ما يجب أن تعرفه عن الأنواع المختلفة من عقود النفط والغاز


عقود التنقيب عن الغاز والنفط

نُشِر في Jan 22, 2023 at 10:01 AM


مرت عقود النفط والغاز والاتفاقيات العامة والخاصة التي تُمنح بموجبها التراخيص للشركات للبدء باستثمار وإنتاج النفط الخام والغاز الطبيعي بمراحل عديدة منذ أن برز البترول للمرة الأولى كواحدة من أهم السلع المتداولة دوليًا مع بدايات القرن العشرين.

 

بناءً على ذلك تنوعت عقود النفط والغاز واختلفت مسمياتها، يتناول مقالنا التالي أهم أنواع عقود النفط والغاز المتعارف عليها في المجال النفطي.

 

ما هي أبرز أنواع عقود النفط والغاز؟ 

 

تتسع قائمة أنواع عقود النفط والغاز لتشمل عددًا لا منتهٍ، إلا أننا سنستعرض ضمن هذه الفقرة أهم هذه الأنواع وأكثرها شيوعًا: 

 

- عقود الامتياز أو الترخيص:

 

تطورت صيغ هذه العقود بشكل كبير عمّا ظهرت عليه لأول مرة مع بدايات القرن الماضي كعقود واتفاقيات أحادية الجانب، وذلك عندما كانت العديد من الدول الغنية بالموارد في أيامنا هذه لا تزال تتبع أو مستعمرة من دول أخرى.

 

يمنح النموذج الحديث من هذه العقود الشركات العاملة في المجال النفطي حقوقًا حصريةً بشأن استكشاف الموارد النفطية أو المعدنية واستخراجها من منطقة محددة، ومن ثمّ معالجتها لبيع مشتقاتها وتصديرها خلال مدة زمنية محددة أيضًا.

 

تظهر المنافسة بين الشركات العاملة في قطاع النفط للحصول على هذه الحقوق عن طريق تقديم العطاءات للدول والتي غالبًا ما تقترن بإعطاء مكافآت عند التوقيع، يشيع هذا النوع من العقود المبرمة في كافة أنحاء العالم، من الدول التي تستخدمه السودان والكويت والإكوادور وأنغولا.

 

حلّت عقود الامتياز الحديثة مكان العقود التقليدية في أربعينيات القرن العشرين، حينها عملت فنزويلا على فرض أعباء مالية إضافية على الشركات المستثمرة، مثل تقاسم الأرباح على شكل ضرائب.

 

تتميز عقود الامتياز المُحدّثة عن التقليدية القديمة من خلال بعض النقاط مثل: منطقة الامتياز الأصغر، سيطرة أكبر من الحكومات مع إمكانية المشاركة في الاستثمار، تحسينات مالية كبيرة على شكل تقاسم للأرباح بشكل متساوٍ، ضريبة الدخل ونظام المكافآت، الإيجارات، وغيرها من النقاط.

 

على ما يبدو فإنّ نظام العقود المُحدّث أكثر ديناميكية ومرونة في استيعاب وجهات النظر والمصالح المختلفة للأطراف المتعاقدة.

 

- عقود تقاسم الإنتاج

 

في ﻫﺬﺍ النوع من اتفاقيات وعقود النفط والغاز تحتفظ الدول المالكة للموارد بملكيتها لها في حين تُعطي الشركات المستثمرة تراخيص لإدارة وتشغيل حقول النفط والغـاز، الأمر الذي يعني إمكانية أكبر للتفاوض على كيفية تقاسم الأرباح.

 

بموجب هذه العقود تتحمل الشركة المستثمرة كافة المخاطر المالية للتنقيب والتطوير، وكذلك تتحمل الدولة بعضًا من تلك المخاطر، في معظم الأحيان تنضم شركة النفط الوطنية (وزارة النفط) إلى الاتفاقية كعضو ذو مصلحة وتساهم بجزء من أرباحها كرأس مال على شكل أسهم.

