نُشِر في Aug 20, 2021 at 04:08 PM
"كي تربح مالاً عليك انفاقه" كل انفاق يهدف إلى تحقيق منفعة في المستقبل لأصحاب المصالح يطلق عليه الاستثمار، ولكن يمكن أن تكون نتيجة الاستثمار هدراّ لموارد الشركة دون تحقيق منفعة مستقبليّة، فتبرز أهميّة تقييم الاستثمار كتحليل بهدف إلى التعرّف على ربحيّة الاستثمار في مشروع، وذلك مع الأخذ بعين الاعتبار لقدرة المنظّمة على الاستثمار، وتوافق الاستثمار مع استراتيجية المنظّمة.
القرار الجيد بخصوص الاستثمار في مشروع يتطلّب فهم جيّد للأعمال، وذلك في ضوء استراتيجيّة الشركة، ومركزها الاقتصادي، والاجتماعي، والتنافسي، وهذا يعني أنّ القرار يأخذه فريق إداري يحوي خبرات مختلفة حسب المشروع، ولكن رغم اختلاف المعارف، والعلوم المطلوبة في الفريق الذي يأخذ القرار الاستثماري بين مشروع، وآخر، إلّا أنّ الخبرات والعلوم الماليّة، والمحاسبيّة تعدّ ضروريّة لمختلف المشاريع، والتي يمكن التعرّف عليها من خلال دورات تدريبية في المالية و المحاسبة في لندن.
كما يقول المثل "الشيء الوحيد الثابت في الدنيا هو التغيّر"، وحيث إنّ التغيّرات تعني ظهور فرص أو تحدّيات جديدة، وبالتالي من المهم لاستمراريّة الشركة أن تتغيّر لتتجاوب مع التغيّرات، لاستغلال الفرص، أو تخفيف المخاطر، وذلك بما يتوافق مع أهدافها الاستراتيجيّة، وذلك من خلال اختيار الشركة الاستثمار في مشروع يحقّق للشركة التغيّر المطلوب .
فالاستثمار يغيّر الشركة، حيث أنّ التغيير يعني استبدال شيئ بشيئ آخر، إلّا أنّ الاستثمار في مشروع يكون استبدال شيئ بشيئ بهدف تحقيق منفعة مستقبليّة، وأمّا المشروع فهو العمليّة التي يتمّ من خلالها عمليّة الاستبدال.
يأخذ المشروع أشكال مختلفة مثل تطوير منتج، استحواذ على شركة أخرى، تصفية نشاط للشركة، دخول سوق جديد، إضافة نشاط جديد، شراء أو اسئجار التجهيزات، بيع أو تأجير التجهيزات، تدريب الموظّفين، البحث والتطوير، زيادة أنشطة التسويق، الانفاق على الأصول غير الملموسة مثل العلامة التجارية وصورة المنظّمة لدى الجمهور، استثمار القطاع الحكومي في البنية الأساسية.
أي إنّ الاستثمار ممكن أن يدخل في الأنشطة المختلفة للشركة مثل التسويق، والبحث والتطوير، والأمان والسلامة، وبالتالي فإن قرار الاستثمار ممكن أن يأخذه فريق يضمّ متخصصين بالمحاسبة، مع مدراء من أقسام أخرى.
يتحقق المدراء في الشركة من أنّ الاستثمار في المشروع يحقّق الأهداف الاستراتيجيّة للشركة، والمنفعة لمختلف أصحاب المصالح، من خلال تقييم الاستثمار.
يتطلّب تقييم الاستثمار التعرّف على بيئة العمل، الوضع الحالي للمنظّمة، وقدرتها على انجاز المشروع، الموارد المخصّصة للمشروع، مدى ملائمة المشروع لاستراتيجيّة، وأنشطة المنظّمة، تجاوبه مع الفرص والتهديدات، أيّ أنّ تقييم الاستثمار في أيّ مشروع يشارك فيه الخبرات الماليّة والمحاسبيّة، والتي تقوم، بجمع البيانات الماليّة، والتحليل المالي إضافة إلى مشاركة خبرات متنوّعة أخرى.
يوجد تقنيّات مختلفة لتقييم استثمار المشروع، وتعمل كل تقنيّة على تقييم الاستثمار من زاوية مختلفة، ومن هذه التقنيّات مايلي:
فترة الاسترداد: يفضّل مدراء المشروع الصغير استخدام هذا العامل، أكثر من مدراء المشروع الكبير، ولكن كلاهما يستخدمان هذا العامل أقلّ من استخدامهم لصافي القيمة الحالية، ومعدّل العائد الداخلي، حيث رغم بساطة حساب طريقة فترة الإسترداد إلّا أنّها تتجاهل القيمة الحاليّة للنقود،
وتعرّف فترة الاسترداد بأنّها الفترة التي يستغرقها المشروع ليحقق عائدات تعادل المبلغ المدفوع في الاستثمار الأولي.
