نشر في :10/21/2025, 6:17:27 PM
لم يعد عالمنا عاديًا، نحن في عصر تتسابق فيه اللحظات لتظهر شيئًا جديدًا يبهرنا ويحسن من حياتنا، هذه التنافسية العالية والتوقعات المستمرة للعملاء بتقديم أفضل المنتجات والخدمات، فرضت على الشركات النظر إلى موضوع تحسين الجودة كضرورة حتمية للبقاء والاستمرار.
لا يتوقف الأمر لدى الشركات التي تهتم في تحسين جودة منتجاتها وخدماتها عند المحافظة على مكانتها السوقية وحسب، بل ضمان التفوق على منافسيها من حيث كسب ثقة العملاء وزيادة الرضا والولاء لديهم، مقالنا التالي يقدم لك نظرة تفصيلية عن الخطوات العملية والمنهجيات الفعالة التي يمكن للمؤسسات اتباعها لتحسين الجودة ورفع مستوى أدائها بصورة عامة.
تعرف عملية تحسين الجودة بأنّها مجموعة من الإجراءات والخطوات العملية التي تعتمدها الشركات والمؤسسات بهدف تطوير المنتج أو الخدمة التي تقدمها لعملائها بما يلبي توقعاتهم وتجاوزها في بعض الأحيان، وهو مفهوم مختلف من مؤسسة لأخرى حسب طبيعة نشاطها ونظام العمل المعتمد والهيكل التنظيمي للعمليات.
يقوم مفهوم تحسين الجودة في جوهره على إجراء مراجعات دورية ودقيقة للعمليات والاستراتيجيات التشغيلية لتحديد العملية أو المرحلة التي تتطلب تحسين، سواء خلال الإنتاج أو البيع والتسليم أو خدمات ما بعد البيع.
تحسين الجودة إطار مؤسسي شامل يدعم الشركات في تحسين خدماتها ومنتجاتها بصورة مستمرة، وللوصول إلى النتيجة المرغوبة من التحسين يجب اتباع مجموعة من الخطوات العملية، وهي:
أي عملية تحسين من دون قياس الأداء هي عملية فاشلة بالتأكيد، لذا يتوجب على المدراء أو الموظفين المعنيين بعملية التحسين اتباع مجموعة من المؤشرات المساعدة، أبرزها مؤشرات أخطاء الجودة المسجّلة والمكتشفة.
إذ تعتبر الأخطاء أو المشاكل المكتشفة من قبل العميل من أخطر التهديدات التي لها أثر مباشر على الشركة وسمعتها وثقة عملائها بها، في حين يمكن الاستفادة من المشاكل والأخطاء المكتشفة داخليًا قبل البيع والتسليم في التحسين دون الضرر بالسمعة والعلاقات الخارجية.
من المؤشرات الأخرى التي يمكن استخدامها معدل الشكاوى وإجراءات التصحيح المتأخرة ومعدل الالتزام بالخطط الإنتاجية والصيانة، التحليل المنتظم لهذه البيانات يمنح الإدارة رؤية واضحة لمستوى الأداء الحالي ويمكنها من تحديد نقاط الضعف التي يجب معالجتها.
كثير من العملاء يربطون بين توفر المنتج وسهولة الحصول عليه بالجودة التي يحققها، على اعتبار أنّه مهما بلغ من جودة فهو منتج غير جيد طالما أنّه غير متوفر.
لذلك تعد إدارة الطلب من أهم خطوات تحسين الجودة، فهي تضمن خلق حالة توازن بين العرض والطلب وتمنع حالات النقص أو وجود فائض مما ينعكس سلبًا على تجربة العميل، يمكنك الاستعانة بتقنيات الذكاء الاصطناعي، إذ باستخدامها ستتمكن من إدارة الطلبات بسهولة ودقة وسرعة كبيرة.
في بعض الحالات القليلة، تعتمد الشركات على استراتيجية تقليل العرض لزيادة الطلبات كنوع من خلق انطباع بالفخامة، وتعتبر هذه الاستراتيجية من الاستراتيجيات التسويقية التي تعزز من القيمة المدركة للجودة.
لا يمكنك البدأ بأي منهجية تحسين جودة ما لم تزيل الصورة الضبابية وتفهم احتياجات عملائك وتوقعاتهم، ابدأ بجمع بيانات السوق وأجرِ دراسات ميدانية واستطلاعات رأي لتكوّن صورة واضحة حول أولويات جمهورك وما هو المستوى المطلوب من حيث الجودة والأداء.
على سبيل المثال، هل هو بحاجة لجودة أعلى مهما كلّف من سعر؟ في هذه الحالة اختر مواد خام عالية الجودة، أم أنَّ السعر هو الأهم، وبالتالي يتعين عليك إيلاء أهمية أكبر للمحافظة على التكاليف المنخفضة كجزء أساسي من عملية تحسين الجودة، الدقة في تحديد الاحتياجات والموازنة بينها وبين السعر هي أساس نجاح عملية تحسين الجودة وكسب رضا العميل في وقت واحد.
من أهم الركائز التي يقوم عليها مبدأ تحسين الجودة هو نظام التواصل الداخلي، نظرًا لأنّه مهما كانت الأفكار عظيمة ومبتكرة لن تُنفذ بنجاح ما لم تصل بوضوح للجهات المسؤولة عنها وفي الوقت المحدد.
