الرمال النفطية: مستقبل الطاقة أم تحدٍ بيئي؟


دورات في مجال النفط والغاز

نُشِر في Jan 15, 2024 at 08:01 PM


هل سبق لك وعلمت بأنه يمكنك الحصول على نفط خام من الرمال؟ نعم إنها الرمال النفطية؟ هل سبق لك وسمعت بهذا المصطلح؟ 

 

 إن كنت مهتمًا بمعرفة تفاصيل إضافية حول هذا المفهوم، عليك بمتابعة مقالنا التالي الذي يشرح ماهية وكيفية استخراج والآفاق المستقبلية لصناعة الرمال النفطية. 

ما هي الرمال النفطية (Oil sands)؟

تُعرف الرمال النفطية بأنّها مزيج لمجموعة من المواد الطبيعية وهي الطين والرمل والماء والمعادن الأخرى والبيتومين (bitumen) أو المعروف باسم القار، البيتومين عبارة عن نوع منتج نفطي طبيعي ثقيل ولزج جدًا لدرجة أنّه لا يتدفق بمفرده بل يحتاج إلى معالجة جيدًا قبل نقله إلى المصافي التي تقوم بدورها في تكريره لإنتاج مشتقات بترولية مختلفة، بما في ذلك البنزين والديزل وغيرها.

توجد رواسب الرمال النفطية في كل من الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وفنزويلا وروسيا، وفي عدة دول أخرى، لكن الحقول الكندية تعتبر المصدر الأكبر لها، ويعد مشروع أثاباسكا المشروع الأكبر والأكثر تطورًا للرمال النفطية في ألبرتا منذ العام 1967، ويتوقع أن يصل حجم الإنتاج إلى 3.9 مليون برميل يوميًا في العام 2027، حيث تفيد التقنيات والتكنولوجيا الحديثة في زيادة الإنتاج من خلال إدخال تقنيات وطرق حديثة للمعالجة والاستخراج.

تاريخ الرمال النفطية بدأ منذ العام 1745 الذي سجل أول عملية موثقة لاستخراج الرمال النفطية وذلك في شمال شرق فرنسا لكن لم تتم عمليات التكرير حتى العام 1857، وفي عام 1926 تمكّن العالم الكيميائي المختص بالرمال النفطية وخصائصها كارل كلارك من الحصول على براءة اختراع باسمه على اكتشافه طريقة فصل بالماء الساخن والمعروفة اليوم بأنها أساس عمليات الاستخراج الحراري، الأمر الذي ساعد في تعظيم الكفاءة في النفط والغاز.

في المراحل الأولى من اكتشاف الرمال النفطية كانت تسمى باسم الرمال القطرانية، إذ كان يُخلط ما بينها وبين القطران، وكانت تستخدم في عمليات رصف الطرق والتسقيف، إلا أنّ الرمال لم تتجمد الأمر الذي فرض إنهاء تلك الممارسة.

تختلف الرمال النفطية عن القطرانية بأنّها مجموعة من البتروكيماويات والمخلفات التي تتشكل بشكل طبيعي مع الوقت ويمكن تحويلها إلى نفط خام كثيف وهي تشبه الدبس في درجة حرارة الغرفة، بينما القطران نوع يُنتج صناعيًا من الفحم أو الخشب أو البترول وهو بحاجة إلى تسخين لاستخدامه.

كيف يُستخرج النفط من الرمال النفطية؟

رحلة الحصول على النفط الخام من الرمال النفطية ليست بالأمر السهل، توجد طريقتين رئيسيتين لاستخراج النفط من الرمال النفطية، هما: التعدين السطحي أو الاستخراج في الموقع.

- التعدين السطحي:

تُستخدم هذه الطريقة مع الرواسب النفطية العائمة بالقرب من سطح الأرض على مسافات لا تزيد عن 70 مترًا، تصل نسبة تلك الرواسب إلى حوالي 20 بالمئة من إجمالي إنتاج الرمال النفطية الموجودة.

 

تبدأ عملية الاستخراج بإزالة الغطاء العشبي أو الشجري لكشف المنهل الذي سيتم الاستخراج منه، ومن ثمّ تقوم جرافات مخصصة لمثل هذه المهمة بجرف ترسبات الرمال ونقلها إلى شاحنات ليتم نقلها إلى كسارات مسؤولة عن سحق الصخور ذات الحجم الكبير وتحويلها إلى رمال.

 

بعد سحق الصخور الكبيرة يُخلط الرمل النفطي مع الماء المُسخن ويتم ضخه إلى معامل التكرير عبر خطوط الأنابيب، تتم معالجة الخليط الرملي الثقيل في المعمل لفصل البيتومين عن المخلفات للحصول على زيت خام.

 

تضر هذه الطريقة بالبيئة والطبيعة جداً، كونه يتم إزالة مساحات واسعة من الأراضي والغطاء النباتي، الأمر الذي يقضي على الكثير من الأشجار والحياة البرية، بالإضافة إلى إلى خطر الحرائق.

 

من الضروري وضع خطط لاستصلاح الأراضي بعد الانتهاء من عمليات الاستخراج، وهو ما تفرضه القوانين والمعايير على منتجو النفط، لكن ذلك لا يحدث فعليًا، منذ الستينات حين بدأت كندا باستخراج الرمال النفطية من أراضيها لم يستصلح أكثر من 8% من إجمالي مساحة الأراضي التي تم الاستخراج منها، بل بعضها لا يزال في طور الاستصلاح.

