نُشِر في Jun 11, 2023 at 11:06 AM
يزداد الضغط العالمي بشأن إدارة المخلفات مع تزايد كمياتها نظرًا للارتفاع المستمر لعدد السكان والأنشطة البشرية العامة والخاصة، الأمر الذي يستدعي تدخل سريع لتفادي حدوث كوارث بيئية هائلة نحن بغنى عنها.
تقدم المقالة التالية تعريف نظام إدارة المخلفات (Waste Management) وما أهمية الإدارة من وجهة نظر الاستدامة، مع الإشارة إلى أبرز الاستراتيجيات المعتمدة لمعالجة تلك المخلفات.
يُطلق مصطلح إدارة المخلفات على كل ما يخص خدمات جمع أو نقل أو معالجة أو التخلص من المخلفات والنفايات الخطرة بأنواعها المختلفة الصلبة والسائلة بطرق ووسائل لا تُعرض صحة الإنسان والبيئة والأجيال القادمة للخطر، ويشمل ذلك كل مجال يدخل في عملية تنظيم الإدارة الصناعية للنفايات من نقطة الإنتاج وحتى عمليات المعالجة النهائية.
تتنوع المخلفات اليوم لتشمل مخلفات المنازل والمكاتب وبقايا الركام والهدم والزجاج، وكذلك المخلفات الإلكترونية كاللوحات الإلكترونية والبطاريات والنفايات المشعة والمواد الكيميائية وغيرها الكثير.
تعتبر الإدارة المستدامة للمخلفات أحد المفاهيم الرئيسية للاقتصاد الدائري والتي توفر العديد من الفوائد والفرص لكل من الاقتصاد والبيئة والمجتمع.
تشمل أنظمة إدارة المخلفات عمليات جمع البقايا والنفايات وفرزها ومعالجتها وإعادة استخدامها أو تدويرها، وبالتالي فهي تخلق فرص عمل وتقلل من تأثير الأنشطة البشرية على البيئة مما ينعكس على جودة الهواء والماء، علاوةً على ذلك تقلل من هدر الطعام وتحافظ على الظروف الصحية البشرية، وبالتالي تلعب دور في تحسين الحياة البشرية ككل بشكل عام.
الهدف الرئيسي من إدارة المخلفات تقليل استهلاك الموارد الطبيعية وإعادة استخدام ومعالجة المواد المأخوذة من الطبيعة قدر الإمكان وتوليد أقل قدر ممكن من النفايات، بشكل مشابه لـ إدارة دورة حياة الأصول في الشركات، كل ذلك ينعكس بمجموعة من الفوائد على أي شركة وحتى على المجتمع والبيئة على حد سواء، مثل:
إن لم يتم الاهتمام بإدارة المخلفات بشكل مطلق سينتهي الأمر بوجودها في كل مكان، مطامر النفايات كبيرة وتستهلك مساحات واسعة، في بعض المناطق المحصورة يتحتم الأمر التحكم في حجم المخلفات وإدارتها على مراحل بشكل مستدام للاستفادة منها على أفضل وجه.
أفضل مثال هو سنغافورة مساحتها حوالي 700 كيلومتر مربع وتضم أكثر من 5.5 مليون شخص، تنتج المدن فيها كميات هائلة من المخلفات، إن لم يعمل المجتمع المحلي بالتنسيق مع القطاع الحكومي في ﺇﺩﺍﺭﺓ النفايات بشكل فعال فإنّها سوف تغرق بالنفايات.
عند إعادة استخدام أو تدوير عنصر ما لن يكون هناك حاجة لشراء منتج جديد مماثل يمكن تحصيله بطريقة ما داخل الشركة، بذلك نكون قد تخلصنا من المخلفات وخفضنا من تكاليف التخلص منها وبالتالي استطعنا تحسين الأرباح النهائية.
تعتبر إدارة المياه والطاقة والمخلفات محور عمل الاستدامة، لذا بواسطة اعتماد إدارة فعالة للمخلفات تتحسن كل من الاستدامة الفردية والتجارية والحكومية والتنظيمية التي يقوم بها كل من الأفراد والشركات والحكومات والمؤسسات على التوالي، كما تساعد دورات إدارة المرافق في ذلك.
يختلف تأثير المخلفات على البيئة باختلاف أنواعها فلكل منها تأثيره الخاص، مثلًا، تُسمم المخلفات الكيميائية وبقايا مصانع الأدوية المياه بينما تجلب فضلات الأطعمة الذباب والقوارض، لذا عند تطبيق الإدارة المستدامة للمخلفات يمكن فهم المخلفات بشكل أفضل ومعرفة الطريقة الأمثل للتعامل معها بهدف حماية البيئة.
