نُشِر في Aug 04, 2023 at 02:08 PM
يتناسب الربح والعائد في أي استثمار طرديًا مع المخاطر المتعلقة به، فكلما زادت المخاطرة كلما ازدادت قيمة العوائد المتوقع جنيها، من هنا برز مفهوم نموذج تسعير الأصول الرأسمالية وهو مفهوم اقتصادي يساعد المستثمرين على توقع حجم العوائد التي من الممكن أن يجنوها مقابل مستويات الخطر المحتملة.
يوفر المقال التالي إمكانية التعرف أكثر بنموذج تسعير الأصول الرأسمالية، ويشرح صيغته الرياضية ومكوناته، مع توضيحها باستخدام مثال حقيقي، تابع معنا.
نموذج تسعير الأصول الرأسمالية (Capital Asset Pricing Model) هو نموذج تمويل على شكل علاقة رياضية خطية تستخدم لحساب أو لتقدير العوائد المتوقعة من الاستثمار في اﻷﺻﻮل المدرجة بشكل عام بما فيها الأصول الرقمية، وخاصة بورصة الأسهم، بناءً على أنواع المخاطر المحتملة وراء تلك الاستثمارات.
يستخدم نموذج تسعير الأصول الرأسمالية في عالم النمذجة المالية لأسباب عديدة أهمها منح المستثمر القدرة على تقييم وحساب مستوى العوائد المراد تحقيقها من مشروعه وفقا للمخاطر المرتبطة بذلك الاستثمار بكل كفاءة، يفيد ذلك في سيكولوجية التسعير لتسعير المنتجات أو الخدمات المقدمة، كما يمنحه إمكانية اختبار أو قياس صحة محفظة الأموال الخاصة به وإعادة التوازن إليها إن تطلب الأمر.
إضافةً إلى بساطة صيغة ونموذج تسعير الأصول والتي تسمح لأي شخص باستخدامها، كذلك يعتبر النموذج أداة هامة للمستثمرين بشأن بيان كل من المخاطر والحوافز للأوراق المالية المختلفة على حد سواء.
ظهر النموذج للمرة الأولى على يد الاقتصادي ويليام شارب الحائز على جائزة نوبل عن كتابه "نظرية المحفظة وأسواق رأس المال" الذي أُصدر في العام 1970م، يصف الكتاب إلى أنّ أي استثمار في أي مجال عمل فردي يحيط به نوعين من المخاطر، هما:
- المخاطر المنهجية:
تسمى المخاطر المنتظمة وهي المخاطر الموجودة في سوق المال والتي لا يمكن لتنويع المحافظ الحد منها، بما في ذلك أسعار الفائدة والحروب والركود الاقتصادي.
- المخاطر غير المنهجية:
وهي المخاطر المتعلقة بصناعة أو مجال معين، من الأمثلة عليها سوء الإدارة أو الاضطرابات.
تهدف العلاقة الرياضية التالية إلى شرح علاقة نموذج تسعير الأصول الراسمالية والتي تربط خطيًا بين العوائد من الاستثمار والمخاطر المترتبة عليه، وفق الآتي:
Ra = Rrf + {𝛃×(Rm-Rrf)}
حيث أنّ:
يعد هذا العنصر هو المبلغ المتوقع تحصيله من الاستثمار على مدى عمره، وهو متوقف على بقية العناصر الأخرى الداخلة في العلاقة.
من الناحية النظرية، بعض الأوراق المالية كالأسهم والسندات لا ينطوي عليها خطر عادةً، لكن عمليًا يتم أخذ عائد الخلو من المخاطر وفقا لعائد سندات الخزانة لثلاثة أشهر أو السندات الحكومية لعشر سنوات، تُستخدم السندات الصادرة عن الحكومات كأساس لهذا المعدل لأنّه من غير الوارد أن تتخلف الحكومة عن السداد، لأن عدم التقصير في السداد دليل على أنّ ذلك الاستثمار ذا حد أدنى من المخاطر.
يطلق مصطلح بيتا على التقلب في سعر الأصل (السهم) مقارنة بالسوق، بمعنى آخر هو مقياس حساسية الأصل لتقلبات السوق، سوف تتراوح قيم هذا المؤشر بين الـ 1 والأكثر أو الأقل، عندما تكون القيمة تساوي الواحد فهذا يعني أن السهم ليس مستقرًا بالقدر الذي يستقر عليه السوق.
بينما عندما تكون أقل من الواحد فذلك يعني أنّ السهم مستقر أكثر والخطر قليل، وعلى العكس عندما تكون أعلى من الواحد يكون السهم أكثر تقلبًا والخطر عالٍ.
