نُشِر في Oct 05, 2023 at 02:10 PM
تبرز أهمية تطور الموارد البشرية وتطوير طرق إدارتها مع مرور الوقت وذلك لفهم وظائف وفلسفة وممارسات هذا المجال في بعض السياقات التنظيمية المختلفة.
يُسلط المقال التالي الضوء على تاريخ الموارد البشرية ومن ثمّ يوضح مراحل تطور الموارد البشرية (evolution of human resources) عبر الزمن وأهم الاتجاهات المستقبلية لها، لذا تابع حتى النهاية.
ظهر مفهوم إدارة الموارد البشرية في مطلع الثمانينات، لكن ينسب البعض أول استخدام للموارد البشرية إلى نهايات القرن التاسع عشر حين ظهر ما كانوا يسمونهم بضباط أو أمناء الرفاهية، كانت مهمة هؤلاء حماية الفتيات والنساء في أماكن العمل بشكل خاص وتحسين أوضاع العمال وإبقائهم على معرفة بقضايا السلامة والصحة والنظافة.
اليوم، يعتبر قسم الموارد البشرية المسؤول الأساسي عن كل ما يخص التوظيف والعمال والقوى البشرية في الشركة، يبحث المختصين في القسم عن الأفراد المرشحين لتوظيفهم وإجراء المقابلات معهم ومن ثمّ اختيار الأنسب من بينهم لضمهم إلى فريق العمل.
لا تتوقف مهامهم عند هذا الحد، بل يجب عليهم التأكد باستمرار من حصول جميع العاملين في الموقع على حقوقهم ومزاياهم ومكافأة من يستحق ويساهم في تنمية المنظمة، إضافةً إلى التأكد من عدم وجود أي أنواع من التمييز بين الموظفين لخلق بيئة عمل صحية.
من الواجبات الأخرى الخاصة بقسم الموارد هو توفير تدريب منتظم لأعضاء الفريق لتنمية مهاراتهم وصقلها للمستقبل، ناهيك عن دورهم الفعال في حل الخلاف والصراع الذي من الشائع أن يحصل بين الموظفين فيما بينهم وبين الموظفين والإدارة، لذا يجب عليهم حل تلك الخلافات بسرعة لضمان سير العمل بسلاسة.
بالنسبة لأولئك الذين يهتمون بالناس والأشخاص سيجدون وظيفة الموارد البشرية مثيرة للاهتمام كثيرًا، لكن من الضروري أن يكونوا على معرفة ومهارة كافية لأداء دورهم الوظيفي بكفاءة وتميز، يمكن أن تكون دورات موارد بشرية في لندن البوابة لتلك المهنة المثيرة للاهتمام.
صُنف تطور الموارد البشرية منذ الثورة الصناعية وحتى الوقت الحاضر إلى مجموعة من المراحل، وذلك على النحو التالي:
- تطور الموارد البشرية خلال فترة الثورة الصناعية:
شهدت الثورة الصناعية نمو كبير في مجال الصناعة مثل تطور الآلات واستخدام الطاقات الميكانيكية في العمليات الإنتاجية وظهور مصطلح المصنع، لذا ولمجاراة كل ذلك التطور كان لا بدّ من توظيف المزيد من القوى العاملة، وبالتالي يجب تطوير نظام لإدارة تلك الأعداد الكبيرة من العمال الغير معتادة.
لذا طورت ثلاثة أنظمة لإدارة الموارد البشرية، وهي استقدام العمال وتدريب العمال ومراقبة العمال، بغض النظر أن السياسة الأساسية التي كانت سائدة في تلك الفترة قائمة على أساس السيد والخادم، والتي لا تزال قائمة حتى الآن إلى حدٍ ما.
كانت أحوال العمال سيئة في أعقاب الثورة الصناعية لذا كان من اللازم اتخاذ العديد من الخطوات الجدية لإنقاذ الوضع المتدهور بسبب الحرب العالمية الأولى، تم فرض نظام السمسرة وتعيين ضباط على الأعمال داخل المؤسسات مهمتهم التحقق من مهام التوظيف وتأمين متطلبات العمال.
في نفس الوقت، بدأ ظهور النقابات العمالية لحماية أعضائها من العمال وحل بعض المشاكل الرئيسية مثل عمالة الأطفال وساعات العمل الطويلة والظروف السيئة للعمل، اعتمدت النقابات على الاحتجاجات والإضرابات للمطالبة بحلول لمشاكلهم.
مع بداية القرن العشرين، اعتمد أصحاب المصانع والشركات على نهج أكثر إنسانية في إدارة عمالهم، كان ذلك النهج يقوم على فلسفة الأبوة، بمعنى أكثر تفصيلًا لا يجب أن يُعامل العامل كعامل بل كطفل من قبل أصحاب الأعمال الذين يأخذون دور الأب، إذ يجب عليهم الاعتناء بعمالهم كما يعتني الأب بأطفاله.
أول من طبق ذلك النهج كان صناعي بريطاني وناشط إنساني يسمى روبرت أوين، إذ رأى بأنّ البيئة الاقتصادية والاجتماعية تؤثر بشكل مباشر على التطور البدني والعقلي والنفسي للعامل.
