نُشِر في Jun 02, 2024 at 05:06 PM
تُصنف طرق إدارة وتوجيه المجموعات والفرق في أماكن العمل اليوم إلى أنماط مختلفة، تُعرف باسم أنماط القيادة، تتعدد الأنماط وفقًا لطبيعة العمل ومستوى خبرة القائد وغيرها المزيد من معايير التقييم، لكن ما هي أبرز تلك الأساليب وما هو تأثير كل منها على عمل الفرق والمجموعات، يتيح مقالنا التالي التعرف على كل ذلك، تابع معنا.
تُعرف أنماط القيادة بأنّها عبارة عن مجموعة أساليب واستراتيجيات يتبعها القادة ﻓﻲ نهجهم السلوكي المستخدم في التأثير على موظفيهم وتوجيههم وتحفيزهم على الأداء الأمثل، مما يترك أثر إيجابي أو سلبي ﻋﻠﻰ مجمل حال الشركة.
يشير نمط اﻟﻘﻴﺎدة إلى كيفية تعامل القائد مع الأفراد وكيفية تطبيق خطط واستراتيجيات العمل لتحقيق الأهداف والرؤية العامة للشركة، مع الأخذ بعين الاعتبار توقعات أصحاب الشركات وأصحاب المصلحة الآخرين وسلامة ورفاهية أعضاء الفرق.
تختلف أساليب القيادة كثيرًا من منظمة لأخرى، إلا أنّه يمكن القول بأنّ المبدأ الرئيسي لنمط القيادة الفعال يعتمد على درجة الثقة بين القائد وأتباعه، وذلك لأنّ المجموعة ستكون أكثر تقبلًا للتعليمات وحريةً لشرح أفكارهم وتقديم اقتراحات بناءة حول المشاريع المطروحة.
طرح عدد من الباحثين في سنة 1939، وعلى رأسهم عالم النفس كورت لوين، دراسة عن انماط القيادة التي يستخدمها الناس في قيادة الشركات والمنظمات، توصلت الدراسة إلى أنّ هناك ثلاث أنماط رئيسية للقيادة، بقيت هذه الدراسة المُبكرة المرجع الأساسي لعدة سنوات لكنها تحولت فيما بعد إلى نقطة انطلاق لاستكشاف مختلف النظريات القيادية الأخرى التي جاءت بعدها وحددت أنماط قيادية أكثر تحديدًا، أنماط لوين الثلاث هي:
مفهوم القائد المستبد هو ذلك القائد الذي لا يراعي أراء وأفكار فريقه، الفرق لا علاقة لها بالقيادة وعملية صنع القرار، بل يتولى القائد مهمة إعطاء الأوامر الإدارية المختلفة من ذاته بما يجب القيام به ومتى وكيف، يتميز القادة في هذا النمط بالقوة والسيطرة على الموظفين، وفي حال وجود اختلاف بالرأي بين هؤلاء القادة وموظفيهم فإنّهم يتخذون قراراتهم الإدارية بشكل مستقل.
يعد أسلوب القيادة هذا مناسبًا في الحالات التي لا يمتلك فيها القائد الوقت الكافي للاستشارة واتخاذ قرار جماعي أو في حال وجود خبرة كبيرة لدى القائد الإداري والتي تسمح له بذلك، إلا أنّها تعرض بيئة العمل للكثير من الخلل وظهور علامات عداوة بسبب المواجهات.
النمط الأكثر فاعليةً في القيادة هو نموذج القيادة الديمقراطي، حيث يقوم القائد بمهمة توجيه فريقه خلال تنفيذ العمليات لكن مع إشراك كل شخص من بينهم في صناعة اﻟﻘﺮار، خاصة ذوو الإنتاجية العالية منهم الذي يثق بهم، المفاجئة كانت في الدراسة التي أعدها لوين والتي قالت بأنّ نمط القيادة الديمقراطي أقل إنتاجية من النمط الاستبدادي إلا أنّ مساهمات الفرق ذات جودة أعلى.
يعزز هذا النمط القيادي من شعور أعضاء الفريق الآخرين بالقيمة والتقدير من خلال تشجيعهم على مشاركة إداراتهم بالعمل على اتخاذ قرارات مستنيرة من شأنها تنمية المؤسسة، لكن مع احتفاظ المدير بالكلمة الأخيرة، هذا الأمر يجعل الموظفين أكثر إبداعًا وتحفيزًا ويعزز من مهاراتهم الشخصية ويبني علاقات جيدة مع الإدارة، فهو يخلق ارتباط وثيق ﺑﺎﳌﺆﺳﺴﺔ.
منطق أسلوب القيادة بالتفويض أو قيادة عدم التدخل بأن يتم ترك عملية صناعة القرارات الإدارية للفرق والمجموعات مع تقديم بعض التوجيهات من قبل القائد، وحتى في بعض الحالات لا يتم تقديم أي توجيه، لوحظ بأنّ العاملين الذين يعملون تحت هذا النمط القيادي أقل إنتاجًا من بين الأنماط السابقة.
