نُشِر في Sep 22, 2023 at 02:09 PM
جميعنا نتفاوض كل يوم على الكثير من القضايا بطريقةً أو بأخرى، لكن عندما نتحدث عن التفاوض الدولي فإنّ الموضوع يختلف تمامًا، تبحث المفاوضات الدولية غالبًا في القضايا الحساسة ذات التأثير طويل الأمد، لا بالمصالح القصيرة الأمد، يقدم المقال التالي التعريف بالتفاوض الدولي واستراتيجياته الفعالة وكيفية الاستعداد الأمثل له، تابع معنا.
يُعرف مفهوم التفاوض الدولي (international negotiation) ﻋﻠﻰ أنّه أحد أشكال التفاوض الدبلوماسي المتعلقة بالحوار بين بلدين في سبيل فض النزاع أو الوصول إلى اتفاق بشأن موضوع معين بشكل سلمي من خلال الحوار والمناقشة، غالبًا ما يحدث بين الجهات الحكومية في تلك الدول ونظيراتها نتيجة خلافات دولية أساسية دائرة بينهم، والتي كثيرًا ما نسمع عنها اليوم في نشرات الأخبار.
لا يعتبر التفاوض الدولي حكرًا على الحكومات، بل يمكن للأفراد والشركات التجارية متعددة الجنسيات القيام به، وخاصةً تلك التي تتعامل مع موردين خارجيين أو تبحث عن التعاون والتوسع الخارجي حول العالم.
بغض النظر عن طبيعة الوفد المشارك في التفاوض الدولي أو الهدف من ذلك التفاوض، العامل الأهم هو كيف نحصل على النتيجة المطلوبة، وهذا يتطلب أن يتمتع المفاوضين بمهارات حل المشكلات وصنع القرار وعلى دراية كافية بالمفاهيم والمسائل الحساسة التي لا يجب التطرق المباشر إليها خلال مراحل الحوار، وكذلك في إدارة العقود الدولية.
عادةً ما تقوم أغلب عمليات اﻟﺗﻔﺎوض الدولية على القوة بما يحقق أهداف وغايات الطرف الأقوى، تدخل عدة عوامل مهمة في تحديد مدى نجاح المفاوضات الدولية، بما في ذلك مدى رغبة كل أطراف النزاع بإنجاح العملية ودرجة الثقة ببعضهم البعض ومدى تعقيد القضية المتنازع عليها وفرق الثقافات بينهم.
يفيد إتقان أساسيات التفاوض اﻟﺪوﻟﻲ أي شخص يبحث عن النجاح في مجال التفاوض الدولي المعاصر، يتطلب الأمر معرفة مكونات الفريق النظير وكيفية تأثير الفروق الثقافية والمتغيرات الاقتصادية والسياسية والقانونية على سير المناقشات، كما أنّ أسلوب الاتصال والقيم والتقاليد دور مؤثر أيضًا في نجاح النقاشات.
علاوة على ذلك، يفيد العمل على التحكم بالتوتر خلال المناقشات في خلق بيئة بناءة تُوصل إلى اتفاقات ودية، بغض النظر عن كل ذلك، لا يمكن أن يكون التفاوض الدولي والاتصال الدبلوماسي ناجح وفعال إلا في حال استطاع المشاركين التكيف مع تلك الفروق والانخراط بحسن نية في المفاوضات.
تتم معظم المفاوضات العالمية بواسطة وفود كبيرة من حيث عدد الأفراد المشاركة وقيمتهم، هذا يتطلب إعدادًا كافيًا لضمان النجاح بالمهمة، الأمر الأكثر أهمية هنا هو أن يكون الجميع حذرين لكل كلمة تُنطق ومدى وقعها وحساسيتها لدى الطرف المقابل، لذا يجب تجنب التطرق للمواضيع الحساسة.
عند الاستعداد بخصوص اﻟﺗﻔﺎوض، خاصةً في الإطار الدولي، يجب على المفاوض الاطلاع جيدًا على ثقافة الجهة المقابلة على طاولة الحوار والحذر من المناقشات الحادة التي قد تظهر في أي لحظة، بسبب الصورة النمطية المسبقة التي قد يأخذها الطرف الآخر عنك، لكن التركيز الزائد على الثقافة قد يكون ذو نتائج عكسية، لذا وجب الحذر.
أطلق العنان لقدراتك وحقق التفوق في عالم الأعمال العالمي من خلال دورة مهارات التفاوض وحل النزاعات، تمكنك الدورة من تطوير فهمك لإمكانيات وتحديات المفاوضات الدولية وتسمح لك بتحقيق نتائج ملحوظة في عمليات التفاوض الدولية.
