نشر في :6/15/2025, 9:26:56 PM
ظهرت القيادة الموقفية كنموذج رائد ضمن نظريات القيادة الحديثة، حيث تهدف إلى تمكين القادة من اختيار أسلوب القيادة الأنسب حسب مستوى استعداد الموظفين وظروف العمل المحيطة، ففي عالم الإدارة الحديث، لم يعد يكفي أن يكون القائد حازمًا أو متسامحًا فقط، بل أصبح من الضروري أن يمتلك أسلوب قيادة مرنًا يتناسب مع طبيعة المواقف المختلفة.
في هذا المقال، نسلِّطُ الضوء على مفهوم القيادة الموقفية، وأنماطها، وكيفية تطوير مهاراتك للوصول إلى القيادة الموقفية، تابع القراءة لمعرفة المزيد!
القيادة الموقفية هي نظرية إدارية متقدمة ترتكز على مبدأ محوري: "لا يوجد طريقة واحدة للقيادة تناسب كل المواقف والفرق"، بل إن أسلوب القيادة الناجح يعتمد على قدرة القائد على التكيّف مع الموقف، ومستوى جاهزية الموظفين، ودرجة تعقيد المهمة.
تم تطوير هذه النظرية من قبل هيرسي وبلانشارد، وقد أصبحت اليوم من أهم النماذج القيادية التي يستند إليها الكثير من المدراء التنفيذيين، والممارسين الإداريين، والمدربين المعتمدين في تنمية مهاراتهم، ويتجلى الهدف من نظرية القيادة الموقفية في مجموعة نقاط رئيسية، أهمّها:
وبفضل هذه المزايا، أصبحت نظرية القيادة الموقفية جزءًا أساسيًا من مناهج المدارس الإدارية، ومكوّنًا رئيسيًا في الدراسات العليا، وتُستخدم ضمن برامج إعداد المدرب المعتمد، والمدير التنفيذي والخبير الاستشاري، في مختلف القطاعات.
لا تقتصر القيادة الموقفية على الجانب النظري؛ ومن وجهة نظرٍ أخرى فهي تمثل أساسًا عمليًا في عالم الإدارة المعاصرة، حيث تتيح للقادة تحديد نموذج القيادة الأنسب لكل حالة، بناءً على مقياس الاستعداد والقدرات الفعلية للأتباع، وهي بذلك تدمج بين فن القيادة وعلم التقييم، لتقدم نموذجًا أكثر كفاءة ومرونة مقارنةً بغيرها من النظريات التقليدية، وهناك أربع أنواع وأنماط للقيادة الموقفية هي:
تُعتبرُ القيادة الموقفية من الأساليب التي تتطلب المستوى المتقدّم من الفهم والتطبيق العملي، لذلك فإن تنمية وتطوير مهارات مديري المشاريع في هذا المجال لا يتحقق فقط بالقراءة أو الاطلاع، بل يحتاج إلى برامج تدريبية متخصصة تُعنى بتأهيل أي قائد لمواجهة الظروف الإدارية بكفاءة ومرونة.
ومن المؤسسات الرائدة في مجال القيادة الموقفية، يبرز مركز لندن بريميير للتدريب، الذي يقدم دورات تدريبية في القيادة في دبي والعديد من دول العالم الآخرى مثل السعودية والمملكة المتحدة وغيرها، إليك نبذة عن ميزات هذه الدورة:
بالإضافة إلى ذلك، تُراعي هذه البرامج الفعَّالة سمات المتدرب من حيث الخلفية الوظيفية ومستوى الخبرة، وتعمل على تخصيص المنهج التدريبي بما يناسب أهدافهم الوظيفية، سواء كانوا مدراء تنفيذيين أو مشرفين في مراحل التدرّج الوظيفي.
لا بد أن يمتلك القادات عدة أسس ومهارات مرتبطة بقيادة الظروف بالشكل الصحيح، أبرزها هو:
وفي الختام، تأكَّد أنَّ نظرية القيادة المبتكرة الموقفية تتيح لك توجيه وقيادة فريقك بكفاءة وفاعلية مهما تنوعت عوامل ومواقف البيئة المهنية، ومع ترقية مهاراتك وتبنّي هذا النموذج الفريد، ستتمكن من الوصول إلى أهدافك بثقة، وتصبح قائدًا مرنًا وفعّالًا قادرًا على مواجهة تحديات القرن الواحد والعشرين!
