
نشر في :11/8/2025, 8:07:47 PM
لن تعد مهارات القيادة الحديثة مجرد مجموعة صفات مرغوبة من قبل المؤسسات في قادتها، بل أصبحت ركنًا أساسيًا للنجاح والبقاء والتفوق في ظل بيئات العمل الحديثة التي تقودها الرقمنة والذكاء الاصطناعي والتقلبات الاقتصادية، يمكن لأي شخص أن يشغل منصب القائد، لكن النجاح في هذه المهمة سيكون حكرًا على من يمتلك الكفاءة والقدرة على تمكين الفريق وتوجيه التغيير والتركيز على تحسين جودة العمليات والممارسات اليومية.
لذلك أصبحت هذه المهارات القيادية تترأس المعايير المعتمدة في التوظيف والترقية، سنستعرض في الدليل التالي أهم مهارات القيادة الحديثة المطلوبة في العام 2025 لتحقيق التميّز، لكن قبل ذلك علينا أن نعرف ما الذي تغيّر في بيئة العمل لعام 2025؟ لنعلم لماذا مهارات القيادة الحديثة هامة.
عام 2025 ليس مثل أي عام سابق، هو أشبه بعتبة لمرحلة جديدة تمتد منه وحتى عام 2030، حيث تُعاد هيكلة وإدارة المهارات والوظائف بشكل واسع، خاصةً مع التوقعات المتزايدة حول توسع الوصول الرقمي ليكون هذا الاتجاه هو الأكثر تحولًا، فيما تلعب التقنيات الحديثة، مثل الذكاء الاصطناعي والأتمتة وتحليل البيانات واستخدام الروبوتات، دورًا في إعادة النظر في نماذج الأعمال المستخدمة والأدوار الوظيفية، مما يفرض تعلم مهارات جديدة وصقل مهارات قديمة للبقاء على درجة مقبولة من مواكبة التقنيات المعاصرة.
يترافق ذلك مع الظروف الاقتصادية القاسية بعض الشيء، مثل زيادة تكاليف العيش وتباطؤ النمو لبعض شرائح الشركات، الأمر الذي يفرض التمتع بالمرونة والتكيف والقيادة المؤثرة اجتماعيًا، فيما يبرز التحول الأخضر أكثر والذي يفرض من ناحيته التمتع بمهارات التخفيف والإدارة البيئية والتكيف مع التغيرات المناخية.
أمّا من ناحية المهارات، تشير الدراسات إلى أنّ 39% من موظفي وعمال اليوم ستكون مهاراتهم متقادمة بحلول 2030، على الرغم من أنّ نسبة تقادم المهارات أقل من السنوات القادمة لأنّ الكثير من العمال يفكرون في ذلك ويعملون على تطوير مهاراتهم عبر التدريب وإعادة التأهيل، لكن في نفس الوقت، هناك أنواع معيّنة من المهارات ستصبح الأعلى طلبًا، خاصةً مهارات التواصل الفعّال والتفكير التحليلي والمرونة والتأثير الاجتماعي والذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة والشبكات والأمن السيبراني ومحو الأمية التكنولوجية.
استجابةً لذلك، يتوجب على قادة المؤسسات العمل على ترسيخ ثقافة التعلم مدى الحياة كجزء متأصل من هوية المؤسسة، كون التعليم المستمر هو الضامن الوحيد أمام تآكل المهارات، إضافةً إلى ذلك عليهم توظيف كوادر جديدة ذات كفاءة عالية وإعادة توزيع الأدوار الوظيفية ودعم صحة ورفاهية الموظفين لاستقطاب المواهب وتوسيع مبادرات التنوع والمساواة والشمول الفعالة، جميعها استراتيجيات تعزز من مكانة القائد كشخص يسعى لاستدامة مؤسسته.
نظرًأ لكل تلك التحولات التقنية والاقتصادية، أصبح من الضروري امتلاك حزمة من مهارات القيادة الحديثة، والتي باتت شرطًا رئيسيًا للنجاح والبقاء في عام 2025 وما بعدها، وهي:
تحقيق نتائج استثنائية لا يأتي من مجرد إصدار أوامر وتنفيذها، بل بوجود جو من الثقة والتواصل المفتوح والروح الإيجابية بين القادة وأعضاء فرقهم، القائد الذي يستثمر في بناء علاقات عمل فعالة يفهم من خلالها طموحات أعضاء فريقه ونقاط قوتهم وضعفهم وحدود معارفهم ويستمع إليهم، سيكون قادرًا على بناء فريق مرن وأكثر قدرة على التعاون والإبداع في الأزمات، مما ينعكس مباشرة على خفض الأخطاء وزيادة الإنتاجية وتحسين جودة نتائج العمل.
في ظل التغيرات والتقلبات السريعة التي تشهدها أسواق اليوم، لا بدّ أن يتمتع القائد الناجح بعقلية التعلم المستمر والرغبة الحقيقية لتعديل سلوكياته وقراراته وفق المعطيات والتغيرات الجديدة، إذ أصبحت المرونة اليوم شكل من أشكال التفكير المسؤول الذي يتيح للقادة تعديل استراتيجياتهم وتصحيحها قبل أن تتراكم الأخطاء والمشاكل.
