
نشر في :11/11/2025, 1:50:18 PM
مع اقتراب نهاية السنة وبدأ الشركات بتقييم أدائها السنوي والإنجازات المحققة خلال العام، ومع بدء وضع الخطط للعام القادم، يجب أن لا يقل موضوع تحفيز الموظفين في نهاية السنة شأنًا عن بقية المواضيع المتعلقة بالخطط المالية والاستراتيجية للعام الجديد، نظرًا لأن المؤسسات القادرة على تشجيع موظفيها في هذا التوقيت الحساس للغاية فإنّها ستخلق لديهم دافع إيجابي لتقديم أقصى طاقاتهم خلال الربع الأول من العام القادم، بل قد يمتد لأبعد من ذلك.
لذلك يقدم لك المقال التالي فرصة للتعرف على أهمية تحفيز الموظفين وكيف يؤثر إيجابًا أو سلبًا على الربحية والأداء والاحتفاظ بالموظفين، كذلك تعرف على كيفية تحفيز موظفيك من خلال مجموعة من الاستراتيجيات الفعالة.
تحفيز الموظفين هو نهج إداري استراتيجي يمكن وصفه بمحرك الإنتاجية والتفاعل والأداء الفعّال والاحتفاظ بالكوادر المؤهلة، هو ما يدفع العاملين للالتزام بوظائفهم وإبقائها متسقة مع رؤى وأهداف مؤسساتهم الرئيسية، والأهم من كل ذلك، هو ما يحافظ على الطاقة ويمنع فقدان الشغف أو تراجع أداء فريق العمل، وهي حالة طبيعية تمر على كل موظف في وقت إلى آخر.
وينقسم التحفيز إلى جزأين رئيسيين متكاملين ولا يتعارضان، هما:
تحفيز الموظفين هو أحد أهم أسرار القادة الناجحين، ولا يقف الأمر عند فهم ما يحفز الموظفين، بل على القائد خلق بيئة عمل تدعم تلك المحفزات المعنوية والمادية، لكن في سوق العمل الحقيقي، الأمر ليس بهذه البساطة، إذ تشير الدراسات إلى أنّ ثمانية من كل عشر موظفين يشعرون بنوع من عدم الامتنان والتقدير داخل مؤسساتهم، وهنا يأتي دور القائد الناجح في تبني استراتيجيات أو أساليب جديدة وتطوير نهج منظم لتحفيز موظفيه ودعم الموارد البشرية العاملة التي تشكل عصب مؤسسته.
وجود كوادر مُحفزة يعني نتائج إيجابية وبيئة عمل داعمة ومحببة، حيث يؤثر تحفيز الموظفين على المؤسسة بمجموعة المزايا التالية:
الموظف المُتحفز والسعيد في عمله سيكون بالتأكيد ذو كفاءة وثبات أكبر في تنفيذ المهام، مما يُعزز من الربحية والإنتاجية، إذ تشير الدراسات الحديثة إلى أنّ الشركات التي تمتلك موظفين مُحفزين وملتزمين تزداد أرباحها بنسبة 21%، عندما يصب الموظف مجمل جهده على عمله، فإنّه سيكون أكثر استعدادًا لتقديم المزيد بما يدعم تحقيق الأهداف.
لا يقتصر دور تحفيز الموظفين في تحسين كفاءة الإدارة والجانب الداخلي للمؤسسة، بل ينعكس على صورة المؤسسة وتجربة العملاء، بحسب الدراسات يقدم الموظفون المُحفزون خدمة أفضل بنسبة تصل إلى 37% من أقرانهم غير المُحفزين، كما أنّهم أكثر قدرة على توطيد علاقاتهم مع العملاء والمحافظة على نظرية إدارية تتمحور حول وضع الحلول.
تعتبر مهمة الاحتفاظ بالموظفين من أكبر تحديات قادة الموارد البشرية، والتحفيز من أكبر ركائز هذه المهمة، ففي أي بيئة مُحفزة تنخفض معدلات غياب الموظفين بنسبة 41% ومعدلات دوران الموظفين بنسبة 59%، كما أن كلفة استبدال المواهب ستكون أقل، علمًا أنّ كلفة الاستغناء عن موظف ماهر واستبداله بآخر تعادل حوالي 30% من راتبه على مدار عام.
ثقافة الشركة المبنية على أسس التحفيز والتشجيع تدفع للعمل الجماعي والإبداع والتحسين المستمر، نظرًا لأن الموظف الذي يشعر بالتقدير سيكون أكثر قابلية لتقديم أفكار جديدة والابتكار وترسيخ قيم وثقافة الشركة وتحقيق أهدافها، وبالتالي تحويل أدائه العالي إلى نهج عمل متواتر.
في هذا العصر، لم يعد التوظيف مقرونًا بالراتب، بل أصبح العامل يتوقع ما هو أبعد من ذلك، وهو تحقيق هدف أو فائدة، لذا عندما يشعر الموظف بأنّ عمله ذو معنى حقيقي فإنّهم تلقائيًا سيكونون أكثر انخراط وتركيز على مهامهم عالية التأثير.
إن كنت قائد مؤسسة أو مدير موارد بشرية وترغب بالاطلاع على بعض الاستراتيجيات والممارسات الأساسية التي من شأنها دعم مهمتك في تحفيز موظفيك في نهاية السنة ورفع مستوى الأداء وإعادة ضخ الزخم التنظيمي والتأسيس لنجاح جديد وبداية قوية للعام القادم، إليك فيما يلي مجموعة من الاستراتيجيات الفعالة:

تحفيز الموظفين يبدأ من القائد، القيادة لا تعني إدارة الفرق وتوزيع المهام وحسب، بل يُطلب من القائد أن يبني دافع مستدام يتجاوز الأنشطة والإجراءات الموسمية، متجاوزًا مجرد تنظيم لقاءات لبناء الفريق والتي تُعقد عادةً مرة أو مرتين في العام، لا عليه العمل على التحفيز المستدام للموظفين، وذلك يعني منحهم الدافع للاستيقاظ في كل صباح وبذل قصارى جهدهم.
القائد ربان السفينة، هو من يوقد الشرارة ويحافظ عليها، وبالتالي عليه وضع التذكيرات والأنشطة اليومية والأسبوعية والشهرية، عليه ترسيخ ثقافة مساءلة يتشارك فيها الجميع مسؤولية النجاح المؤسسي، وأن يتواجد في الميدان ليرى كل التفاصيل عن قرب.
كما يتوجب على القائد الاستثمار في التدريب المنتظم لرفع الثقة والكفاءة، وتسليط الضوء على أفضل العناصر لأن ذلك يرفع سقف التوقعات ويصنع معيارًا لأداء الفريق، مع مراعاة أنّ المعنويات هي نتيجة مشاعر يجب مراعاتها بقيادة حاضرة وواثقة، تعمل على بث الطمأنينة لدى أعضاء الفريق في أوقات الأزمات قبل الأوقات الهادئة والإيمان بقدرتهم على النجاح والتميز.
إن كنت تسعى لتحقيق ختام قوي للعام وبداية أمتن للعام القادم، تذكر أن تضع الإنسان في مركز اهتماماتك، واجعل من مسألة تحفيز الموظفين منهجة إدارية لا مناسبة موسمية، حينها ستعلم بأنّ أفضل ما تمتلكه مؤسستك ليس الموارد، بل ما تُوقظه من طاقات في كوادرها.