 


- الاستخراج في الموقع:

الطريقة الثانية للاستخراج هي في الموقع، أي في مكانها، وهي تعد مناسبة للمناطق التي تكون احتياطيات الهيدروكربونات فيها مدفونة تحت عمق يزيد عن 70 متر بحيث يصعب الوصول إليها عبر المجارف. 

 

تتم العملية من خلال رفع حرارة البيتومين حتى يتحول إلى سائل لتسهيل عملية استخراجه بحيث يصيح قابلًا للتدفق، هذه الطريقة مكلفة أكثر من الطريقة الأولى إلا أنّها أقل تأثيرًا على البيئة، فهي لا تحتاج لمساحات واسعة.

 

لتحقيق ذلك تستخدم طريقتين رئيسيتين عادة، هما: تصريف الجاذبية بمساعدة البخار (SAGD) والتحفيز البخاري الدوري (CSS)، لكن كلتا الطريقتين تحتاج إلى كميات كبيرة من المياه والغاز الطبيعي المحترق للحصول على بخار الماء الذي يُحقن في الرواسب لتسخينها، تعمل الدراسات الجديدة على إيجاد نتائج وحلول للحد من استخدام الغاز والمياه في مشاريع وقطاع الرمال النفطية، بل الاستغناء عنهما إن أمكن.

الرمال النفطية: مستقبل الطاقة أم تحدٍ بيئي؟

- تصريف الجاذبية بمساعدة البخار (SAGD):

تعتبر هذه الطريقة الأكثر استخدامًا، وهي قائمة على حفر بئرين بالقرب من بعضهما في منطقة الاستخراج، بئر مسؤول عن الحقن وبئر للإنتاج، يُحفر بئر الحقن عموديًا في ترسبات الاحتياطي ومن ثمّ يُحفر أفقيًا بعد تدويره بزاوية 90 درجة، يُحفر بئر الإنتاج بعمق أكبر من الحقن وبموازاة القسم الأفقي من بئر الحقن.

 

يُحقن بئر الحقن بحجم كبير من بخار الماء، يذيب البخار البتومين ويجعل تأثير الجاذبية البيتومين ينتقل نحو الأسفل نحو بئر الإنتاج، يحتوي البئر الثاني على مضخات تقوم بعملية الضخ نحو السطح.

 

- التحفيز البخاري الدوري (CSS):

في هذه الطريقة يُحفر بئر واحد عمودي لكل من الحقن والإنتاج، حيث يُحقن البخار نحو الأسفل، يذاب البيتومين ببخار الماء ويسخن ويسيل، ليتم بعدها ضخه نحو السطح بواسطة البئر نفسه، تكرر العملية أكثر من مرة لاستخراج معظم النفط الموجود.

 

تحتوي دورات في مجال النفط والغاز التي يقدمها مركز لندن بريمير سنتر على كل ما تبحث عنه في قطاع النفط والغاز والتي من شأنها تعزيز معارفك في العديد من المواضيع الرئيسية فيه وصقل مهاراتك لتكون جاهزًا للعمل في هذا المجال.

 

ما هو مستقبل الرمال النفطية؟

مع استمرار دفع صناعة الرمال النفطية للتطور والانتشار من قبل عدد من الشركات المستثمرة، إلا أنّ عدد من التحديات تعيق ذلك المسار، بدءًا من الخيبات المتتالية التي شهدها سوق النفط العالمي مؤخرًا من هبوط أسعار وتقييد على الصادرات.

 

إلى الحركات البيئية التي تسعى جاهدةً إلى عرقلة هذا القطاع، لما له من ضرر كبير على البيئة والمناخ، ووصل الأمر لانسحاب شركة توتال الفرنسية الرائدة في صناعة النفط والغاز من الاستثمار في هذا المجال بحجة أنّ المنتج لا يتوافق مع مواقفها الجديدة بشأن تغير المناخ، ناهيك عن الانكماش الاقتصادي العالمي بالمجمل.

 

لكن على الرغم من كل ذلك، استطاعت شركات الرمال النفطية تحقيق إيرادات وصلت لمليارات الدولارات خلال الأعوام الماضية، وكما يبدو بأنّها لا تنوي الاستسلام والابتعاد، بل تسعى إلى خلق تقنيات جديدة تمكنها من خفض الكربون وحماية البيئة في ظل سعيها لتوسعة حصتها في هذا القطاع. 

 

تسعى كندا إلى الوصول إلى انبعاثات صفرية بحلول العام 2050، ولكنها حتى الآن لم تحرز البلاد أي تقدم يذكر في هذا الاتجاه، وهنا يمكننا طرح سؤالنا الأساسي من هذا المقال، هل حقول الرمال النفطية هي فعلًا مستقبل الطاقة أم أنّها تحدٍ بيئي سيجلب المزيد من الضرر ويزيد من التغير المناخي فقط؟ 

 

هذا ما ستجيب عليه قادم الأيام، إن تمكنت الشركات من الوفاء بوعودها فإنّها ستكون الرمال النفطية بالتأكيد جزء كبير ومهم من المستقبل الطاقي، لكن في حال فشلها فإنها ستكون سببًا إضافيًا لتدهور المناخ.

 

ختامًا،

 

أيًا كانت الإجابة على السؤال السابق، سوف تبقى الرمال النفطية واحدة من المصادر الطبيعية للنفط الخام التي سستنافس الشركات الصناعية للاستثمار فيها وتحقيق أرباح وتلبية الطلب الكبير على الطاقة، لكن العامل الأهم هو كيف ستتمكن تلك الشركات من إدخال أحدث التقنيات للحد من أثرها البيئي.