدعم خطط إعادة التدوير ويقلل من استهلاك الطاقة، يبرز التدريب على الاقتصاد الدائري كأحد الحلول المساعدة في تحقيق هذا المبدأ.     

التنمية منخفضة الكربون:   

يدعم الاقتصاد الاخضر مشاريع الطاقة المتجددة بأنواعها المختلفة، الشمسية أو الريحية أو الهيدروجين، منخفضة الانبعاث والكربون تسهم في الحد من التغير المناخي، ويدعم المساعي للتحول إلى كهرباء مستدامة للتقليل من الاعتماد على مشتقات الوقود الأحفوري بهدف تخفيف المخاطر البيئية.

الاقتصاد الاخضر في 2030: هل نصل فعلاً إلى الحياد الكربوني؟

ماذا يوفر الاقتصاد الاخضر من فرص؟     

يعتبر التحول نحو الاقتصاد الاخضر خطوة رائدة لأي شركة لتعزيز مركزها التنافسي من خلال الاستثمار في الاستراتيجيات القائمة على اعتماد أي مصادر طاقة نظيفة أو متجددة في عملياتها وبرامج كفاءة الطاقة، حيث تشير التقديرات إلى وصول الإيرادات من قطاعات الاقتصاد الاخضر، مثل النقل والطاقة والهيدروجين، إلى مستوى من 9 إلى 12 تريليون دولار بحلول العام 2030.

كذلك تشير التقارير إلى أنّ الأنشطة والابتكارات في مجالات الاقتصاد الاخضر مثل الإنتاج المستدام والطاقة المتجددة، سوف ترفع  المستوى وتكون محركًا رئيسيًا للنمو والازدهار الاقتصادي في المستقبل.     

ما تأثير الاقتصاد الاخضر على سوق العمل؟     

للاقتصاد الأخضر تأثير كبير على سوق العمل عالميًا، إذ تشير تقارير منظمة العمل الدولية إلى أنّنا سنحصل حوالي 24 مليون فرصة عمل جديدة بحلول عام 2030 إذا ما تحولنا إلى الاقتصاد الاخضر فعليًا، كما يتوقع أن تلعب بعض الصناعات مثل الطاقة المتجددة وكفاءة البناء دورًا كبيرًا في تعويض الخسائر في الوظائف والعمالة في بعض القطاعات التي ستشهد تراجعًا مثل الصناعات التقليدية كالنفط والفحم.     

ومع ذلك، تُحذر المنظمة من أنّه من الضروري سد الفجوة المتوقعة بين المهارات المتاحة حاليًا للموظفين وبين المهارات التي ستكون مطلوبة لإنجاز المهام في المستقبل لمواجهة التحديات بثقة، والتي من المتوقع أن تُشكل تحديًا حقيقيًا،  وبالتالي من الضروري اعتماد خطط واستراتيجيات تعليمية وتدريبية موجّهة لدعم التحول الأخضر، دورات تدريبية في القاهرة يمكنها أن تكون منقذًا حقيقيًا للأشخاص الباحثين عن تنمية مهاراتهم لمواكبة تطورات السوق المصري، كما يقدم المركز خدماته في الإمارات عبر فرع دبي.

من جانب آخر، تتحدث تقارير عن حجم الاقتصاد الاخضر وأنّه سيصل إلى أكثر من 14 تريليون دولار. وتشير دراسات أخرى إلى أن البطئ والتقاعس بخصوص التكيف مع الطرق المساعدة في تحقيق مستقبل اقتصادي اخضر قد تسبب تآكل في الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسب تصل إلى 22%، وذلك بسبب الكوارث والظروف المناخية والتكاليف الاقتصادية الباهظة المتعلقة بها.

في المقابل، فإن الشركات التي تستثمر في التحول البيئي والاستدامة ستحقق مزايا تنافسية وتنظيمية كبيرة، مما يرسّخ مكانتها في الأسواق العالمية المتغيرة.     

هل نصل فعلاً إلى الحياد الكربوني؟     

في الحقيقة نحن نخوض سباقًا مع الزمن للوصول إلى الحياد الكربوني بحلول العام 2030، لكنّ الواقع لا يُبشر بذلك، وفق ما بين أيدينا من معلومات ومعطيات حاليًا، لنكون أقل تشاؤمًا، إذ ازداد مستوى الانبعاث الكربوني خلال السنوات الأخيرة ووصل إلى مستويات قياسية، والتقارير الحالية للأمم المتحدة تشير إلى أنّ الالتزامات المناخية التي تقدمها الحكومات الوطنية والشركات لن تحقق سوى انخفاض ضئيل للغاية في هذه المستويات، بينما يتطلب الأمر عمليًأ نسبة أكبر من ذلك بكثير.

فقد وضعت معظم حكومات الدول سياسات للوصول إلى انبعاث صفري بحلول العام 2050 وليس 2030، وحتى بعده، مع بعض الاستثناءات لدول تسعى لتحقيق هذا الهدف بحلول 2030، حيث يتطلب ذلك توفير تمويل واستثمارات ضخمة في برامج ومشاريع الطاقات المتجددة والنظيفة وهو ما يواجه تحديات كبيرة من ناحية التمويل والتقنيات المستخدمة والقوانين والتشريعات المحلية والعالمية، إذ تُقدر الأرقام المطلوبة بتريليونات الدولارات.

بالإضافة إلى ذلك، يستلزم الأمر تحرك عالمي موحد سياسيًا واقتصاديًا وحشد المزيد من الاستثمارات خلال العقد الحالي من جميع دول العالم، لكن الأمر يسير على الأرض بوتيرة بطيئة للغاية حاليًا، مما يجعل احتمال تحقيق الحياد الكربوني عالميًا بحلول 2030 منخفضًا للغاية، مع بقاء احتمالية تحقيقه في منتصف القرن أمرًا أكثر واقعية.

ختامًأ،     

لا شكّ بالدور الكبير الذي يلعبه الاقتصاد الاخضر في مجال الحياد الكربوني بحلول العام 2030، لكن الوصول لهذا الهدف المنشود يحتاج التزامًا جديًا من الحكومات والشركات والأفراد ككل، إلى جانب الوعي المجتمعي والاستثمار في البرامج التنموية والبيئية والابتكارات المستدامة، وفي ظل العقبات والتحديات الرئيسية الكبيرة التي تحملها السنين القادمة، تبقى الأبواب التي يفتحها الاقتصاد الاخضر أمامنا تستحق الاغتنام لإنشاء مناخ منخفض الكربون وبيئة أكثر استدامة ونمو للجميع.