معدّل العائد على الاستثمار: وهو نسبة صافي الربح الناجم عن الاستثمار في مشروع إلى مبلغ الاستثمار
صافي القيمة الحاليّة (NPV): هي محصّلة التدفّقات النقديّة الداخلة، والخارجة الناجمة عن الاستثمار في المشروع، وذلك بعد أن تمّ الخصم منها مراعاة للمخاطر، ولاستبعاد التفاوت في قيمة النقود بين قيمة امتلاك النقود في الوقت الحالي، وبين قيمة امتلاك النقود في المستقبل.
حيث إنّ قيمة امتلاك وحدة نقود في الوقد الحالي أكبر من قيمة امتلاكها في المستقبل، فإذا كانت القيمة الحاليّة موجبة، فإنّه ينبغي على المدير أن يقبل المشروع ليستثمر فيه، وذلك مع الأخذ بعين الإعتبار تعظيم القيمة الحالية لمحفظة المشاريع التي لدى الشركة.
معدّل العائد الداخلي: وهي نسبة الخصم التي تجعل من صافي القيمة الحالية للنقود التي تأتي في المستقبل من استثمار المشروع، مساوية للمبلغ الأولي الذي يدفع للاستثمار في المشروع.
مؤشّر الربحيّة: يشير إلى مقدار القيمة الحالية للنقود التي تأتي من الاستثمار في المشروع مقابل كل وحدة نقديّة صرفت على هذا الاستثمار
وبالتالي فإنّ تقييم إدارة المنظّمة للاستثمار في مشروع يتطلّب درايتها بالأمور الماليّة، والمحاسبيّة، لتدعم قرارها بما يحقق أكبر مصلحة لأصحاب المصالح، بدلاًً من أن تسبب مشاكل، والتي قد تكون لها تداعيات خطيرة على المنظّمة، ويمكن حضور دورات تدريبية تساعد المدراء على تطوير قدراتهم التحليليّة، واستخدام الأدوات الماليّة والمحاسبيّة.
بعد أن يتم تقييم الاستثمار، فإنّه من المهم اختبار الافتراضات، والأخطاء المحتمل ظهورها نتيجة التقييم، إذ تعتمد عمليّة التقييم على بيانات قد لا تكون صحيحة.
ومن ثمّ تقوم الادارة في المنظّمة باتخاذ قرار استثمار المشروع، وتراعي في قراراها النتائج التي توصّلت إليها من خلال تقييم الاستثمار مثل العائد على الاستثمار، قدرة المنظّمة على انجاز المشروع، مدى ملائمة المشروع لأنشطة المنظّمة.
تقوم إدارة المنظمة بالموازنة بين عوامل مختلفة عند اتخاذها قرار الاستثمار، وذلك لتحقيق أكبر منفعة لمختلف أصحاب المصالح، والاهداف الاستراتيجيّة للشركة، ومن أمثلة هذه الموازنات مايلي:
الإنفاق على استثمار الأصول الثابتة بشكل أكبر من اللازم، دون مراعاة حجم النموّ المتوقّع، وبالتّالي مصاريف زائدة ليس لها لزوم تقلّص العائد على الاستثمار، وفي الجهة المقابلة فإنّ استثمار المنظّمة في مشروع يعطي أقلّ من الطاقة الانتاجيّة اللازمة، يعني فقدان المنظّمة لحصّة من السوق لصالح المنافسين.
استثمار في الأصول الثابتة قبل حاجة المشروع إليها يعني وجود خلل في إدارة التدفّقات النقديّة تسببت في تجميد لاداعي له لسيولة المنظّمة، والتي قد تؤدي إلى ضياع فرص لن تستطيع المنظّمة استغلالها لنقص السيولة، وظهور التزامات لن تستطيع المنظّمة الوفاء بها، ولكن الاستثمار المتأخّر يعني التأخّر في اغتنام الفرصة.
الخاتمة
أصبح من الضرورات المستمرّة أن تتخذ إدارة المنظّمة القرار بالاستثمار في مشروع يحقّق المنفعة لأصحاب المصالح، واستمرار المنظّمة رغم التغيّرات الحاصلة بالسير نحو أهدافها الاستراتيجيّة، ولكنّ اتّخاذ القرار يتطلّب بالبداية تقييم الاستثمار في المشروع، حيث يعمل التقييم كمصباح يوضّح جدوى قرار الاستثمار، ودوره في تحقيق الأهداف الاستراتيجيّة للمنظّمة.
وفي النهاية فإنّه من الجيّد أن يتعلّم المدراء بمختلف اختصاصاتهم عن الأمور الماليّة، والمحاسبيّة التي تساعدهم على تقييم الاستثمار، واتخاذ قرار بالاستثمار، من خلال دورات ماليّة ومحاسبة في دبي و لندن و كولالمبور و اسطنبول، وذلك وفقاً للحكمة التي تقول اعرف كل شيئ عن شيئ واحد، واعرف شيئاً واحداًً عن كل شيئ.