الاقتصاد السلوكي: فهم سيكولوجية صنع القرار


دورات في القيادة قصيرة أونلاين

نُشِر في Jul 27, 2023 at 11:07 AM


شاع مفهوم الاقتصاد السلوكي بعد سبعينيات القرن الماضي كمفهوم هام مساعد للحكومات والمؤسسات والشركات المختلفة لفهم سيكولوجية صنع القرار لدى الناس بشأن عمليات الشراء وكيفية التنبؤ بها والتأثير عليها في عالم سريع الخطى.

 

انطلاقًا من ذلك، يُقدّم الدليل التالي مجموعة من التفاصيل الهامة حول هذا العلم وتطبيقاته ويسلط الضوء على المفاهيم والمبادئ المبنية عليها هذه الاقتصادات، تابع معنا.

ماذا يُقصد بالاقتصاد السلوكي (behavioral economics)؟

يُعرف علم الاقتصاد السلوكي بأنّه علم نفسي واقتصادي حديث ومهم، قدم الكثير من العلماء والمنظرين تعريفات لهذا المصطلح، لكن التعريف الأشمل والأفضل هو أنه نظرية سلوكية تهتم بتحليل ودراسة تداخل سلوك الناس عند اتخاذ اختياراتهم وقراراتهم السلوكية غير العقلانية.

 

بشكل أكثر تحديدًا، يهتم الاقتصاديون السلوكيون بدراسة مفاهيم الاقتصاد السلوكي وفهم طريقة تصرف المجتمع البشري مع السياسات والمواقف العامة، إذ يجمع الاقتصاد السلوكي بين مختلف العوامل النفسية والاقتصادية والمالية لتقديم تحليلا للتناقضات الحاصلة بين كيف يجب أن يتصرف المجتمع وكيف تتم التصرفات في الواقع أو العالم الحقيقي، مع تحليل تأثير تلك التصرفات.

 

يتخذ الأشخاص قرارات في حياتهم بشأن الكثير من الأمور، على سبيل المثال مقدار الادخار اللازم وما المبلغ الواجب دفعه مقابل المنتجات الحديثة وهل عليهم اتباع نظام حياة صحي أم لا؟ 

 

يركز الاقتصاد السلوكي على دراسة أسباب تفضيل الشخص لخيار عن آخر، إذ يفترض علماء الاقتصاد السلوكي أنّ الأشخاص عاطفيون بالفطرة ويمكن لأي شيء التأثير على قرارهم وتشتيت انتباههم، نظرا لذلك هم عرضة لاتخاذ خيارات لا تصب في مصلحتهم دائمًا.

 

بينما الاقتصاد التقليدي أو الكلاسيكي يفترض أنّ الأفراد عقلانيون في قراراتهم لكونه يعتمد على مصالحهم الذاتية أو على المعلومات المتوفرة في اتخاذها، لكن الاقتصاد السلوكي على العكس تمامًا فهو يدرس الأسباب الخفية وراء القرارات غير العقلانية للأفراد والتي في معظم الأحيان لا تتوافق مع النموذج الاقتصادي المتوقع. 

 

ما هي العوامل المؤثرة على قرارات الناس؟ 

العوامل التي تدخل في صنع القرار غير العقلاني متنوعة، مثل العوامل العاطفية والاجتماعية والنفسية والثقافية والمعرفية وغيرها, لكن وفقًا للاقتصاد السلوكي تعنى القرارات بالعوامل التالية:

- العقلانية المحدودة أو المقيدة:

إنَّ معظم الناس يتخذون قراراتهم بناءً على معارفهم وتفكيرهم المحدود، إذ يعتقدون أنّ ما يملكون من أفكار وخبرة في الحياة كافٍ لاتخاذ القرار بدلًا من الاستعانة بالآخرين لاتخاذ أفضل قرار ممكن.

- اختيار العمارة:

طريقة وضع وعرض البضائع والمنتجات أو الصفقات لها دور مؤثر جدًا على توجيه البصائر إليها وبالتالي التأثير على قرارات الناس، على سبيل المثال الحبر والقلم سلع تكميلية، عند عرضهما معًا يمكن تحسين بيع الحبر أكثر مما لو عرض لوحده.

- التحيز المعرفي:

تدخل المعتقدات والقيم وطريقة تحليل الأمور في عملية خلق قرار اقتصادي، على سبيل المثال إن كان شخص يحب لونًا أو شخصية كرتونية ما فمن المحتمل أن تزداد فرص شراء أو استخدام النماذج والمنتجات التي تحمل اللون الذي يحبه أو الشخصية المفضلة لديه.