 

تتحمل حكومة الدولة عادةً تكاليف المساهمة الأولية التي تتحملها الشركات الأخرى في حال عقود الامتياز، وتسدد هذه التكاليف من الأرباح المستقبلية بموجب الاتفاقية الموقعة، في حال رفضت الحكومة أن تساهم في رأس المال تحاول الشركة المستثمرة التفاوض على القسم الأكبر من الأرباح.

 

حيث لا يوجد أي محددات ثابتة لتحديد حصص الأرباح لكل من الدول والشركة المستثمرة بل يعتمد تقسيم تلك الأرباح على مبدأ المساومة للوصول إلى اتفاق.

 

ومع ذلك فإنّ الشروط المالية لعقود تقاسم الأرباح مماثلة لتلك الخاصة بعقود الترخيص، وعلى الرغم من أن الفرق في الهيكل العام للاتفاقية قد يؤدي إلى نتائج تجارية مختلفة، لكن في الغالب تحصل الحكومة على مكافآت توقيع، في حال تنازلت عنها الحكومة أو تداولتها بانتظام فإنّ ذلك قد يمنحها حصة أكبر من الأرباح المستقبلية. 

 

يحق للشركة المستثمرة أن تسترد كل من التكاليف التشغيلية الحالية وتكاليف المواد المستخدمة والمستهلكة خلال العام الذي تم شراؤها به، في حين تتمتع نفقات الاستثمار الرأسمالي من تكاليف البناء والمعدات والأجهزة الإلكترونية بمدة صلاحية أطول للاسترداد، أي يمكن للشركة استرداد النفقات الجارية فوريًا خلال العام الذي تنفق به أمّا نفقات الاستثمار الآجلة توزع على عدد من السنوات.

 

هنا تظهر حنكة المحاسب المالي في محاولة توزيع النفقات وفق الفروقات، هل ستوزع كنفقات تشغيل أم استثمار؟ بعد أن تسدد جميع النفقات تتقاسم الحكومة والشركة ما تبقى من الأرباح السنوية وفقًا للنسبة المئوية المتفق عليها مسبقًا.

 

يتعين على الشركة المستثمرة أيضًا دفع ضرائب على حصتها من الأرباح للحكومة، ولكن غالبًا ما تتنازل الحكومة عنها وتضمنها كجزء من النسبة المئوية من الأرباح المتفق عليها. 

 

تطورت عقود تقاسم الإنتاج كثيرًا عبر التاريخ، حيث أصبح يوجد اليوم مجموعة متنوعة من الإصدارات المتشابهة فيما بينها من حيث المفهوم الأساسي فقط، هذه الاختلافات ليست مفاجئة لأنّها نتاج لمفاوضات مكثفة ومصالح مختلفة لكل طرف تختلف بطبيعة الحال مع الظروف. 

 

بالرغم من ذلك، فإن الاختلافات فيما يتعلق بتوزيع الإيرادات المالية ممكنة أيضًا، بحيث يصبح مخطط التقاسم وفق الآتي:

  • عند اكتشاف احتياطيات بترولية قيّمة تجاريًا فإنّ تكاليف التنقيب والتطوير والاستثمار المدفوعة من قبل الشركة المستثمرة تردُ من خلال ما يُعرف بزيوت التعويض.
  • يوزع ما تبقى من النفط المستخرج، بنسب مختلفة من دولة لأخرى، ما بين الدولة والشركة المستثمرة.
  • تخضع حصة الشركة المستثمرة لقانون ضريبة الدخل.
  • يجب إدراج الإتاوات المستندة إلى قيمة الإنتاج.

 

كثيرًا ما تعرضت إعلانات هذه العقود لانتقادات من قبل الشركات المستثمرة، لكن لم يكن أمامها خيار سوى اتباعها، تنتشر هذه العقود على مستوى العالم وهي من الأشكال الشائعة لممارسة الأعمال التجارية خاصةً في آسيا الوسطى والقوقاز.

