نُشِر في Apr 30, 2025 at 08:04 PM
يصادف الخميس الموافق الأول من مايو يوم العمال العالمي، يأتي العيد هذا العام محملًأ بالكثير من الأسئلة والاستفسارات التي تدور في ذهن كل عامل وموظف في أي قطاعٍ كان، هل سيتم الاستغناء عني؟ هل سيحل مكاني روبوت أو نموذج ذكاء اصطناعي بعد بضعة أيام؟ تلك التساؤلات الملحة فرضها التطور الكبير الذي يشهده العالم من إدخال الروبوتات والذكاء الاصطناعي والأتمتة في جميع المجالات والوظائف والتي باتت تشكل تهديديًا واضحًا لمستقبل العمل في ظل حملات التسريح الكبيرة التي تحدث أمامنا يوميًا من قبل كبرى الشركات.
في خضم كل هذا، أصبح من المؤكد أنّ امتلاك مهارات تقليدية أمر غير كافٍ للاستمرار والبقاء في المشهد، بل علينا جميعًا السعي جاهدين لتطوير مهاراتنا واكتساب مهارات جديدة تدعم موقفنا بدلًا من أن نحتفل هذا العام ونجلس في المنزل بعدها.
عيد العمال المعروف باسم يوم العمال العالمي هو احتفال شيوعي لاسلطوي اشتراكي علماني نقابي سنوي، ويعتبر يوم مخصص لتجديد العمال مطالبهم بعمل لائق ومناسب والعدل والإنصاف بالأجور والرواتب والتعويضات، هو ليس يومًا عاديًا تقرر من قبل منظمة ما، بل يعود تاريخه إلى يوم 21 أبريل من عام 1856 في أستراليا.
لكن الرواية المعروفة تعود لعام 1886 حيث جاء كرمز لنضال تاريخي قام به عدد من العمال، حوالي 400 ألف عامل، من مختلف القطاعات والميادين في مدينة شيكاغو الأمريكية وتورنتو الكندية مطالبين بجميع حقوقهم وتحديد أوقات العمل بثماني ساعات فقط وتحسين ظروف عملهم، هذه الفعالية بدأت سلميةً لكنها سرعان ما تحولت إلى ساحة صراع وقتال مع الشرطة لتشكل نقطة تحول في تاريخ العمال وحقوقهم عالميًا وتتحول إلى عيدًا سنويًا للتضامن معهم، وجاء التعميم بتحديد الأول من مايو يومًا عالميًا للعمال بعد أن قرر مؤتمر الأممية الثانية الذي عقد في باريس عام 1889 هذا الأمر.
يحتفل العالم بيوم وعيد العمال العالمي في الأول من شهر مايو/أيار من كل سنة كذكرى لدعم حقوق العمال واحتفاءً بالنضالات العمالية التي قام العمال بتحقيقها عبر السنوات، تختلف الاحتفالات الرسمية من دولة لآخرى من إصدار تهنئة إلى بلاغ عطلة رسمية في وزارت الدولة وهيئاتها ومؤسساتها، أغلب الدول تحتفل عبر تعطيل دوام كافة الوزارات والدوائر العامة والمؤسسات والهيئات الخاصة والجامعات والمدارس بمناسبة يوم العمال العالمي، معظم الدول العربية تٌعطل في عيد العمال العالمي باستثناء المملكة العربية السعودية وسلطنة عُمان، بينما يقام في دول عديدة أخرى مظاهرات تنظمها حركة عمالية للمطالبة بتحسين الظروف والحقوق للعمال.
واليوم، وفي ظل كل هذه التحديات الحديثة التي نواجهها في ساحة العمل تتسع الرسالة التي يجب إيصالها احتفاءً بهذا اليوم لتشمل قضايا ومواضيع إضافية، أبرزها اقتحام التكنولوجيا لجميع مفاصل الحياة وتهديدها للاستقرار الوظيفي للكثير من القوى العاملة، فهل سنشهد لحظة تحول كما حدث في الماضي أم ستكون مناسبة عابرة وحسب؟
في يوم العمال العالمي، أصبح تطوير المهارات من الأساسيات لكل شخص يرغب بالبقاء في السوق وعدم الجلوس وحيدًا في لمنزل يراقب روبوتًا أو موظفًا آخر كان أكثر دهاءًا منه وطوّر من مهاراته يقوم بأداء عمله، حيث يفيد تطوير المهارات فيما يلي:
ما كان مطلوبًا قبل عقدٍ من الزمن لم يعد ينفع اليوم، إذ يحتاج كل موظف إلى مواكبة أحدث التحولات في الأسواق والعمل على تنمية مهاراته ومعارفه بما يتعلق بها ليكون جاهزًا للغد، تشير العديد من التقارير إلى اتساع الفجوة المهارية بين ما هو مطلوب وما هو متوفر لدى العمال في الكثير من البلدان، مما يفرض عليهم الاستثمار في أنفسهم لاكتساب مهارات تقنية جديدة، على سبيل المثال تعلّم مهارة البرمجة أو تحليل البيانات أو التعامل مع نماذج الذكاء الاصطناعي وتطويرها.