يمثل تدريب القوى العاملة أحدث استراتيجيات تحسين الجودة، إذ كلما تطورت مهارات الموظفين وازداد الوعي لديهم حول أهمية الجودة كلما تحسنت نتائج عمل الشركة ككل، لأن الموظف المتمكن من مهاراته والقادر على استخدام التقنيات والمعدات الجديدة يقلل من الأخطاء ويزيد من الإنتاجية.
كذلك، يمكن في بعض الحالات أن تنفذ الشركات برامج تدريب لعملائها أو تُقدم أدلة إرشادية لكيفية استخدام المنتجات والخدمات، خاصةً في حال إطلاق منتجات جديدة تحتاج لخطوات تشغيل أو تركيب محددة، إذ يمكن أن تسهم هذه الخطة في الحد من حجم مشاكل الاستخدام الخاطئ والتحسين من تجارب العميل النهائية.
انظر إلى دورات تدريبية في الجودة في دبي التي يقدمها مركز لندن بريمير سنتر أيضًا عبر مكاتبه الإقليمية في كل من لندن وأمستردام و برشلونة وباريس والقاهرة وإسطنبول وكوالالمبور ومدريد وغيرها من المدن والعواصم العالمية، إضافةً إلى توفر العديد من الدورات التدريبية في الجودة أونلاين عبر الإنترنت أو عبر منصة التعليم الذاتي التي توفر مجموعة من مقاطع الفيديو التعليمية لتتمكن من التعلم أينما كان موقعك بنقرة واحدة.
لا تنتهي مهمة تحسين الجودة بإتمام صفقة البيع، الاهتمام والدعم الذي يلقاه المستخدم بعد الشراء هو أمر ذو أهمية كبيرة لتعزيز قيمة الشركة وسمعتها، الاستجابة السريعة التي يتلقاها حول أي مشكلة أو عارض يواجهه مع المنتجات تخلق انطباع إيجابي لديه عن الجودة ومدى الاهتمام به من قبل الشركة المصنعة.
من ناحية أخرى، تعزز السياسات المرنة للاستبدال أو الإرجاع من الثقة وتُسهم في خلق علاقة طويلة الأمد مع المستهلك، جميعها استراتيجيات تساعدك في تحسين الجودة.
التعاون الجماعي المتواصل هو العمود الفقري للشركات الناجحة، حيث تعتبر الاجتماعات الدورية لفريق العمل فرصة لتبادل الأفكار والآراء ومراجعة الأداء ودرجة التقدم نحو أهداف الجودة وتحديد أي عوائق محتملة.
كذلك، لهذه الاجتماعات دور في تحفيز الموظفين ورفع الروح المعنوية لديهم، كونهم يشعرون بأنّهم جزء من عملية التحسين لا مجرد اشخاص منفذين وحسب، ذلك التفاعل الإيجابي بين جميع المستويات الإدارية يخلق مكان عمل داعم يساعد على تحقيق أهداف تحسين الجودة ويعزز الابتكار.
سلسلة قيمة بورتر هي أداة تحليلية تُستخدم من قبل المتخصصين في تحسين وإدارة الجودة لفهم كل مرحلة من مراحل دورة حياة المنتج، ابتداءًا من مرحلة التصنيع وصولًا إلى إعادة التدوير، وهي تستخدم لتحديد مجالات ونقاط تحسين الجودة ضمن المؤسسات وما تحتاج من أدوات، تتكون هذه السلسلة من 5 مراحل رئيسية:
فيما يلي ثلاثة من أشهر النماذج والاستراتيجيات المستخدمة في تحسين الجودة، وهي:
نشأ هذا النموذج من قبل شركة تويوتا اليابانية لكنه سرعان ما تحول ليصبح منهج عالمي يهدف إلى تحسين الأداء في المصانع وتحقيق الجودة المستدامة، وهو يستخدم في قطاعات أخرى، يركز النموذج على التقليل من الهدر ورفع الكفاءة وفق فلسفة إدارية تنص على أنّه يجب أن تُضيف كل خطوة من عملية تحسين الجودة قيمة فعلية للمنتج.
يعتبر هذا النموذج من أكثر نماذج تحسين الجودة دقة وحزم، وهو يتشارك مع النموذج الرشيق من حيث المبدأ "تقليل الهدر ورفع الكفاءة" لكنه يعتمد على جمع البيانات وتحليلها في صناعة القرار القائم على الأدلة والبراهين، كما يعتمد على الإحصاءات لتحديد الأخطاء والحد منها لأقصى حد ممكن.
صمم هذا النموذج بشكل خاص بهدف تحسين الجودة في قطاع الرعاية الصحية، وهو تقنية تجمع بين إدارة الجودة الشاملة (Total quality management) ودورة التحسين السريع (PDSA: التخطيط والتنفيذ والدراسة والإجراء)، مما يسمح له اختبار التحسينات على نطاق صغير قبل تعميمها على المجموعة، وبالتالي تقليل المخاطر وضمان فعالية التغيير.
ختامًا،
بمجرد اتخاذك القرار في تحسين الجودة ذلك يعني أنّك خطوت الخطوة الأولى في هذه الرحلة نحو منتج محسن والتي يجب أن تكون رحلة مستمر ودائمة لتحقيق التميّز وليس مشروع مؤقت لفترة محدودة فقط، وإن لم تتخذ قرارك بعد عليك الآن اتخاذه قبل فوات الآوان، لأنّ المؤسسات التي تتبنى هذه الثقافة في عملياتها وتستثمر في أنظمتها وموظفيها هي وحدها من ستكون قادرة على البقاء والمنافسة في هذا العصر.