التمويل السلوكي: دور العوامل البشرية في اتخاذ القرارات المالية


دورات تدريبية في المحاسبة في دبي

نُشِر في Jul 20, 2023 at 10:07 AM


برز مصطلح التمويل السلوكي كمجال فرعي من علم الاقتصاد السلوكي المعني بعالم الأموال الاستثمارية والتمويل، بعد سنين من معارضة علماء النفس والاجتماع نظريات الاقتصاد والتمويل التي كانت سائدة بحجة أن سوق المال ليس فعالًا في العالم الحقيقي وأنّ الناس لا يتصرفون بعقلانية عند القيام بعمليات الشراء.

 

لمعالجة تلك القضايا السلوكية ظهر علم الاقتصاد السلوكي بفروعه العديدة، بما فيها التمويل السلوكي الذي سنتعرف أكثر عليه في مقالنا التالي، تابع معنا.

 

ماذا يعني التمويل السلوكي (behavioral finance)؟

يجمع ﻣﻔﻬﻭﻡ التمويل السلوكي قراءة وتحليل مدى تأثير بعض العوامل مثل الحالة النفسية والتحيزات على الأداء أو السلوك المالي للمستثمرين أو أصحاب الأعمال أو المتداولين داخل الأسواق التجارية والمالية، وحتى الناس العاديين، ودوره في تحديد الأسباب المختلفة لفهم وجود جميع أنواع السلوكيات الشاذة في تلك الأسواق وفقًا لتلك العوامل، على سبيل المثال أثر ارتفاع أو انخفاض قيمة أسهم شركة ما بمعدل كبير.

 

جوهر تخصص التمويل السلوكي قائم على دراسة وفهم مبدأ عدم الكفاءة ضمن الأسواق المالية وسوء التسعير فيها، إضافةً إلى اعتماده على البحث والدراسات للتأكيد بأنّ كل من الناس والأسواق المالية على حد سواء ليسوا عقلانيين وأنّ معظم قراراتهم خاطئة، يمكن أن يساعد التمويل المبتكر في اتخاذ قرارات أفضل وأكثر عقلانية وحداثة.

 

بواسطة التمويل السلوكي يمكن تقديم إجابات عديدة عن كل ما تبحث عنه بخصوص آلية تأثير التحيزات والعواطف على سوق المال وأسعار الأسهم وغيرها، للمزيد من المعلومات حول المجالات المالية يمكن الاستثمار في الدراسة في دورة من دورات تدريبية في المحاسبة في دبي، من خلال تلك الدورات المكثفة يمكن الحصول على المعرفة والخبرة الواقعية لمساعدة الشركات في فهم المؤثرات والانحيازات  التمويل السلوكي.

 

برز اسم التمويل السلوكي خلال سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي بعد جهود مشتركة بين علماء النفس اليهود دانيال كانيمان وعاموس ناثان تفيرسكي والاقتصادي الأمريكي روبرت جيمس شيلر، الذين عملوا على تطبيق التحيزات والاستدلالات المنتشرة واللاواعية على طريقة اتخاذ البشر لقراراتهم المالية.

 

في الوقت ذاته، ظهرت نظرية شاع استخدامها والتي عرفت باسم نظرية السوق الفعالة (EMH) وهي عبارة عن فرضية رياضية تنص على أنّ سوق الأسهم هو سوق تنبؤي ويتحرك بطريقة عقلانية قلةً ما تخضع للتدقيق، 

 

خلال السنوات الأخيرة، تبنت الأوساط الأكاديمية والمالية موضوع التمويل السلوكي أكثر على أنّه فرع من فروع علم الاقتصاد السلوكي الذي يؤثر عليه علم النفس الاقتصادي، يمكن أن تساعدك أتمتة التمويل على توفير الوقت والمال واتخاذ قرارات مالية عقلانية ومستنيرة.

التمويل السلوكي: دور العوامل البشرية في اتخاذ القرارات المالية

ما هي أهم المفاهيم المرتبطة بالتمويل السلوكي؟ 

يشيع استخدام خمس مفاهيم رئيسية في مجال التمويل السلوكي، وهي تتضمن:

 

- المحاسبة العقلية: والتي تعني كيفية تخصيص الأفراد أموالهم لأهداف وأغراض محددة.

- سلوك القطيع: يعني هذا المفهوم ميل معظم الناس إلى تقليد سلوكيات غيرهم المالية بهدف محاولة اللحاق بالقطيع، وذلك ما يتسبب عادةً بالارتفاعات الهائلة في عالم الأسهم وعمليات البيع الكثيفة.