 

 

- عقود المشروع المشترك

 

تعتبر العقود المشتركة عبارة عن ترتيب تجاري ما بين طرفين أو أكثر جاهزة لمتابعة تعهد مشترك فيما بينها والذي يضم بعض البنود التي لا تزال تحتاج للتوضيح، حيث يُتطلب من جميع الأطراف معرفة جيدة وفهم للأهداف والمصالح وطرق ممارسة الأعمال التجارية.

 

نظرًا لأن هيكل هذا العقد ذو طبيعة مفتوحة فليس من المستغرب أن يكون أقل استخدامًا كاتفاقية أساسية بين الشركة المستثمرة والحكومة المضيفة.

 

نيجيريا شكلت استثناءً، حيث فضلت شركة النفط الوطنية هذا الشكل من العقود لكنها مع الوقت لم يعد بإمكانها التزام بسداد حصتها من الالتزامات المالية للمشروع المشترك، الآن جميع العقود الجديدة في نيجيريا هي غالبًا عقود تقاسم الإنتاج.

 

نظرًا لأن المشروع المشترك يُطالب جميع الأطراف بتنفيذ الأهداف بشكل مشترك، من خلال تجنب حل المشكلات المادية قبل الدخول في المشروع، لذا فإنّ الأطراف ستعمل على تأجيل الخلافات المُحتملة أو الجمود، خصوصًا إن كان المشروع عبارة عن صفقة 50/50.

 

تحتاج المشاريع المشتركة لمجموعة واسعة من المفاوضات قد تمتد لفترات زمنية طويلة وذلك لضمان معالجة جميع القضايا المشتركة بعناية.

 

تُقام المشاريع المشتركة إمّا بين البلد المتلقي وشركة النفط المستثمرة أو بين عدد من المستثمرين، على عكس عقود الإمتياز والتقاسم يتيح العقد المشترك لشريك الدولة المضيفة سيطرة أكبر على المشروع.

 

بالإضافة إلى تقاسم التكاليف المالية المرتفعة للمشروع، فإنّ المشاريع المشتركة تفيد جداً أيضًا في تقليل الكثير من المخاطر المحتملة، مثل المخاطر الجيولوجية المرتبطة بعدم الوصول إلى احتياطي النفط بعد عمليات الاستكشاف، والمخاطر الفنية للعمل في الظروف الصعبة أو حتى القاسية بما فيها من صعوبة التضاريس وأحوال الطقس ودرجات الحرارة، ومخاطر التنمية المتمثلة في حال كان خزان البترول المُكتشف ذو خصائص تعيق عمليات الاستخراج، والمخاطر السياسية المحتملة مثل أعمال الشغب أو الانتفاضات التي قد تؤثر على المشروع النفطي.

 

تعد المشاريع المشتركة مفيدة للدول النامية في زيادة معرفتها وحصولها على تقنيات بترولية جديدة وتقديم تدريب مهني عن طريق تقديم أهم دورات النفط والغاز من قبل المستثمر الأجنبي الأكثر تطوراً.

 

مقابل كل تلك المزايا تمتلك المشاريع المشتركة أيضًا جانبًا مظلمًا، مثلًا في حال فشل المشروع سوف تتكبد الشركة الشريكة للبلد المضيف خسائر كبيرة.

تُصنف المشاريع المشتركة إلى فئتين رئيسيتين، هما:

 

  • المشاريع المشتركة المدمجة: يقوم الطرفين بإنشاء شركة ذات ملكية مشتركة تؤسس ضمن البلد المضيف وتدار من مجلس إدارة ممثل من كلا الطرفين.
  • المشاريع المشتركة غير المدمجة: تقوم على أساس الاتفاق التعاقدي وحده، من دون إنشاء أي كيان قانوني منفصل.

 

- عقود الخدمة

 

في الكثير من الأحيان تحاول الحكومات فرض سيطرة أكبر عند استثمار مواردها، تتيح لها عقود الخدمة ذلك، حيث يتم منح التراخيص للشركات لإنجاز مهام أو خدمات محددة بدقة، بحيث لا تشارك الشركة المعنية بأي جزء من الإيرادات، بالمقابل تحافظ الحكومة على مواردها بطريقة مجدية.