التحول من القيادة الثابتة إلى الموقفية يتطلب تجاوز تحديات عميقة، أبرزها: مقاومة التغيير داخل الفريق بسبب الخوف من فقدان الوضوح أو الاستقرار، و صعوبة التكيف مع الحالات المختلفة التي تستلزم مرونةً في الأسلوب.
يضاف إلى ذلك تحدي التوازن الدقيق بين الحزم والمرونة، ونقص الخبرة في قراءة المواقف بدقة لاختيار النهج الأمثل. كما أن الثقافة التنظيمية التقليدية قد تعيق هذا التحول إذا كانت غير منفتحة على التجديد.
الخروج من منطقة الراحة القيادية يحتاج إلى شجاعة وتدريب مستمر، لأن الفشل في التكيف قد يُضعف المصداقية أو يُربك الفريق. النجاح هنا مرهون بامتلاك بصيرةٍ تُدرك أن القيادة فنٌّ يتشكل حسب سياق اللحظة، لا منهجاً صارماً.
هناك علاقة وثيقة بين الذكاء العاطفي والقيادة الموقفية، فكلاهما يعتمد على المرونة وفهم السياق. القائد الذي يتمتع بذكاء عاطفي عالٍ يدرك مشاعر فريقه ويُحسن قراءة المواقف، مما يمكنه من تطبيق أسلوب القيادة المناسب (التوجيهي، الداعم، المشارك، أو المفوض) بدقة.
الذكاء العاطفي يمنح القائد حساسية لتقلبات بيئة العمل، فيُغيّر نهجه حسب الحاجة: أحياناً يكون حازماً، وأخرى متعاطفاً. بدون هذا العمق العاطفي، تتحول القيادة الموقفية إلى مجرد آلية جامدة، تفقد تأثيرها على التحفيز والولاء. إذن، الذكاء العاطفي هو "الوقود" الذي يُشغّل محرك القيادة المرنة.
القيادة الموقفية، رغم مرونتها، قد تؤدي إلى فقدان الرؤية الاستراتيجية إذا أُفرط في تبنيها، حيث يصبح القائد ردّاً على الأحداث بدلاً من صانعاً لها. كما قد تُضعف **الثبات والهوية القيادية**، فيظهر القائد متقلباً أو غير حاسم.
من جهة أخرى، قد تُشعر الفريق بعدم الوضوح أو الانعدام التوجيهي، خاصة إذا اختلفت القرارات بشكل كبير بين موقف وآخر. كما قد تُحوّل القيادة إلى إدارة دقيقة مفرطة (Micro-management)، ما يُثقل كاهل الفريق ويقتل الإبداع.
الأخطر هو تحوُّلها إلى ذريعة لعدم الالتزام بمبادئ ثابتة، كالعدالة أو الشفافية، تحت شعار "المرونة". التوازن بين التكيّف والحفاظ على المبادئ هو جوهر القيادة الناجحة.
القيادة الموقفية لا تتعارض مع القيم الثابتة، بل تُعدّ إطاراً مرناً لتطبيقها وفق ظروف متغيرة. فالمبدأ الأساسي هنا هو الثبات في الغايات، والمرونة في الوسائل، حيث تبقى القيم المؤسسية بمثابة البوصلة، بينما تتكيف الأساليب القيادية مع طبيعة التحديات.
الخطر الوحيد يكمن في أن يُفهم التكيّف على أنه تنازل عن المبادئ، لكن القائد الذكي يدمج بين الحكمة الظرفية والالتزام الجوهري بالثقافة المؤسسية. هكذا تصبح القيادة الموقفية أداةً لتعزيز القيم، لا تقويضها، عبر إثبات أنها قادرة على التجدد دون التفريط بالهوية.
في البيئات الفوضوية سريعة التغير، يبرز الذكاء الاصطناعي كـ"أداة مرنة" قادرة على التكيف السريع، لكنه ليس حلاً سحرياً. فعلى الرغم من قدرته على تحليل الفوضى واقتراح حلول آنية (مثل إدارة المشتتات في المشاريع)، يبقى عاجزاً عن فهم التعقيدات الإنسانية التي تُشكل جوهر الأزمات الحقيقية.
الأكثر إثارة أن هذه النماذج تتفوق في تحويل "الضوضاء" إلى أنماط قابلة للتحليل، لكنها تتعثر عندما تختلط البيانات بالعواطف أو الغموض البشري. لذا، سيبقى العنصر البشري حاسماً في تفسير هذه التحليلات واتخاذ القرارات الجوهرية.