يستخدم هذا النموذج في المواقف التي تتطلب توافر موظفين خبراء ومؤهلين جيدًا، لكنه يولد مجموعات مفتقرة للتوجيه ومستعدة لخلق النزاع في أي لحظة نتيجة إلقاء اللوم عند الخطأ على بعضهم البعض بسبب غياب الإدارة الفعالة.
أنماط لوين هي الأنماط الرئيسية للقيادة، لكن مع تطور الأعمال وتنوع طبيعتها ظهرت أنماط وأطر عمل إضافية توضح علاقة المرؤوسين بقياداتهم بشكل أكثر تحديدًا، أهم أنماط القيادة الأخرى:
الأسلوب القيادة الأشهر والأكثر فاعليةً لدى العديد من الشركات والمؤسسات حول العالم بمختلف مستوياتها وطبيعة عملها، وصف نمط القيادة التحويلي للمرة الأولى في أواخر سبعينيات القرن العشرين ومن ثمّ تم توسيع نطاقه بواسطة الباحث الإداري برنارد باس في وقت لاحق.
القائد التحويلي هو الشخص القادر على تحفيز وإلهام موظفيه وإدارة التغييرات الإيجابية بين المرؤوسين بما يضمن تحقيق أهداف ورؤية المؤسسة، ليس ذلك وحسب بل لمساعدة الموظفين في إبراز إمكاناتهم.
تعتمد مثل هذه القيادات على الذكاء العاطفي والحيوية والعاطفة ﻓﻲ تعاملاتهم، الأمر الذي يخلق أداء عالي ورضا جماعي لدى الفريق.
يتعامل القائد مع الموظف في مثل هذا النمط على أساس المعاملة الخدمية، بمجرد أن يقبل الموظف بالوظيفة فإنّه بذلك قد وافق على طاعة أوامر القائد بشكل مطلق، عليه إتمام المهام الموكلة إليه مقابل أجر مادي فقط يُتفق عليه معه.
العنصر الإيجابي في أسلوب القيادة هذا هو خلق وظائف محددة بحيث يعرف كل موظف ما هو مطلوب منه وما عليه من أمور وماذا سيتلقى مقابل ذلك، لكن الشيء السلبي هو أنّ هذا النمط يقتل مهارات الإبداع والتفكير خارج الصندوق لدى العاملين المرؤوسين.
يحدد القادة البيروقراطيون الإجراءات والخطوات والقواعد الدقيقة لكيفية إنجاز المهام والأعمال ويتأكدون من اتباع أعضاء الفرق لها بواسطة تقييم وقياس الأداء، لا يوجد مرونة في مثل هذا النمط القيادي، لكن يسمح القائد البيروقراطي لموظفيه بالتدخل في وضع تلك الأسس ويقوم برفض أي إجراء يتعارض مع السياسة التنظيمية.
يتسم هذا النمط من بين أنماط القيادة بالروتين الكثير وبالتسلسل الهرمي اﻟﺬي يوضح مدى وحجم السلطة ﻣﻦ الأعلى للأسفل، وهو مرتبط بالشركات الكبيرة التي تعود لسنين طويلة والتي أثبتت الممارسات الادارية التقليدية فيها النجاح الوظيفي.
هل يعقل أن يكون القائد هو الخادم للموظفين ! نعم، هذا هو أساس هذا النوع من القيادة التي تعتبر أحد أشكال القيادة بالقدوة، تهدف القيادة الخادمة على معرفة وجهة نظر الفرق والمجموعات ويعمل القائد على خدمة احتياجات موظفيه ويهيئ مناخ مناسب لتنفيذها وتفضيل مصالحهم فوق مصلحته، كل ذلك بهدف تحديد الطريقة الإدارية المناسبة من أجل تطوير ودفع إلهام العاملين لتقديم نتائج أفضل.
تخلق القيادة الخادمة بيئة عمل إيجابية وأخلاقية تتميز بالقيم والأخلاق وترفع من معنويات المجموعات، وهي تتشابه كثيرًا مع القيادة الأخلاقية من حيث احترام القائد لحقوق ومعتقدات الآخرين بما يتلائم مع أخلاقيات المهنة، لكنها لا تعد ملائمة في حالات التنافس الشديد، إذ يمكن أن يتخلف القادة الخادمون كثيرًا عن أقرانهم.
تساعد دورات تدريبية الإمارات قادة الأعمال في تأهيل موظفيهم لمثل هذا النوع من القيادة وصقل معارفهم ومهاراتهم القيادية للتميز والنجاح في أعمالهم.
ختامًا،
هذه كانت مجموعة من أبرز أنماط القيادة الناجحة الشائعة، لكن كما تلاحظ لا يمكننا القول عن هذا النمط أو ذاك هو الأنسب لجميع الشركات والمواقف، فلا يوجد طريقة صحيحة واحدة فقط في القيادة، بل يجب دراسة كل شركة أو موقف على حدى والنظر بإيجابيات وسلبيات أنماط القيادة المختلفة من أجل اختيار الأنسب، وهل هناك حاجة للتبديل إلى نمط آخر.