- لفجوة العاطفية : وهي التي تشرح السبب خلف اتخاذ القرارات المتسرعة في سوق المال بناءً على ردات فعل أو مشاعر أو توترات مثل الغضب أو القلق أو الخوف أو الحماس، المشاعر والعواطف البشرية هي أسباب رئيسية هامة في عدم اتخاذ خيارات عقلانية.

- الإرساء : وهي التي توضح سبب زيادة أو انخفاض مستوى الإنفاق وفقًا لمرجع ما، مثل الإنفاق على أساس الميزانية.

- الإسناد الذاتي: مفهوم يشير إلى سبب اتخاذ الشخص لقرارات ذاتية بناءً على الثقة الزائدة بالنفس والمهارات الخاصة.

 

ما هي أشهر التحيزات في عالم التمويل السلوكي؟ 

تحيزات اﻟﺘﻤﻮﻳﻞ السلوكي هي أمر حيوي وعنصر هام في عملية صنع القرار المالي للشركات والمؤسسات المحلية والدولية، فيما يلي شرح مبسط عن أشهر التحيزات الشائعة في عالم التمويل السلوكي:

 

- تحيز التأكيد:

يوجد هذا النوع من التحيز عند مطابقة المعلومات مع معتقدات المستثمرين، حتى وإن كانت تلك المعلومات خاطئة سيعتمدون عليها لإدارة الأعمال طالما أنّها تتوافق مع معتقداتهم ووجهات نظرهم.

 

- التحيز التجريبي:

يقوم هذا التحيز ﻋﻠﻰ التجارب السابقة للفرد، إذ تلعب الذكريات والخبرات السابقة للمستثمرين في المواقف المماثلة دور رئيسي ﻓﻲ إدارة قرارهم حتى وإن كان غير عقلاني، فهم يقومون بدراسة آثار مواقفهم السابقة على أعمالهم وعلى أساس ذلك يتم تفضيل النظريات الأنسب للاستثمار في العمل.

 

- النفور من الخسارة:

يقيد هذا التحيز قدرات المستثمر فهو يتجنب أي قرار يعتقد بأنّه يترتب عليه مخاطر حتى وإن كان يعود عليه بمكاسب كبيرة خوفًا من المخاطر، فهو يكبح ذاته وقدراته بذاته لتجنب التعرض للخسارة بدلاً من أن يجازف ويكسب الكثير.

 

- الثقة الزائدة:

الثقة الزائدة بالذات سيف ذو حدين، المبالغة بالإيمان في القدرات والمهارات وعدم الاهتمام لآراء الفريق المحيط تؤثر على قدرة للمستثمرين في اتخاذ قرارات خيالية غير قائمة على أي أدلة واقعية.

 

- تحيز التصرف:

في هذا النوع يتمسك المستثمرون بقراراتهم الخاطئة معتقدين بأنّ الأمر مجرد وقت وسوف تنقلب الأمور إلى صالحهم، على سبيل المثال قد يتمسك مستثمر بسهم تنخفض قيمته يومًا بعد يوم لاعتقاده بأنّن السعر سيرتفع مجددًا في المستقبل وسوف يبيعه بسعر عالٍ ويحقق أرباح قياسية، تسبب تلك الطريقة في التفكير مخاطر عمل كثيرة.

 

- تحيز الألفة:

يتناول هذا التحيز الأسباب التي تدفع المستثمر لوضع جميع استثماراته في صناعة معروفة من قبلهم بدلًا من أن يحاول تجربة مجالات أخرى قد تحتوي فرص أكبر للربح.

 

- المحاسبة العقلية:

يهدف هذا التحيز العقلاني إلى الطريقة التي يفكر بها الناس في الإنفاق وكيف يضعون الميزانية في الواقع بالنسبة إلى المتغيرات في حياتهم، على سبيل المثال قد ينفق شخص الكثير من المال على رفاهيته ضمن مركز تجاري أو رحلة ترفيهية لكنه يحافظ على معدل إنفاق متواضع في المنزل.



ختامًا، 

بعد أن اطلعنا على أهم المفاهيم والتحيزات في عالم التمويل السلوكي لا يمكننا القول إلا أنّ أسواق  الأوراق المالية ليست فعالة دائمًا وأنّ البشر ليسوا عقلانيين في معظم قراراتهم، لكن يمكن للتمويل اﻟﺴﻠﻮﻛﻲ مساعدتنا في فهم السبب الخفي وراء اتخاذ الناس والمحللين الماليين قرارات مفاجئة بعيدًا عن المنطق، معتمدين على العاطفة والإحساس، والتي غالبًا لا تكون صحيحة وتؤدي إلى الخسائر.