عندما تستثمر في نفسك وتطور من مهاراتك فإنّك بالتأكيد ستجد المزيد من فرص التوظيف والعمل وستكون قادرًا على التنقل بين مختلف الصناعات والقطاعات بمرونة أكبر، وهل هناك شيء أفضل من ذلك تحتفي به في يوم العمال العالمي؟
لا يكتفي عالم الأعمال اليوم بحصولك على شهادة جامعية أو دورة تدريبية للقبول والاستمرار في عملك، بل أصبح التعلم مدى الحياة فرض وواجب على كل شخص للترقية والتقدم الوظيفي، ويوم العمال العالمي هو فرصة للتفكير جديًا بالتسجيل في كلية أو مركز تدريبي والحصول على شهادة جديدة في تخصص حديث مثل تحليل البيانات أو الأمن السيبراني وضمان النجاح والاستمرارية، يسعدنا في مركز لندن بريمير سنتر تقديم دورات بشهادات معتمدة في الإمارات للأشخاص الباحثين عن هذه الفرصة.
في يوم العمال العالمي من حق العامل على شركته الاستثمار في مهاراته وتقديم الفرص التدريبية المناسبة له ولزملائه، سواء خارجيًا في مراكز تدريب أو داخليًا ضمن الشركة، لإعداد كادر موظفين قادرين على الابتكار والتعامل مع التحولات المتسارعة ومستعدين لمهام المستقبل.
هذا واجب من واجبات أي شركة تطمح لتكون من بين الشركات الرائدة والمتقدمة، الشركة الناجحة هي التي تعلم بأنّ الثروة الحقيقية هي رأس المال البشري لديها، عندما تستثمر الشركة في تدريب موظفيها هي تحفز ثقافة الابتكار الداخلي، وهذا بالتأكيد يينعكس بشكل إيجابي على قدرتها التنافسية في السوق، من الأمثلة على ذلك شركة DHL العالمية والتي اعتمدت على استراتيجيات تحليل مهارات موظفيها لتحديد احتياجاتهم وتنميتهم، والذي نتج عنه مستوى عالٍ من الرضا الوظيفي للموظفين وتوفير ملايين الدولارات.
من جانب آخر، تستفيد الشركات من تطوير مهارات موظفيها من الناحية المالية جدًا، إذ أنه يساعد في تقليص معدل دوران الموظفين العاملين لديها وتقل حاجتها للبحث الدائم عن عمال يمتلكون تلك المهارات نتيجة سد الفجوة المهارية لديهم، حيث تعتبر فجوة المهارات من أكبر مشاكل القرن الحادي والعشرين، هذا التفكير الريادي يزيد من ولاء العمال والتوطين الوظيفي ويطوّر الأداء المؤسسي بشكل عام، ومناسبة عيد العمال العالمي فرصة ذهبية.
من بين الأطر والسياسات التي يمكن للشركات اتباعها لضمان جاهزية قواها البشرية في وجه أي تحدٍّ مستقبلي مما يحقق لها النمو المستدام، يبرز مفهوم علم وجود المهارات (Skills Ontology)، وهو نهج استراتيجي حديث يهدف إلى رسم مخططات دقيقة لكافة المهارات المتوفرة داخل الشركة وتحديد ما هي الفجوات المستقبلية بالنسبة لها، كما يعمل على تمكين فرص التنقل الداخلي للموظفين بين الأقسام المختلفة لاكتساب مهارات جديدة وتعزيز ثقافة التدريب والتعلم المستمر بينهم، وهو أفضل نوع لاستقبال والاحتفال باليوم العالمي للعمال.
ختامًا،
في عصر تتغير فيه متطلبات ومعايير الأعمال جذريًا وبحلول يوم العمال العالمي، يجب أن نتوقف قليلًا عن الاحتفال ونفكر في مستقبلنا المهني، لم يعد الاستثمار في تنمية المهارات مجرد رفاهية، بل ضرورة حتمية للاستمرار والتقدم، سواء على مستوى فرد يطمح لحياة مهنية مستقرة أو شركة تسعى للابتكار والازدهار.