بالرغم من كل ذلك، إليك بعض الإجراءات الإرشادية التي من شأنها المساعدة في تحقيق التوازن في النقاشات والمفاوضات ذات الإطار الدولي:
بالرغم من أن الوفد مجتمعًا يناقش وفقاً لثقافة وتوجهات بلده أو مؤسسته إلا أنّه كل فرد منهم له وجهات نظره الخاصة، لذا يجب دراسة كل شخص منهم بهدف التعرف على شخصيته وأسلوب التواصل الخاص به، تكثيف النهج بما يلبي ذلك يمكنه إنجاح الأمر.
التعامل وفق الصورة النمطية المأخوذة مسبقًا من أكبر مسببات الفشل على صعيد التفاوض، لذا فإن تجاوز ذلك وتوسيع فهم خلفية وقيم الطرف الآخر من شأنه دعم بناء نهج شامل يتبنى مختلف وجهات النظر والعمل على خلق جو تفاوضي أكثر انفتاحًا وإنتاجية.
الثقة عنصر هام للغاية في أي تفاوض، فهي المحور الأساسي لإقامة العلاقات الناجحة والدائمة، لذا يجب أخذ الوقت الكافي لإقامة تلك العلاقة بواسطة إظهار درجة عالية من الاحترام مع الآخرين والاستماع الفعال لهم والاهتمام باحتياجاتهم واهتماماتهم حقًا.
من خلال طرح أسئلة تتعلق بالأهداف والتوقعات والتحديات للطرف الآخر والاستماع للإجابات يمكن خلق حوار هادف يؤدي إلى نقاشات ناجحة، كذلك مشاركة المعلومات حول القيم والأهداف يمكنه أن يعزز التفاهم المتبادل ويساعد في وضع أرضية مشتركة للتعاون.
المفاوضات الدولية ليست بالأمر السهل، كثير من العوامل من شأنها التسبب بالإرهاق والتوتر، على سبيل المثال اللغة واختلاف المناطق الزمنية والفهم الخاطئ للثقافة، لذا لا بدّ من أخذ فترات راحة كافية وتأجيل المواعيد لو تطلب الأمر للبقاء في حالة هدوء والتقليل من مستويات التوتر، السلوك الهادئ يعزز المفاوضات المثمرة.
تستخدم المفاوضات الدولية مجموعة من الاستراتيجيات والتقنيات التفاوضية من أجل تسوية أي نزاع بنجاح، ﻣﻦ أهم تقنيات واستراتيجيات الحوار والتفاوض الدولي ما يلي:
يقوم المفاوضون في ﻫﺬه الطريقة بتحديد الأهداف المشتركة للطرف الأول والطرف الثاني والوصول إلى الاتفاق الذي يرضي الجميع، بما يلبي متطلبات كلا الطرفين، والذي يقلل بدوره من احتمالية تصاعد الصراعات بشأنها.
يتم إدخال طرف ثالث محايد في عملية التفاوض في هذه الطريقة للتخفيف من حدة التوتر وإعطاء المشورة دون تحيز لطرف عن الآخر، بما يضمن بناء الثقة ويسهل عملية الحوار، كما تفيد استراتيجية الطرف الثالث عندما يكون الصراع معقد للغاية والحساسية عالية بين الأطراف.
تهدف نظرية التسوية إلى الموافقة على حلول مرضية يقبل بها كافة الأطراف، وهي تتطلب استعداد الجميع للتكيف وتقديم التنازلات، يمكن الاعتماد على تلك الاستراتيجية ﻓﻲ الحالات التي لا تكون فيها احتياجات الجانبين متزامنة تمامًا.
تتطلب هذه الاستراتيجية أشخاص ذوي قدرة على التفكير خارج الصندوق والخروج بحلول إبداعية باستخدام تقنيات العصف الذهني، وهي مفيدة في المواقف المعقدة التي لا تفيد فيها الحلول التقليدية.
ختامًا،
المفاوضات والحلول السلمية لها دور كبير في إحلال السلام والاستقرار العالمي في حال تم إجراؤها بحذر وفعالية، لكن الواقع يختلف بعض الشيء، لا يمكن تسوية أمر النزاعات الدولية المختلفة بالتفاوض والحوار دومًا، بعض الصفقات والقضايا العالمية تصل إلى طريق سياسي مسدود ولا تقبل الحلول الدبلوماسية، بل تتطلب تدخل عسكري أو عقوبات إقتصادية رادعة.