في هذه المرحلة تم إدارة الموارد البشرية وفق مجموعة من الأسس العلمية بدلًا من نظام الإدارة الذي كان سائدًا والذي كان يقوم على مبدأ المبادرة والحوافز على أساس الخبرة الوظيفية، لذا في أوائل القرن العشرين قام العالم الأمريكي فريدريك وينسلو تايلور بتطوير منهج علمي لإدارة الموارد البشرية، من خلال:
- تطور الموارد البشرية خلال فترة العلاقة الإنسانية:
عمل الخبراء وعلماء الاجتماع بنقل أفكارهم وآرائهم حول الجوانب الإنسانية ودورها في إدارة الموارد البشرية خلال الفترة الممتدة من العام 1925 إلى العام 1935، إذ اقترح عالم النفس التطبيقي هوجو مونستربرغ في كتابه علم النفس والكفاءة الصناعية ضرورة استخدام علم النفس في اختيار الموظفين وتدريبهم واختبارهم.
بينما أجرى عالم النفس الاسترالي إلتون مايو سلسلة من التجارب داخل مصنع هوثورن التابع لشركة وسترن الأمريكية لصناعة الهواتف وخدمات الاتصالات في الفترة بين عام 1924 وعام 1932، كان الهدف من تلك التجارب تحديد تأثير تغير ظروف العمل ﻋﻠﻰ إنتاجية وتطور العمل.
ونتيجة لتلك التجارب توصل مايو وزملاؤه إلى أنّ إنتاجية العمال تعتمد على العوامل الاجتماعية السائدة في أماكن العمل وتشكيل المجموعة وتأثيرها والتواصل وطبيعة القيادة والإشراف وأنّه يجب على المنظمات الاهتمام بالعلاقات الإنسانية خارج الظروف المادية في مكان العمل لتحقيق زيادة في الإنتاج.
- تطور الموارد البشرية من الستينات وحتى أوائل القرن الحادي والعشرين:
ومع استمرار تطور الموارد البشريّة بدأت أماكن العمل بالتغير مع إدراك أصحاب الأعمال أنّ العمال ليسوا دمى يحركوها بأيديهم بل لهم احتياجاتهم العاطفية والنفسية، لذا قامت إدارات شؤون الموظفين بتحسين جهودها بما يتعلق بالتدريب الداخلي للعمال وعملها مع النقابات العمالية لوضع تعويضات ومكافآت أفضل لهؤلاء.
في الوقت نفسه، ساهمت بعض النظريات وخصوصًا نظريات الدافع البشري مثل نظرية التحديد الذاتي لديسي وريان ونظرية العامل الثاني لهيرزبرج بتغيير الاستراتيجية المتبعة في أماكن العمل.
ساعد علم النفس الصناعي والإدارة التنظيمية في إدارة الموارد البشرية، وذلك عن طريق إيلاء المزيد من الاهتمام لحاجة الموظفين إلى النجاح والتطور والتقدير من خلال مطابقة طبيعة العمل مع معارف الشخص وقدراته ومهاراته، بالإضافة إلى اهتماماته.
- الموارد البشرية اليوم:
يتطلب من قسم إدارة الموارد البشرية اليوم المزيد من الجهود ليكون أكثر مرونة وديناميكية في ظل التطور التكنولوجي المستمر والتحديات المتزايدة التي تعترضها، بما في ذلك الأوبئة والظروف الصحية وتأخر سلاسل التوريد وزيادة التضخم والنقص الكبير في المواهب.
لذا يتوجب على مختصي الموارد التمتع بعدد من المهارات الجديدة مثل تحليل القوى العاملة والذكاء الاصطناعي ورقمنة الموارد البشرية والتخطيط الاستراتيجي والتفكير التصميمي وإدارة الموارد البشرية كمنتج وغيرها.
بعد أن اطلعنا على تطور الموارد البشرية عبر السنين وكيف أصبحت التطورات أكثر عملية، وصل الحديث الآن إلى أهم الاتجاهات التي يتوقع أن تسير بها الموارد البشرية في المستقبل، أكثر الأمور توقعًا وطلبًا هو أن يكون مسؤولو الموارد أكثر مرونة وسرعة في اتخاذ القرارات وفي مواجهة الاضطرابات المتوقعة.
يعتقد أيضًا تغيير طريقة تقييم أداء الموظفين لتصبح أكثر تخصصًا، إذ يتوقع استبدال نظام المراجعة السنوية بالتقارير الآنية للأداء في الوقت الفعلي، يساعد ذلك في تأمين التدريب اللازم للموظفين لتحسين الإنتاجية.
سوف تزداد أهمية الخبرة الرقمية لموظفي الموارد وقدرتهم على استخدام تطبيقات الذكاء الصنعي في الإدارة، يفيد ذلك في إعداد فريق كامل أكثر تنوعًا عن بعد.
إضافةً إلى ذلك يجب الاعتماد على تحليلات القوى العاملة لتحديد عمر وجنس وعرق الموظفين المناسبين وبالتالي تكوين فريق عمل متعدد الخلفيات، ولذلك فائدة كبيرة للشركة، كما تساعد التكنولوجيا الحديثة في اتخاذ مثل هذه القرارات بسهولة .
من المتوقع أيضّا تقسيم معظم المهام في قسم ﺍﻟﻤﻭﺍﺭﺩ إلى مكونات منفصلة، تزيد هذه الطريقة من رشاقة الشركات، بدأ تطبيق هذه الخطوة بالفعل ضمن الشركات التي تبحث عن مدرب موارد بشرية مرن لإعداد الموظفين في مواقع متعددة.
في النهاية،
هذا كان كل شيء حول تاريخ تطور الموارد البشرية والاتجاهات المستقبلية المتوقعة لها، لا أحد قادر على التنبؤ بما هو قادم في ظل تطورات التكنولوجيا الآنية في كل لحظة لكن هذا ما تشير إليه الأمور.