وفق ذلك، يجب التخلص من المخلفات الكيميائية والدوائية عن طريق الحرق وتحويل بقايا الأطعمة إلى سماد وتدوير البلاستيك، كل تلك الإجراءات يمكنها المساعدة في السيطرة على التلوث.
البشر هم العدو الأول للبيئة، نحن ننتج كميات هائلة من القمامة وبمعدلات سريعة للغاية في حين لا تزال أساليب إدارة تلك النفايات محدودة وسيئة، لذا عند اعتماد أساليب شاملة وفعالة يمكن الحفاظ على الموارد البيئية والطبيعية وتحسينها، بما في ذلك المياه والأشجار والمعادن، إضافةً إلى تقليل انبعاثات غازات الدفيئة المساهمة بشكل كبير في الاحتباس الحراري.
لا يمكن العيش من دون طرح المزيد من المخلفات، لكن عند تطبيق إدارة مستدامة للمخلفات يمكن أن يزيد حس المسؤولية بشأن إدارة النفايات بعناية وفعالية واستدامة، والذي يدفع للبحث عن الاستثمار في أفضل العمليات والتقنيات للإدارة.
الاستراتيجية الأفضل لإدارة المخلفات تتمثل بالخطوات التالية:
قد يكون الرفض سياسة غير معتمدة كثيرًا لكن مع بعض الممارسة يمكن تعلمها، دمج هذه السياسة مع نهج حياتك يعد من أكثر الطرق فاعلية لتقليل الهدر، من خلال تعلم رفض شراء أي منتجات غير قابلة لإعادة التدوير أو تحتوي الكثير من المواد المهدورة يمكن تحقيق ذلك، حتى عند شراء المنتجات والمواد يجب رفض تغليفها بأكياس أو حاويات غير قابلة لإعادة الاستخدام أو الإرجاع.
تخفيف استخدام أي منتج ضار أو مهدر أو غير قابل لإعادة التدوير يؤدي إلى تقليل المخلفات في مكب القمامة في نهاية المطاف، وبدوره يخفف من الآثار البيئية السلبية المرتبطة بتلك المخلفات.
من الإجراءات التي يمكن اعتمادها للتخفيف، مثلًا عند طباعة المستندات الورقية في المكاتب يمكن الطباعة على الوجهين بدلًا من الوجه الواحد أو استخدام المستندات الرقمية والاستغناء المطلق عن الورق، كذلك الحد من استخدام المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد والتعبئة البلاستيكية والنفايات العضوية.
في ظل سياسة الاستخدام لمرة واحدة، أصبحت أزمة البلاستيك أحد أكبر التحديات البيئية العالمية، عند تحويل طريقة استخدام بعض العناصر المنزلية أو المكتبية أو المصنعية بدلًا من شراء أخرى جديدة يمكن الحد من المخلفات.
أي عنصر لم تنفع معه الخطوات السابقة يمكن محاولة تغيير الغرض منه للحد من المخلفات، قد يتطلب الأمر بعض الإبداع لكن الاحتمالات عديدة ولا حصر لها، على سبيل المثال يمكن إعادة استخدام الوجه الفارغ من ورق الطباعة كورق خردة وصناديق الكرتون للتخزين وعلب القهوة لحمل الأقلام وغيرها من الخيارات.
بمجرد الانتهاء من كافة الخطوات السابقة دون فائدة يمكن اللجوء إلى إعادة التدوير، فهي الطريقة الأمثل للتخلص من النفايات الصديقة للبيئة، من خلال جمع أي مواد وبقايا لا تلزم ومن ثمّ فرز تلك المخلفات لإرسالها إلى الحاويات المخصصة حيث تجمع شركات إعادة التدوير البقايا من تلك الحاويات وتعيد تدويرها واستخدامها كمواد أولية جديدة.
بعد الانتهاء من جميع السبل السليمة السابقة ولا تزال المخلفات غير قابلة للتخلص لم يعد بالإمكان إلا التخلص منها في مكب النفايات أو محطة المعالجة أو حرق المواد القابلة للحرق والاستفادة منها كمصدر طاقة، كثيرة هي التقنيات والعمليات التي تستخدم لخلق طاقة ﻣن النفايات ومنها التغويز والتحويل الحراري والهضم اللاهوائي وغيرها.
يجب أن تعمل المنظمات المحلية والجهات الحكومية الرسمية بإصدار إرشادات تعريفية وقوانين صارمة من شأنها دعم سياسات إدارة المخلفات.
ختامًا،
نأمل أن يكون المقال قد حسّن من فكرك تجاه إدارة المخلفات وكيفية تطوير بعض الطرق المتكاملة للتخلص السليم منها وأصبحت تسعى جاهدًا لتحقيق ذلك لخدمة المجتمع والبيئة بشكل عام ونفسك بشكل خاص وعلى المستوى الأول.