 

تشمل عقود الخدمة ثلاث فئات رئيسية وهي:

 

1- عقود خدمة لمخاطر:

 

في هذا النوع يتم إدخال الشركة المستثمرة كمقاول لدفع كافة النفقات المتعلقة بالمخاطر عند التنقيب عن البترول وإنتاجه، إذا فشلت الشركة في اكتشاف البئر النفطي يُلغى العقد من دون أي التزامات على كلا الطرفين.

 

أمّا في حال نجحت بإيجاد البئر تعطى الحق باسترداد النفقات والمكافآت، بالإضافة إلى احتمالية حصولها على حصة من المشروع التالي، في هذه الحال تكون الحكومة حافظت على مواردها.

 

يمكن هيكلة عقود خدمة المخاطر في شكلين أساسيين:

 

2- عقد لا تُوزّع فيه مخاطر الاستكشاف بين الأطراف: 


في هذا الشكل تتحمل الشركة المستثمرة كامل المخاطر مع الالتزام بتمويل أنشطة الاستكشاف، إن لم يتم الوصول إلى الاحتياطيات البترولية خلال المدة المتفق عليها يُنهى العقد من دون أي تعويضات عن تكاليف الاستكشاف من الدولة المضيفة.

 

3- عقد تُوزّع فيه مخاطر الاستكشاف بشكل مشترك ومتفرّد بين الأطراف: 

 

يُستخدم هذا الشكل من العقود بشكل تقليدي من قبل حكومات البلدان التي تتوقع إنتاج عالٍ من حقل نفط محتمل، حيث تُشارك الحكومة المضيفة بجزء من مخاطر الاستكشاف مع الشركة المستثمرة، وذلك للتقليل من نفقات التعويض للمستثمر بعد اكتشاف الاحتياطيات.

 

- عقود الخدمة البحتة:

 

في هذا النوع من العقود تتحمل الدولة رأس مال المخاطرة عند التنقيب عن البترول، في حين تقوم الشركة المقاولة بالخدمات المنصوص عليها في العقد مقابل رسوم ثابتة سواء تم اكتشاف البترول أم لا.

 

هذا النوع من العقود مناسب بشكل كبير للدول المنتجة للنفط والتي تتمتع باكتشافات دائمة مثل المملكة العربية السعودية والكويت والبحرين  والإمارات.

 

- عقود الخدمة الفنية:

 

يعتبر عقد الخدمة الفنية الشكل المُحدّث من عقد خدمة البحث التقليدي، تقوم الشركة المقاولة بتقديم كافة الخدمات المتعلقة باستكشاف النفط والإنتاج إضافةً إلى نقل التقنيات والتكنولوجيا المستخدمة في الاستكشاف والتشغيل للسكان المحليين، من أجل تحقيق الاكتفاء الذاتي في المستقبل.

 

حيث تكون الدولة مسؤولة عن تمويل المشروع بكافة جوانبه، فهي المالكة للموارد الخام وكافة المعدات والأدوات والمرافق وتديرها بواسطة شركة النفط الوطنية، في حين تقوم الشركة المستثمرة بتشغيل المشروع بموظفيها تحت إدارة شركة النفط الوطنية مع تقديم كافة الخدمات الفنية، من دون أن يكون لها أي صلاحية على الموارد. 


 

في نهاية مقالنا يمكننا تلخيص العقود السابقة وفق الآتي، بموجب عقود الامتياز الحديثة تعمل الشركة صاحبة الامتياز بشكل أساسي لنفسها، أمّا بموجب عقد تقاسم الإنتاج وعقد خدمة المخاطر يعمل المقاولون بشكل أساسي لصالح الحكومة، في حين يقوم العقد الهجين أو العقود المشتركة على مبدأ التشاركية حيث تعمل كل من الشركة الأجنبية وشركات النفط الحكومية بالاشتراك معًا في ﺣﻘوﻗﻬما.

 

يقدم مركز لندن بريمير سنتر للتدريب دورات في عقود التنقيب عن الغاز والنفط يمكنك التسجيل في واحدة منها للاطلاع أكثر حول المزيد من المعلومات في مجال العقود.