- التمييز:

يرفض الناس الكثير من الخيارات لمجرد كرههم لشيء ما يتعلق بها، مقابل تفضيل خيارات أخرى لمجرد نفورهم من الخيار البديل.

- عقلية القطيع:

الإنسان بطبعه يحب الانتماء، تتأثر قرارات المستهلكين بما يفعله الآخرين لتحقيق ذلك الانتماء، ولحسن الحظ القيادة من خلال التغيير تقوم على هذا المبدأ، لذا قد ينفق الكثير من الأموال في منتج أو سلعة لمجرد الشعور بأنّه يشبه طبقة أو فريق أو مجتمع ما ليعترفوا به.

الاقتصاد السلوكي: فهم سيكولوجية صنع القرار

ما هي أهم مبادئ الاقتصاد السلوكي؟

الاقتصاد ككل موضوع واسع جدًا، بالرغم من أنّ الاقتصاد السلوكي ليس إلا فرع من فروع الاقتصاد إلا أنّ له رؤى ومبادئ توجيهية للموضوعات التي يُعنى بها، من تلك المبادئ:

- التأطير:

يصف هذا المبدأ كيفية تقديم أو شرح شيء ما للشخص من كافة الجوانب، حيث يمكن توقع أو تحديد النتائج بناءً على ذلك، على سبيل المثال يمكن تقديم معلومة بطريقة إيجابية أو سلبية.

- الاستدلال:

مجال معقد بعض الشيء، يعبر عن أنّ معظم الناس يتخذون قرارتهم المهمة باستخدام الاختصارات العقلية بدلًا من التفكير المنطقي الطويل، مثلًا قد يتشبث فرد بمنتج ما طيلة حياته بدلًا من التفكير بتجربة منتجات أخرى قد تكون أكثر فائدة، ننصحك بالتسجيل في دورات في القيادة قصيرة أونلاين التي تشرح كيفية الخروج من القوقعة وتناقش كيفية التفكير بشكل منطقي أكثر.

- النفور من الخسارة:

تتجذر فكرة الخوف من الخسارة في علم الاقتصاد السلوكي، في الحقيقة البشر يكرهون الخسارة لدرجة أنّ الدراسات أوضحت أنّ المشاعر السلبية عند خسارة شيء ما تفوق بكثير المشاعر الإيجابية عند تحقيق شيء ما حتى وإن كانت قيمته الاقتصادية أعلى بكثير.

- عدم الكفاءة:

لعدم كفاءة السوق دور بارز في اقتصاديات السلوك، من أمثلة ذلك لم تعد تغري الأسهم ذات الأسعار المرتفعة المستثمرين في الوقت المعاصر وذلك بسبب انخفاض نسبة السعر إلى العائد، فهل تؤهلك مهارات المحاسبة للعمل في مجال الإدارة المالية؟ اطلع على الرابط وتحقق من قدراتك في العمل بصورة مباشرة.

- المحاسبة العقلية:

يؤثر المستثمرون والمستهلكون على توجهات السوق ويمكن أن يغيروها وفقًا لظروفهم، بالرغم من أنّ ذلك أمر عادل لكن قد يكون غير منطقي، مثلًا عند تلقي المستثمرون مكافآتهم السنوية، قد يستثمر البعض منهم في الأسهم عالية المخاطر، تلك العملية هي قرار مرحلي قائم على الظروف وليس استراتيجية طويلة الأجل.

- مغالطة التكلفة الغارقة:

تقوم هذه المغالطة على التشبث العاطفي بالتكاليف المدفوعة في الماضي، إذ يواجه كل من المستهلكين والمستثمرين صعوبة في التخلي عن استثماراتهم القديمة بالرغم من فشلها، مثلًا عند انخفاض سعر مخزون من 100$ للسهم إلى 15$ للسهم، لن يستثمر أحد في ذلك المخزون بعد الآن لكنهم أيضًا غير مستعدين لبيع أسهمهم القديمة التي اشتروها بـ100$ للسهم بسبب ارتباط عاطفي برأس المال الملتزم به.

 

ختامًا، 

مصطلح الاقتصاد السلوكي هو مزيج بين النظريات الاقتصادية التقليدية الماضية وعلم النفس يهدف إلى فهم القرارات الاقتصادية التي يتخذها البشر وكيف ولماذا وصلوا إليها وبماذا تختلف عن الخيارات العقلانية والسعي لتوجيه السلوكيات لخدمة الشركات وتحقيق الأرباح.