الابتكار والإبداع في القيادة يبدأ من تجاوز أساليب التفكير النمطية والبحث عن أفكار مبتكرة موائمة لأهداف المؤسسة واحتياجات العملاء ومن ثمّ العمل على تطبيقها في الواقع، ولا يجب أن يكون لمجرد الخروج بفكرة واحدة رائدة والاكتفاء بذلك، بل من خلال جعلهما ممارسات متأصلة في أسلوب قيادة المؤسسة لضمان إبقاء المؤسسة في مكانة متقدمة، تساعد دورة الإبداع والابتكار في التخطيط وتنفيذ الأعمال من بين دورات تدريبية في الإدارة في دبي في صقل هذه المهارة من بين مهارات القيادة الحديثة.
التحفيز من أبرز مهارات القيادة الحديثة لأنّ غياب التقدير يعتبر من أكثر الأسباب التي تدفع الموظفين للتقاعس وعدم بذل الجهد، فيما يدفعهم التقدير للمشاركة أكثر وتقديم المزيد، فهو يعزز من الثقة بأنفسهم وبالمؤسسة، لذا من الضروري أن يعلم القائد المعاصر كيف يُحفز ويشحن معنويات موظفيه وكيفية زيادة الشعور بأن أعمالهم ذات قيمة حقيقية للمؤسسة، ذلك يعني خلق طاقة عمل إيجابية تدفع لتقديم الحلول وتقلل من الاستنزاف والغياب وتُحقق نتائج حقيقية.

القائد مسؤول عن اتخاذ قرارات طول الوقت، تفرض القيادة الحديثة أن تكون تلك القرارات ذات جودة عالية وسليمة وعقلانية وقوية، فهي من تحدد حجم النجاح على المستوى الشخصي والمؤسسي، لذا لا بدّ أن تكون مهارة اتخاذ القرار من بين مهارات القيادة الحديثة لأي قائد يرغب بالنجاح والاستمرار، بالإضافة إلى الحزم والتمسك بالقرارات ومعرفة متى يجب تعديلها في حال لم تحقق النتائج المرجوة أو ظهور مؤشرات جديدة في بيئة العمل.
الصراعات والنزاعات داخل العمل شيء موجود ولا يمكن تجاهلها، وهي مشكلة تنظيمية تمس فرق العملاء والموردين والعملاء وأصحاب المصلحة على حد سواء، القائد الفعال هو من يعلم الوقت المناسب للتدخل وفض النزاع ومعالجة أسبابه وكيفية تحويل الموقف إلى فرصة للتعلم وتحسين العلاقات والروابط، بدلًا من أن يسبب تكاليف إضافية وخسائر للمؤسسة.
التحدي الحقيقي أن الكثير من القادة لا يتلقون تدريبًا كافيًا على ذلك، مما يجعلهم غير قادرين على التعامل مع المواقف الصعبة، لذا يمكن تلقي تدريب مثل التدريب على إدارة الصراعات والنزاعات من بين دورات تدريبية في الإدارة والقيادة التي يقدمها مركز لندن بريمير سنتر للتدريب المهني عبر شبكة مكاتبه الإقليمية، في دبي ولندن وأمستردام وإسطنبول وكوالالمبور وباريس وبرشلونة والقاهرة، بالإضافة إلى توفرها أونلاين.
يعرف التفاوض بأنّه ليس لعبة فوز أو خسارة، بل عملية تجمع طرفين ذوي أهداف مختلفة للاتفاق على نتيجة واحدة تعود بالنفع للجميع، وتمر العملية في ستة مراحل متتالية تبدأ بتحضير جاد ومن ثمّ مناقشة وحوار صريح، وبعدها توضيح الأهداف، وصولًا إلى جولة من المفاوضات تتيح الوصول إلى اتفاق ومن ثمّ تنفيذ خطة عمل.
القائد المتمكّن من أسلوبه التفاوضي قادر على بناء علاقات قوية وتقديم حلول طويلة الأمد تقلّل من الاحتكاك وتزيد من كفاءة استخدام الموارد وفهم مصالح الموظفين ومواءمتها مع الأهداف المؤسسية على المستوى الداخلي.
تعتبر هذه المهارة أهم مهارات القيادة الحديثة في عصر المعلومات والبيانات، وهي مهارة مكتسبة تتم عبر ثلاث مراحل متتالية، تبدأ بالإطار الذي يُعرف المشكلة بشكل دقيق وصياغة السؤال الصحيح للبدء بالبحث عن الحلول، ومن ثمّ مرحلة الاستكشاف التي للبحث عن الحلول واختبار الفرضيات بعيدًا عن الحدس، انتهاءًا باتخاذ القرار بعد إجراء مقارنة لجميع الحلول المتوفرة وانتقاء أكثرها قيمةً، القائد الذي يفكّر نقديًا يحمي المؤسسة من القرارات العشوائية والاندفاع، ويقودها نحو حلول أكثر اتزانًا وواقعية.
لن يكون الطريق معبدًا في المستقبل أمام المؤسسات التي لا تزال تعتمد على أساليب الأمس، بل أمام القادة الذين يستوعبون أهمية مهارات القيادة الحديثة ويعملون على ترسيخها كممارسات عملية في الأساليب القيادية، ومن يمتلك تلك المهارات، لن يواكب فقط مستقبل العمل، بل يصنعه بنفسه.