في بعض الحالات تكون القيمة سالبة ذلك يشير إلى أنّ العلاقة بين السهم والسوق عكسية، على سبيل المثال في حال ارتفع السوق بنسبة 15% وكانت 𝛃 للسهم 0.5- ذلك يعني أنّ عوائد السهم ستكون %5- بالرغم من ارتفاع السوق.
القيم المرتفعة والمنخفضة ليست دليل على جودة أو سوء الاستثمار، إذ قد تكون الأسهم ذات التقلبات المرتفعة خطرة أكثر لكنها تعود بعوائد عالية أيضًا.
هو المعدل الوسطي الذي يتوقع المستثمرين جنيه من الاستثمار ككل بناءً على البيانات السابقة في المشاريع المشابهة.
تمثل الفرق بين عوائد الخلو من المخاطر والعوائد المتوقعة من أصل أو استثمار ما، عندما تكون العلاوة عالية فإنّ الأصل (السهم أو السند) أو الاستثمار سيكون محفوفًا بالمخاطر، هذا يعني أنّ على المستثمرين البحث عن عوائد أعلى لمخاطرهم.
الآن بعد أن شرحنا بالتفصيل جميع عناصر دالة نموذج تسعير الأصول الرأسمالية علينا أخذ مثال عملي عن CAPM، ليكن لدينا مستثمر يفكر بدفع 100$ مقابل سهم يدفع أرباح سنوية بنسبة 3%، وليكن معدل تقلب ذلك السهم ﻓﻲ السوق (𝛃) 1.3، ولنفترض أنّ المعدل الخالي من المخاطر هو 3% ومن المتوقع ارتفاع قيمة السوق بنسبة 8% خلال السنة، بواسطة الدالة السابقة يكون العوائد المتوقعة للسهم تساوي إلى 9.5% بالتطبيق كما يلي:
Ra = 3 + {1.3 × (8-3)} = 9.5%
على الرغم من استخدام نماذج تسعير الأصول الرأسمالية على نطاق واسع في حساب عوائد المشاريع الاستثمارية إلا أنّ لها بعض العيوب، أولها أنّها تقدم افتراضات خيالية إلى حدٍ ما، إذا أن الصيغة لا يمكن تطبيقها إلا عند افتراض أن السوق خاضع للهيمنة الحصرية من الفاعلين العقلانيين الذين يتخذون قرارات تمنح الأولوية لعوائد الاستثمار فقط، وذلك غير صحيح دائمًا بالطبع.
إضافةً لذلك، يفترض نموذج التسعير أنّ جميع ممثلي الأسواق يتصرفون بالطريقة ذاتها في ظل تداول معلومات عامة متشابهة فيما بينهم، لكن في الحقيقة لا تتوزع الموجودات بالتساوي عليهم لذا هم عرضة لاتخاذ قرارات وفقًا للمعلومات المتوفرة بين أيديهم والتي قد لا يعلم عنها الآخرون شيئًا.
المشكلة الأبرز مع نموذج تسعير الأصول الرأسمالية هي استخدام 𝛃 كعنصر أساسي في توقع العوائد والتي تشير إلى أنّ أي تغير في سعر السهم ناتج عن تغير في حالة السوق المالي، لكن الواقع مختلف تمامًا إذ من الممكن أن يتغير سعر السهم للكثير من الأسباب الأخرى غير السوق.
من المشاكل الأخرى التي تعترض تنفيذ الكثير من النماذج المالية وليس فقط نموذج تسعير الأصول اﻟرأﺳﻣﺎﻟﻳﺔ هو اعتمادها على سجلات البيانات التاريخية لتقييم العوائد، وهي مشكلة يستحيل تجنبها،
إذ لا يكفي دراسة تقلبات سعر السهم التاريخية في تحديد إجمالي مخاطر الاستثمار، بل يجب الأخذ بعين الاعتبار ﺑﻌﺾ العوامل الأخرى كالظروف الاقتصادية والمنافسين وإجراءات الشركات نفسها الداخلية والخارجية.
أخيرا،
ملخص الحديث، على الرغم من الهجمات المتزايدة التي يتعرض لها نموذج تسعير الأصول الرأسمالية مؤخرًا أثر المشاكل المذكورة سابقًا، إلا أنّه لا يزال صامدًا في مواجهة الانتقادات، وسيبقى نموذج التسعير واحد من أهم الأدوات الحديثة للإدارة المالية والمفيدة للغاية، لمعلومات مالية أكثر عليك الاطلاع على دورات قصيرة في لندن.